حمّل صندوق النقد الدولي واشنطن والعواصم الأوروبية مسؤولية فشلها في احتواء الأزمة المالية العالمية ودرء أخطارها الاقتصادية قبل استفحالها. وتوقع توقف عجلة النمو في الدول المتقدمة حتى منتصف السنة المقبلة، على أقل تقدير، وتأثر الاقتصادات الصاعدة والنامية سلباً على رغم حملها عبء الاقتصاد العالمي بمفردها. وتفاوتت سلبية التوقعات الاقتصادية بالنسبة إلى آفاق نمو الاقتصادات العربية لكنها بقيت في مجملها محدودة. وكشف الصندوق أبعاداً جديدة للأزمة المالية، رافعاً تقديراته لخسائر الرهن العقاري المعلنة والمتوقعة، إلى 1.4 تريليون دولار. وأشار إلى أن المصارف الأميركية والأوروبية"تحمل العبء الأكبر من الخسائر، إذ يقدّر أن تراوح حصتها بين 725 و820 بليون دولار، إلا أن خسائر تراوح بين 100 و250 بليوناً، ستكون من نصيب كل من اللاعبين الكبار الآخرين في الاستثمار العقاري، . وأعلن المستشار الاقتصادي في صندوق النقد أوليفييه بلانشار أمس، أن الاقتصادات الصناعية الكبرى"انزلقت إلى الركود أو اقتربت منه"، متوقعاً أن"تستعيد قدرتها على النمو في النصف الثاني من 2009، إلا أن ضغوط انعدام الثقة وأزمة الائتمان المرجح استمرارها حتى 2010، تجعل من المحتمل أن يكون الانتعاش بطيئاً". توقعات النمو ولخص صندوق النقد العواقب الاقتصادية للأزمة المالية في تقرير"آفاق الاقتصاد العالمي"وأهمها أن الاقتصاد العالمي، الذي نما بنسبة 5 في المئة في 2007 رافعاً قيمة ناتجه إلى 54.3 تريليون دولار، سينمو بنسبة 3.9 في المئة العام الجاري، و3 في المئة في 2009. وبسبب ضخامة حصتها في الناتج العالمي، تركز التباطؤ المتوقع في الاقتصادات المتقدمة التي ستنخفض نسبة نموها من 2.6 إلى 1.5 و0.5 في المئة على التوالي. لكن نسبة نمو الاقتصادات الصاعدة والنامية ستتراجع هي أيضاً، من 8 في المئة في 2007 إلى 6.9 و6.1 في المئة. وعكست التوقعات الجديدة حصول تحسن طفيف في فرص نمو الاقتصاد الأميركي العام الجاري، مقارنة بالتوقعات التي أصدرها الصندوق استثنائياً في تموز يوليو الماضي. لكن سيكون العام المقبل"كارثياً"بالنسبة إلى معظم الاقتصادات المتقدمة، بما فيها الولاياتالمتحدة. إذ يُتوقع أن يأتي النمو سالباً في بريطانيا واسبانيا وايطاليا 0.2 في المئة وأقل في أميركا ومنطقة اليورو، التي سيدعمها نمو ألمانيا بنسبة 1.8 في المئة خلال العام الجاري والسنة المقبلة. ولفت بلانشار إلى أن الدول النامية"حققت إنجازات ضخمة في تعزيز اقتصاداتها وقطاعاتها المالية، لا سيما احتياطاتها من العملات الأجنبية، مستفيدة من مكاسب أسعار الطاقة والسلع في السنوات الماضية". لكنه شدد على أنها"ليست محصنة كلياً ضد الأزمة المالية"، مشيراً إلى أن أكبر الأخطار التي تواجهها"لا يأتي من احتمال تباطؤ صادراتها فحسب، بل من انخفاض معدل تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى أسواقها أو خروجها المفاجئ". وخفّض الصندوق توقعات النمو أو رفعها للدول النامية، لكن بدرجات متفاوتة. وفي حين سيتراجع النمو في روسيا وبحدة أقل في الصين والهند، يُرجح أن يتسارع بقوة في المغرب إلى 6.5 في المئة والسعودية 5.9 والكويت 5.9 ولبنان 6 خلال العام الجاري، قبل أن يتراجع قليلاً في معظم الدول العربية في 2009. وسيترتب على قوة الاقتصادات العربية أن نسب التضخم ستبلغ ذروتها في الخليج والمشرق، باستثناء مصر ثم تبدأ العام المقبل في الانخفاض تدريجاً، في السعودية والإمارات والكويت، وبحدة في الأردن ولبنان.