من المقرر أن تشهد الأسابيع المقبلة توافد عدد إضافي من البوارج والسفن والفرقاطات العسكرية من أوروبا وغيرها إلى البحر الأحمر وخليج عدن قبالة السواحل الصومالية، لتأمين خطوط الملاحة الدولية في هذه المنطقة، التي شهدت في الآونة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً لنشاط القرصنة البحرية ضد السفن التجارية، بصورة أثارت القلق لدى العديد من العواصم الأوروبية والعالم. وأعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أخيراً إنشاء وحدة خاصة لتنسيق جهود الاتحاد في التعامل مع مشكلة القرصنة قبالة الساحل الصومالي على أن يكون مقر الوحدة في بروكسيل وتضطلع بمهمة دعم المراقبة وحماية الأنشطة التي تقوم بها الدول الأعضاء أمام السواحل الصومالية. كما وافق الوزراء في اجتماع عقدوه يوم الاثنين 15 أيلول سبتمبر الجاري على خيار عسكري استراتيجي لعمليات بحرية أوروبية في المنطقة، معربين عن قلقهم البالغ تجاه أعمال القرصنة المتزايدة في هذه المنطقة وتدهور الوضع الإنساني في الصومال في شكل عام وإعاقة أنشطة القرصنة توصيل المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في الصومال. وأعلن بعدها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان بلاده اقترحت البدء بمهمة عسكرية جوية وبحرية في كانون الأول ديسمبر المقبل لمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية، مشيراً إلى أن باريس قدمت خياراً استراتيجياً يشمل"ثلاث بوارج تدخل على متنها قوات عسكرية، وسفينة دعم، وثلاث طائرات استطلاع"من دون توضيح المساهمات الأوروبية المحتملة في تلك القوة. وصادق الاتحاد الأوروبي على إنشاء"خلية تنسيق"تكلف بالحماية من القرصنة على ساحل الصومال في انتظار بعثة بحرية حقيقية تتشكل خلال الأشهر المقبلة. كما صادق وزراء الخارجية الاوروبيون أيضاً على"خيار عسكري استراتيجي في شأن عملية بحرية عسكرية جديدة محتملة ينفذها الاتحاد الأوروبي"في تلك المنطقة. وقالت وزارة الدفاع الإسبانية إنها سترسل طائرة عسكرية للقيام بدوريات حراسة قبالة ساحل الصومال لحماية السفن من القراصنة، بحيث تكون مهمة الطائرة وهي من طراز بي-3 توريون الحصول على معلومات عن تحركات القراصنة تنقلها إلى وحدة العمل التي شكلها الاتحاد الأوروبي لمكافحة القرصنة قبالة القرن الأفريقي. وأضافت الوزارة في بيان صحافي صدر بعد يومين من اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ان الطائرة التي ستقل 90 جندياً ستصل الى المنطقة، وستعمل انطلاقاً من قاعدة في جيبوتي. اليمن أول المتضررين اليمن الذي كان أول المتضررين من أعمال القرصنة البحرية قبالة شواطئه وفي المياه الدولية المحاذية لها، أعلن أن مصلحة خفر السواحل عززت من إجراءاتها لمكافحة القرصنة البحرية، بنشر ما يقرب من 1000 جندي و16 زورقاً حربياً حتى الآن مجهزاً بمختلف المعدات العسكرية في خليج عدن وباب المندب، كما كثفت من دورياتها الأمنية على مدار الساعة لتعزيز حماية السفن والحد من عمليات القرصنة التي يشنها الصوماليون في منطقتي خليج عدن وباب المندب، مضيفاً على لسان مصدر مسؤول في وزارة الداخلية اليمنية أن نشر هؤلاء الجنود جاء بعد إخضاعهم لبرامج تدريبية مكثفة لعمليات مطاردة القراصنة ورصد تحركاتهم في عرض البحر وتلبية نداءات الاستغاثة وتحرير السفن في حال وقوعها في أيدي القراصنة فضلاً عن تنفيذ برنامج تدريبي يغلب عليه التدريب القتالي استعداداً لأي مواجهات مسلحة. وأشار المصدر اليمني إلى أن عملية نشر الجنود تأتي في الوقت الذي يجري اليمن عمليات تنسيق مع القوات المشتركة للقرن الإفريقي وماليزيا واليابان بهدف إنشاء مركز إقليمي لمكافحة القرصنة وتعزيز جهود الحكومة اليمنية في حماية الطريق الملاحي الدولي الذي يمر عبر خليج عدن. وكانت تصاعدت وتيرة عمليات القرصنة في المياه اليمنية الإقليمية في خليج عدنوالبحر الأحمر خلال الأشهر الماضية من قبل قراصنة صوماليين وإريتريين، وطاولت قوارب صيد