ألقت وزارة التربية والتعليم العُمانية حجراً كبيراً في"بحيرة هادئة"، حين قررت السماح للطلاب بإدخال هواتف نقالة إلى مدارسها. ولم تخفف الضوابط التي أعلنت عنها من استياء أهالي الطلاب الذين اعتبروا أن القرار الوزاري جاء متسرعاً، ويفضّل التراجع عنه لئلا تتحول فصول الدراسة إلى استعراض يومي لأحدث صيحات موضة"أجهزة المحمول"، وما تتضمنه من مزايا كالنغمة والصور ومقاطع الفيديو. وبعد أعوام من حملات"المطاردة"لاستخدام الطلاب الهواتف الخليوية في المدارس، رفعت وزارة التربية والتعليم العشرة بعدما أيقنت أن ذلك لم يعد مجدياً. وكانت دراسات وبحوث كشفت أن غالبية مشاكل الطلاب سببها هذه الأجهزة، فيما يقسو مدرسون على طلاب يضبطونهم بالجرم المشهود وفي حوزتهم هواتف خليوية، فيبالغون في عقابهم حتى ان أحدهم حطّم هاتف طالب بسيره فوقه بسيارته! في المقابل، يلفت مسؤول في الوزارة الى مسار آخر في مسألة التعامل مع مفردات التكنولوجيا الحديثة التي لا يمكن إغفال معطياتها، ولا مناص من السماح بها، ولكن وفق ضوابط، اذ لم يعد الهاتف الخليوي من الكماليات حتى بالنسبة الى الطلاب. توعية وتوجيه ويبدو أن الوزارة أرادت من خلال قرارها الجديد تغيير منهجية التربية وترسيخ أسلوب التوعية والتوجيه، بعدما ركزت سابقاً على العقاب والمصادرة والمنع. فحددت أدواراً للمدرسين ومديري المدارس وأهالي الطلاب للتعامل مع المشكلة بأسلوب مرن يتناغم مع متطلبات العصر، خصوصاً أن وظيفة الهاتف الخليوي تعدت كونها وسيلة اتصال الى حاسوب محمول، يمكن الإفادة منه في غرس الكثير من المفاهيم الأخلاقية عبر رسائل تربوية. والمشكلة ليست في الجهاز أو في التكنولوجيا، ولكن في عملية الاستخدام التي ينبغي استثمارها في أفكار إيجابية. وتساءل المسؤول التربوي عن جدوى ثقافة الممنوع في عصر الفضائيات، مؤكداً أنه"لا بدّ من توضيح الايجابيات كي نحدّ من السلوكيات الخاطئة، والتعامل مع الطالب كشخصية متوازنة، والتعاطي مع استخدامه للخليوي داخل المدرسة وخارجها في شكل أفضل، وغرس قيم تحمّل المسؤولية والرقابة الذاتية والمحافظة على الممتلكات الشخصية في نفسه". وترافق قرار السماح للطلاب بحمل هواتفهم الخليوية في المدارس مع ضوابط، منها موافقة خطية من الأهل، وإغلاق الهاتف خلال اليوم الدراسي، وعدم استخدامه إلا بإذن مباشر من إدارة المدرسة، وعدم إعارة الطالب جهازه الى رفاقه، وعدم تحمّل المدرسة المسؤولية عن أي عطل يطرأ على الجهاز أو فقدانه، وحق المدرسة في مصادرة الهاتف النقال في حال تكرار المخالفة، وعدم إرجاعه الى الأهل إلا بتعهّد خطي. وفي حال استخدام الطالب الهاتف النقال بأسلوب غير أخلاقي أو مضر بأحد العاملين في المدرسة أو بطالب آخر، يُصادر الهاتف وتبلّغ الجهات المعنية لاتخاذ العقوبات المنصوص عليها في لائحة شؤون الطلاب الخاصة بالمشاكل السلوكية والأخلاقية، وعند ضبط أي طالب يستخدم هاتفه خلال الامتحان تطبّق في حقه العقوبات المنصوص عنها ويحرم من إكمال الامتحان. يذكر أن قانون الاتصالات الصادر أخيراً يعاقب مستخدم رسائل نصية مخلّة بالآداب بالسجن مدة سنة وتسديده غرامة مالية. نشر في العدد: 16663 ت.م: 17-11-2008 ص: 27 ط: الرياض