طالبت الحكومة العراقية بإجراء تعديلات"ضرورية"على مسودة الاتفاق الامني مع واشنطن، كي تصبح"مقبولة على المستوى الوطني"، ونقل مسؤول عراقي عن رئيس الحكومة نوري المالكي انتقاده الاتفاق بسبب"الشروط"الأميركية في مسائل السيادة والولاية القضائية وجدولة انسحاب القوات، وان"ما أعطاه الأميركيون باليد اليمنى اخذوه باليسرى"، فيما حذر رئيس هيئة الاركان الاميركية من"عواقب جسيمة"امنياً اذا لم تقر بغداد الاتفاق. وكان المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أعلن في بيان أمس ان"مجلس الوزراء اجتمع في جلسته الاعتيادية لمناقشة مسودة الاتفاق ... واجمع على ان تعديلات ضرورية عليها يمكن ان تجعلها بمستوى القبول الوطني". ودعا الوزراء الى"تقديم تلك التعديلات ليتم تضمينها في المفاوضات مع الجانب الاميركي". وتابع ان"المجلس ثمّن جهود الفريق العراقي المفاوض وما حققه من تقدم في المفاوضات والاقتراب من الثوابت التي حددتها الحكومة في بداية المفاوضات". وكان القيادي في"المجلس الأعلى الاسلامي العراقي"همام حمودي قيادي شيعي انتقد بعض بنود المعاهدة، ولفت بعد لقائه بنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، الى ان تنفيذ بعض فقرات الاتفاق يخضع للكثير من الشروط والمحددات،"خصوصاً المتعلقة بالسيادة والولاية القضائية وحركة القوات وجدولة خروج القوات من المدن". وقال:"وضعوا شروطا ومحددات قابلة للنقض وكأنما لم يعطوا شيئاً". واضاف:"نحن نحاول رفع هذه المحددات والشروط". واضاف:"ان رئيس الوزراء يقول إن ما اعطاه الأميركيون باليد اليمنى اخذوه باليسرى"، وأعطى مثالاً يتعلق بانسحاب القوات الاميركية قائلا:"إن الاتفاق يقول إن الاميركيين ينسحبون من المدن والقرى العراقية في حزيران يونيو 2009 اذا كان الوضع الامني يساعد على ذلك"متسائلاً"لكن من يحدد هذا الامر؟". ويعتبر تصريح حمودي، وهو احد القياديين في"الائتلاف العراقي الموحد"الشيعي أول تصريح من نوعه يتحدث فيه عن موقف رئيس الحكومة من الاتفاق حتى الآن. وكان"الائتلاف الموحد"أعلن مساء الأحد الماضي رفضه الاتفاق بصيغته الحالية وطالب بتعديله بسبب"الغموض"في بعض بنوده، خصوصاً المتعلقة بالسيادة والولاية القضائية وحركة القوات وجدولة انسحابها، كما طالب بضمانات كافية لعدم استخدام الاراضي العراقية في الاعتداء على الدول المجاورة. وعلى رغم ان الجانب الاميركي وافق على النقطة الأخيرة الا ان مصدراً في"الائتلاف"طلب عدم كشف اسمه قال ل"الحياة"إن"النص مبهم ويعطي الحق للقوات الاميركية بالردّ في حال تعرضت الى هجوم او تعرض امنها القومي الى تهديد من اية دولة". واضاف ان"الاتفاق يعطي الادارة الاميركية الحق بتحديد من سيمثل امام القضاء العراقي، ونحن الائتلاف نريد ان تحدد ذلك الحكومة العراقية". وكشف المصدر"ان الاطراف السياسية المكونة للائتلاف، خصوصاً المجلس الأعلى، لا ترغب بتوقيع الاتفاق مع ادارة الرئيس الحالي جورج بوش وتريد انتظار ما تسفر عنه الانتخابات الاميركية المقبلة"، مشيراً الى ان"استطلاعات الرأي كلها ترجح فوز المرشح الديموقراطي باراك اوباما. لذلك لا يريد الائتلاف ان يعطي نصرا