يصوت البرلمان التركي غداً الاربعاء على طلب الحكومة تمديد الإذن السنوي لها لارسال قوات الى شمال العراق اذا اقتضت الحاجة، ومن المتوقع ان يصوت كل النواب بالموافقة، ما عدا عشرين نائباً كردياً ينتمون الى"حزب المجتمع الديمقراطي"الذي يعارض التعامل مع الحزب الكردستاني بالوسائل العسكرية. وردت تركيا عبر غارات جوية في شمال العراق على هجوم المتمردين الأكراد الذي أدى إلى مقتل 17 من جنودها، في وقت أعلن"حزب العمال الكردستاني"احتفاظه بجثتي جنديين تركيين قُتلا في العملية ذاتها. وتعقد الحكومة التركية اجتماعاً ثانياً للجنة مكافحة الارهاب بعد غد الخميس لمراجعة مطالب الجيش، وبينها شن عملية برية واسعة في شمال العراق وتشكيل شريط امني بعمق 20 كلم داخل الاراضي العراقية لمنع تمركز وتسلل عناصر حزب العمال الكردستاني هناك والى تركيا، إضافة الى مطالب بالغاء بعض الاصلاحات السياسية التي اقرتها الحكومة في اطار مسيرتها باتجاه العضوية في الاتحاد الاوروبي بحجة انها تعيق عمل الجيش وقوات الامن بشكل فاعل ضد المتعاونين من المدنيين مع الحزب الكردستاني. في غضون ذلك، طالبت المعارضة القومية بتنفيذ خطة الجيش لاجتياح شمال العراق والاستفادة من انشغال الولاياتالمتحدة بالازمة المالية التي تعصف بها والانتخابات الرئاسية هناك. لكن حكومة رجب طيب اردوغان تفكر في خيار اجراء عملية برية محدودة للرد على الهجوم من دون استفزاز واشنطن التي تمد تركيا بصور الاقمار الاصطناعية لمنطقة شمال العراق والتي بفضلها تمكن الجيش التركي من شن غاراته على معاقل الحزب الكردستاني طوال العام الماضي. وكان الجيش التركي أعلن في بيان مواصلة قواته"ملاحقة العناصر الارهابية التي شاركت"في الهجوم الذي استهدف قواته الجمعة في مخفر أق توتون وأسفر عن مقتل 15 جندياً تركياً وفقدان اثنين. وأوضح ان مقاتلاته الحربية شنت غارتين جديدتين مساء الاحد وصباح الاثنين ضد قواعد للانفصاليين الاكراد في منطقة افاسين-باسيان في شمال العراق رداً على هجوم الجمعة . واضاف البيان ان الغارات استهدفت متمردين كانوا يحاولون"الفرار"مضيفاً ان"طائراتنا حققت مهمتها وعادت الى قواعدها سالمة". ولم ترد مؤشرات فورية عما اذا كانت الغارات قد اوقعت خسائر مادية او بشرية. ورجح مسؤول عسكري تركي أن يكون الجنديان المفقودان قتلا اثناء اشتباكات الجمعة، لكنه رفض التعليق على ادعاء حزب العمال الكردستاني بأن جثة الجنديين محتجزتين لديه في شمال العراق. من جهته، أعلن"حزب العمال الكردستاني"احتفاظه بجثتي جنديين تركيين اعتبرهما الجيش مفقودين، ما يرفع حصيلة الهجوم الى 17 قتيلاً في صفوف الجنود. وكان الجيش التركي أعلن يوم أول من أمس أن هذين الجنديين"قُتلا على الأرجح". وجاء في بيان ل"العمال الكردستاني"أن"قوة شعب كردستان"الجناح العسكري في الحزب"خاضت معارك في منطقة شمزينيان"، مشيراً الى"مقتل 62 جندياً تركياً وجرح 32 آخرين". واوضح أن"القوة تحتفظ بجثتي جنديين تركيين". وتابع أن القوات"هاجمت معسكر بزلي من أربعة محاور بمشاركة مئتي مقاتل واستخدم الجانب التركي مروحيات سقطت واحدة منها ... كما استولت على 15 قطعة من الاسلحة الخفيفة والثقيلة ودمرت اسلحة ثقيلة في مكانها لصعوبة نقلها الى مواقع أخرى". وكانت هيئة الاركان التركية اعلنت مقتل 15 جندياً و23 متمرداً كردياً في معارك الجمعة الماضي في اقليم هاكاري. لكن مسؤولاً رفيع المستوى في"حزب العمال الكردستاني"رفض كشف اسمه قال لوكالة"فرانس برس"إن عدد قتلى المتمردين في هجوم الجمعة الماضي"لا يتجاوز تسعة مقاتلين". وطالب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان شعبه بالتحلي بالصبر والمعنويات المرتفعة لمواجهة"حزب العمال الكردستاني"و"عملياته الارهابية"واكد أن حكومته ستقوم بالرد المناسب على هجوم الحزب ولكن في الوقت المناسب. وترأس أردوغان اجتماعاً لبعض الوزراء للبحث في متابعة الرد على هجوم المتمردين الأكراد. ووفقاً لصحف تركية، فإن أنقرة أرسلت قوات خاصة من سلاح البر الى المنطقة لمنع أي عملية تسلل جديدة من كردستان العراق. وكان نائب رئيس هيئة أركان الجيش التركي الجنرال حسن اغسيز اتهم أول من أمس ادارة كردستان العراق بدعم المتمردين الذين لجأوا بالالاف الى المنطقة عبر توفير"البنى التحتية مثل المستشفيات والطرق"لهم. كما دعا رئيس الوزراء التركي مجدداً أكراد العراق الى التحرك ضد الانفصاليين المتحصنين في أراضيهم، وقال:"يجب اتخاذ تدابير ضد قواعد حزب العمال الكردستاني. اننا في انتظار خطوات ايجابية على الأرض". وحملت العديد من وسائل الاعلام التركية الجيش التركي مسؤولية مقتل 17 جنديا تركياً بحجة اهماله تدابير الامن والسلامة لجنوده المرابطين على الحدود مع العراق، خصوصا وأنها المرة الخامسة التي يشن فيها المسلحون الاكراد هجوما على ذلك المخفر خلال 15 عاما كان آخرها في أيار مايو الماضي. من جانبه يرفض الجيش تلك الاتهامات ويتهم الاحزاب الكردية في شمال العراق بالتعاون مع"حزب العمال"من خلال ترك عناصره يتحركون بحرية على اراضيه من دون التصدي لهم. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن بعض الأوساط السياسية أن هجوم الجمعة يضع الحكومة في وضع صعب، لأنه في حين تتكثف الدعوات للرد، على أنقرة ايضاً الحرص على عدم اثارة استياء حليفها الاميركي عبر شن هجوم واسع النطاق. وهاجمت تركيا، العضو في حلف شمال الاطلسي ناتو، قواعد"حزب العمال"في شمال العراقمرات في الشهور ال12 الماضية مستندة الى معلومات قدمها الأميركيون. واكتفت بضربات جوية منذ القيام بتوغل محدود في شباط فبراير الماضي. وتخشى واشنطن أن يؤدي شن عمليات تركية طويلة الامد في الاراضي العراقية الى مزيد من زعزعة الاستقرار في العراق والمنطقة. وانتقد بعض المعلقين الصحافيين حكومة"حزب العدالة والتنمية". وكتب معلق في صحيفة"حرييت"الواسعة الانتشار أن"الولاياتالمتحدة والحكومة العراقية مسؤولتان عن هذا الهجوم. لا نتحدث عن الادارة الكردية لانها متضامنة مع حزب العمال الكردستاني وليس مع تركيا". وطالب معلق آخر في صحيفة"وطن"بحزم اكبر ضد أكراد العراق، مذكراً بتهديدات الحرب التي أطلقتها أنقرة عام 1998 ضد سورية كي تطرد زعيم"حزب العمال الكردستاني"عبد الله اوجلان.