يمنية وسفناً أجنبية وكان ذروتها اختطاف السفينة الأوكرانية التي تنقل دبابات وأعتدة. وهذا التصعيد في القرصنة بات ينذر بكارثة اقتصادية على اليمن، في الوقت الذي يقدم الذرائع لمزيد من الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة، بعد أن أعلن عدد من الدول إرسال قطع بحرية لحماية سفنها. وقالت مصادر أمنية يمنية إن قوات خفر السواحل تمكنت من إنقاذ سفينة تجارية سعودية من قراصنة صوماليين اعترضوها أثناء مرورها في المياه الدولية لخليج عدن بينما كانت في طريقها من جدة الى البحرين. وأشارت المصادر نقلاً عن مسؤول العمليات في القوات البحرية اليمنية إنها تلقت نداء استغاثة عصر السبت في 13 أيلول من سفينة سعودية اسمها مؤمنة كانت تبعد 43 ميلاً بحرياً 90 كيلو متراً عن رأس قعوة في الساحل اليمني, وأنه تم تحديد موقع السفينة وإرسال احد قوارب خفر السواحل الذي كان في دورية بالقرب من موقع السفينة، موضحة بأن السفينة السعودية اعترضتها ثلاثة قوارب لقراصنة صوماليين أطلقوا أعيرة نارية في الهواء لإجبارها على التوقف, قبل أن تصل قوات خفر السواحل إلى موقع السفينة وتطارد القراصنة الذين فروا باتجاه المياه الصومالية، مشيراً الى انه تم مرافقة السفينة التي لم تصب بأذى إلى سواحل شقرة في محافظة حضرموت اليمنية شرق البلاد. وأعلنت البحرية الدنماركية ان إحدى سفنها الراسية في المنطقة تدخلت مرتين خلال الأيام الماضية لإحباط هجمات نفذها قراصنة بالقرب من خليج عدن. وفي مطلع أيلول الماضي أعلنت الخارجية المصرية خطف سفينة مصرية في منطقة أيل القريبة من منطقة بونت لاند الصومالية، وهي منطقة غير مستقرة، بحسب ما قال مسؤولون صوماليون أشاروا إلى أن السفينة المصرية احتجزت ضمن عشر سفن أخرى، منها يخت فرنسي يحمل على متنه مواطنين فرنسيين اختطف في وقت سابق في المنطقة نفسها التي كانت موقعاً للصيد، وأصبحت قاعدة للعصابات المسؤولة عن الزيادة الكبيرة في عمليات القرصنة. القراصنة"أريتريون"أيضاً وفي هذا السياق لا تزال قوارب الصيد اليمنية تتعرض بين حين وآخر لأعمال القرصنة، كما اختطف مئات الصيادين اليمنيين خلال الأشهر الماضية، وغالباً ما يقف وراء عمليات القرصنة تلك عصابات صومالية، بسبب القلاقل الأمنية التي تشهدها البلاد هناك، غير أن عمليات أخرى تعرض لها صيادون يمنيون كانت على أيدي جهات أرتيرية تقوم باختطاف الضحايا واحتجازهم لساعات وربما لأيام، قبل أن تصادر قواربهم، وممتلكاتهم، ويؤكد الضحايا أنهم تعرضوا في بعض الأحيان للتعذيب والاهانة من قبل"السلطات الإرتيرية". في مطلع آب أغسطس الماضي أعلنت وزارة الداخلية اليمنية أن قراصنة اريتريين استولوا على خمسة قوارب صيد يمنية أثناء وجودها في المياه الدولية، وقالت إن القراصنة اقتادوها تحت تهديد السلاح إلى منطقة طيعو الاريترية وصادروا محتويات القوارب بما فيها من أسماك ومواد غذائية وتموينية. وذكرت شرطة خفر السواحل اليمنية في منطقة البحر الأحمر أن الصيادين اليمنيين الذين تعرضوا للنهب وعددهم 36 صياداً وصلوا في وقت لاحق على متن قارب واحد يملكه أحدهم إلى ميناء الصيد في محافظة الحديدة بعد أن أمضوا يومين محتجزين لدى القراصنة الاريتريين, الذين نهبوا كل ممتلكاتهم بما في ذلك قوارب الصيد التي كانوا على متنها. هذه الحادثة كانت الثالثة من نوعها لأعمال القرصنة الإريترية التي تكشف عنها وزارة الداخلية اليمنية رسمياً خلال أقل من شهر. وكانت الداخلية اليمنية اتهمت في العاشر من آب السلطات الإريترية بممارسة التعذيب بحق 42 صياداً يمنياً اعتقلتهم في عرض البحر الأحمر، بينما كانوا على متن أربعة قوارب، حيث اقتادتهم مع قواربهم إلى جهة غير معلومة، واستولت على القوارب مع محتوياتها، ثم أعادت الصيادين على متن قارب واحد إلى ميناء الحديدة بعد أن امضوا ساعات طويلة في الحجز. ووفقاً لمصادر في خفر السواحل اليمنية في قطاع البحر الأحمر أفاد الصيادون أنهم تعرضوا للإهانة والضرب من قبل السلطات الاريترية، مشيرة إلى أن