بعد الانتخابات العامة في الرابع من تشرين الثاني نوفمبر المقبل، لدى الرئيس الأميركي الجديد 77 يوماَ فقط من الفترة الانتقالية قبل تسلمه الحكم رسمياً، لذا بدأ كل من المرشح الديموقراطي باراك اوباما والجمهوري جون ماكين التحضير لهذه المرحلة قبل شهر واحد من معرفة الفائز في السباق الى البيت الأبيض. اوباما اختار جون بوديستا، كبير موظفي البيت الأبيض في عهد بيل كلينتون 1998 - 2001، لإدارة هذه المرحلة الانتقالية من مقر إقامته في واشنطن. بوديستا استاذ جامعي في مركز القانون في جامعة جورجتاون، يعمل في مجوعة ضغط فأنشأها مع اخيه عام 1988 وهو أيضاً رئيس"مركز التقدم الأميركي"، الذي وصفته صحيفة"نيويورك تايمز"بأنه"نوع من حكومة المنفى تنتظر ان يستعيد الديموقراطيون السلطة"، لما فيه من شخصيات بارزة. وينسق مرحلة ماكين الانتقالية الجمهوري المخضرم وليام تيمونز الذي يملك خبرة طويلة في هذا المجال اذ عمل مع كل الرؤساء الجمهوريين منذ ريتشارد نيكسون، وهو ناشط في مجموعات الضغط في واشنطن منذ السبعينات، ومن ابرز زبائنه"المعهد الأميركي للبترول"وشركة العقارات"فريدي ماك"التي تدخلت الحكومة الأميركية الشهر الماضي لإنقاذها من تراكم ديونها. وسيساعد تيمونز في هذه المهمة في مقره في مدينة ارلينغتون في ولاية فيرجينيا، وزير البحرية في عهد الرئيس رونالد ريغان جون لايمن الذي كان في عداد لجنة التحقيق في أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001. وأكد نائب مدير مكتب الإدارة والموازنة في البيت الأبيض كلاي جونسون ل"نيويورك تايمز"ان موظفين من البيت الأبيض اجتمعوا مع ممثلين عن المرحلة الانتقالية لكل من اوباما وماكين. وأضاف"كل من الحملتين يفعل ما يحتاج ليكون مستعداً للحكم بحلول ظهر 20 كانون الثاني يناير"المقبل. وتابع جونسون الذي كان المدير التنفيذي لفترة بوش الانتقالية عام 2000 ، ان"حجم العمل الذي يُجرى القيام به قبل الانتخابات، رسمياً او غير رسمي، هو اكثر من أي وقت مضى". ونقلت"نيويورك تايمز"عن باحثين ومؤرخين في الرئاسة الأميركية ومسؤولين سابقين في البيت الأبيض قولهم انه ليس مبكراً التحضير لهذا الأمر وكان يجب بدء الإعداد له قبل اشهر، لا سيما في ظل الأزمة المالية في"وول ستريت". وحذر لايمن في حديث الى الصحيفة من هذه المرحلة قائلاً:"في كل فترة انتقالية، هناك فراغ كامل من ثلاثة أشهر الى سنة"وأضاف:"انه أمر مروع. في 11 أيلول، كان الرئيس بوش قد عين 30 بالمئة فقط من فريق الأمن القومي، وهذا بعد ثمانية أشهر من حفلة التنصيب". وقالت مساعدة وزير الأمن الداخلي ايلين دوك ان الوزارة جاهزة للتنسيق مع ممثلين عن الفترة الانتقالية قبل الانتخابات، مشيرة الى انه لم يتصل بعد اي من فريق عمل اوباما او ماكين لهذه الغاية. وأضافت:"الإرهابيون ينظرون الى الحكومات الانتقالية بأنها فترات من الهشاشة المتزايدة"، في إشارة الى انفجار مركز التجارة العالمي بعد خمسة اسابيع من تسلم بيل كلينتون الحكم عام 1993، وانفجار القطار في مدريد ثلاثة ايام قبل الانتخابات العامة في 2004، وانفجار السيارة في لندن وغلاسكو، بعد ايام من تسلم رئيس الوزراء غوردون براون منصبه العام الماضي. وكان بوش طلب من الكونغرس في شباط فبراير الماضي، نحو 35 مليون دولار لتمويل هذه المرحلة الانتقالية، بما فيها 8,5 مليون دولار لإدارة الخدمات العامة التي توفر المكاتب وأجهزة الكومبيوتر والهواتف وخدمات السفر لفريق عمل المرحلة الانتقالية، لكن الكونغرس لم يتجاوب مع هذا الطلب بما ان بوسع الرئيس الجديد استخدام التبرعات الانتخابية لتمويل هذه الفترة. وعلى الرئيس الجديد تعيين حوالى 1,100 موظف حكومي، فيما أشار جونسون الى ان مجلس الشيوخ عادة يوافق على 25 عضواً فقط من إدارة الرئيس حتى الأول من نيسان ابريل المقبل، مشدداً ان على الكونغرس هذه المرة في ظل مرحلة ما بعد 11 ايلول الموافقة على 100 تعيين بحلول نيسان و400 بحلول آب اغسطس المقبل. وحتى في التقرير الأخير للجنة التحقيق في 11 أيلول، ذكر ان على البيت الأبيض والكونغرس"تسريع الترشيح والتقارير المالية والتصاريح الأمنية ومسار التصديق على تعيين مسؤولي الأمن القومي"في الإدارة الجديدة. ويدعو قانون الانتخابات لعام 2004 كل مرشح عن الحزبين الجمهوري والديموقراطي الى تقديم طلبات لتصريحات أمنية لأعضاء محتملين في الإدارة الانتقالية قبل موعد الانتخابات العامة، وذكرت دوك ان كل من اوباما وماكين قدما ما يقارب مجموعه 100 شخص لهذه الغاية. بعد شهر فقط من تسلم ريغان منصبه، أرسل فريق عمله في 18 شباط 1981 مشروعاً متكاملاً الى الكونغرس تحت عنوان"ثورة ريغان"تتضمن خفض ضرائب وتقليص في الموازنة، وشكل هذا القانون برنامج حكم ريغان على مدى أربع سنوات. هذه الفترة الانتقالية تحدد جدول أعمال الرئيس والتوجهات المستقبلية لولايته الرئاسية، وتركيز المرشحين عليها منذ الآن، يعكس مدى إدراكهم لحجم الصعوبات والتحديات حين تعلن النتائج.