للجمهوريين". لكن النائب عن التحالف الكردستاني عادل برواري اكد انه"ليس هناك ما يضمن حصول العراق على التنازلات نفسها من الادارة المقبلة ديمقراطية كانت ام جمهورية". واتهم"الاطراف التي تعرقل الاتفاق بالولاء لدول اقليمية وليس للعراق"، لافتا الى ان"غالبية دول الجوار لا تريد هذا الاتفاق، وتضغط على الاطراف الموالية لها لعرقلة تمريره". الى ذلك اكدت جبهة التوافق"السنية انها تريد"توافقا واجماعا وطنيا على الاتفاق الامني سواء بالرفض او القبول". واكد النائب عن التوافق عمر عبدالستار الكربولي ل"الحياة" ان"الاتفاق يجب ان يشبع بالنقاش والبحث في البرلمان للوصول الى صيغة ترضي الجميع حتى وان اجل التصويت عليه الى السنة المقبلة"، مشيرا الى ان"الاجماع الوطني يحتاج الى وقت طويل، ويجب عدم التسرع في اتخاذ اي قرار بشأن الاتفاق". من جانبه وصف رئيس الوزراء العراقي السابق إبراهيم الجعفري من طهران الاتفاق الأمني بأنه"وصمة عار"على جبين العراق، داعيا الشعب العراقي إلى رفضه. ويلاحظ انه باستثناء الكتلة الكردية التي عبرت عن موافقتها على الاتفاق من دون أي تحفظ لم تعلن الكتل السياسية والبرلمانية الاخرى عن موقفها النهائي من الاتفاق حتى الآن باستثناء"الائتلاف"الشيعي. من جهته حذر رئيس هيئة الاركان الاميركية الاميرال مايكل مولن العراقيين من"عواقب جسيمة"إذا لم يقروا الاتفاق. وقال إن"الوقت ينفد امامنا بشكل واضح"لافتا الى انه"عندما ينتهي تفويض الاممالمتحدة في 31 كانون الاول ديسمبر لن تكون القوات الامنية العراقية جاهزة لتتولى الامن"محذراً من ان"هناك احتمالا كبيرا لحدوث خسائر ذات عواقب جسيمة". وادلى الاميرال بتصريحاته قبل وصوله الى هلسنكي حيث التقى نظيره الروسي ليبحث معه في امكان تطبيع العلاقة بين روسياوالولاياتالمتحدة بعدما تأثرت بالنزاع الاخير بين روسيا وجورجيا. وتابع:"من الواضح ان الايرانيين يبذلون اقصى جهودهم للتأكد من عدم تمرير الاتفاق، وعلى الشعب العراقي ان يعي ذلك". واضاف مولن ان"الديبلوماسيين الاميركيين وكبار القادة العسكريين في العراق، بذلوا جهوداً استثنائية للتوصل الى هذه النتيجة النهائية من جانب الولاياتالمتحدة"في اشارة الى ان واشنطن لن تعيد فتح باب المفاوضات مجددا حول بعض البنود كما يطالب العراقيون. وختم مولن مؤكدا ان"الوقت حان لكي يتخذ العراقيون قرارا". وفي إشارة الى حجم الخلافات بين الكتل السياسية العراقية صرح وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الاثنين بأنه"من غير المرجح ان يقر البرلمان الاتفاق"قبل انتخابات الرئاسة الاميركية في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني المقبل. وكان السفير الاميركي راين كروكر قال الاثنين"إنه اتفاق مهم جدا يعيد للعراق سيادته ويسمح بوجود القوات الاميركية بشكل موقت لمساعدة القوات العراقية". وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن أول من أمس ان روسيا لن تعارض في مجلس الامن احتمال تمديد مهمة القوات الدولية في العراق اذا طلبت الحكومة العراقية ذلك. وينتهي التفويض الذي اوكله مجلس الامن للقوة المتعددة الجنسية في 31 كانون الاول 2008.