آثار الضرب كانت ظاهرة على أجساد الصيادين. وفي الوقت الذي تتصاعد عمليات القرصنة التي تشهدها السواحل اليمنية في خليج عدنوالبحر الأحمر والتي تطورت إلى اختطاف السفن الأجنبية، أعلنت السلطات اليمنية أنها ستستضيف مركزاً إقليمياً لمكافحة القرصنة البحرية بمشاركة حوالى20 دولة وبالتعاون مع المنظمة البحرية الدولية وسيُفتتح بداية السنة المقبلة 2009. وقال وزير النقل اليمني في تصريحات صحافية إن صنعاء ستستضيف اجتماعاً إقليمياً خلال الفترة من 23 الى 30 تشرين الأول أكتوبر الجاري للتوقيع على مذكرة تفاهم بين دول الإقليم لتفعيل التعاون والتنسيق في ما بينها لمواجهة هذه الظاهرة. وفي سياق الجهود الرسمية للحكومة اليمنية، وافق مجلس الوزراء على مذكرة تفاهم بين دول إقليم غرب المحيط الهندي وخليج عدن ومنطقة البحر الأحمر في شأن مكافحة القرصنة والسطو المسلح على السفن، وفوض المجلس وزير النقل بالتوقيع على المذكرة والإشراف على الإعداد والتحضير للاجتماع الإقليمي الثاني في شأن مذكرة التفاهم تلك، إلى جانب العمل على استكمال الإجراءات لإنشاء مبنى المركز الإقليمي لتبادل المعلومات حول عمليات القرصنة والسطو المسلح ضد السفن في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، لكن المجلس أكد في الوقت نفسه على أهمية قيام المجتمع الدولي بواجبه في دعم أمن واستقرار الصومال، ودعم حكومته الموقتة في تعزيز الأمن والسلامة في المنطقة. تنسيق يمني - دولي التحركات الدولية واليمنية هذه جاءت في أعقاب سلسلة من عمليات القرصنة التي طاولت سفناً أجنبية، حيث تلقت قوات خفر السواحل في قطاع خليج عدن أواخر آب الماضي بلاغاً بتعرض سفينة تنقل مواد كيماوية لحادثة اختطاف أثناء تواجدها في المياه الدولية في خليج عدن، مشيرةً الى أن السفينة تعرضت لقرصنة بحرية من قبل مسلحين مجهولين، وأنها حركت زوارقها لمعرفة الوجهة التى اقتيدت إليها السفينة المختطفة التابعة لحكومة هونغ كونغ وكذلك هوية الخاطفين. وفيما يقول بعض المصادر إن القراصنة الصوماليين والارتيريين خطفوا أكثر من 34 سفينة على الأقل في المنطقة منذ بداية السنة الجارية، حذر اقتصاديون يمنيون من مخاطر عمليات القرصنة التي تستهدف سفناً وناقلات تجارية دولية في المياه الدولية بمنطقتي القرن الأفريقي وخليج عدن على الاقتصاد الإقليمي، واليمني على وجه الخصوص، مشيرين إلى أن استمرار أعمال القرصنة في طريق الملاحة الدولية في هذه المنطقة سينعكس سلباً على شركات الشحن الدولية التي سترفع تكلفة التأمين على سفنها، وهو الذي سيؤدي إلى زيادة في القيمة الشرائية للسلع التجارية القادمة إلى اليمن. وإزاء التصاعد الملحوظ لأعمال القرصنة في المياه الإقليمية اليمنية وخطوط الملاحة الدولية في البحر الحمر وخليج عدن خلال الأشهر الأخيرة، أعلن عدد من الدول الغربية سعيه لتأمين خط الملاحة الدولي الذي يمر في خليج عدن، وقالت وزارة الدفاع الكندية أنها ستنشر إحدى قطعها البحرية في غرب المحيط الهندي وجنوب خليج عدن، لحماية سفن المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، من أعمال القرصنة، في حين كانت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية قد أنشأت منطقة مراقبة أمنية بحرية في منطقة خليج عدن، واقترحت وزيرة الداخلية الأسبانية في وقت سابق على الاتحاد الأوروبي إرسال قوات إلى المياه البحرية في الخليج العربي والمحيط الهندي لحماية الملاحة الدولية من عمليات القرصنة، كما نقلت وسائل الإعلام عن قائد القوات الجوية الماليزية قوله إن قوات البحرية الماليزية قررت إرسال ثلاث سفن بحرية إلى خليج عدن لتوفير الحماية لسفنها التجارية بعد تزايد هجمات القرصنة في المنطقة، مشيراً إلى أن القوات الجوية الملكية الماليزية قدمت مساعدات عسكرية ولوجستية للسفن البحرية التي تبحر في اتجاه خليج عدن. ونقلت مصادر صحافية عن نائب رئيس الوزراء الماليزي القول بأن ثلاث سفن بحرية تحمل عدداً غير محدد من الجنود وطائرات هليكوبتر ستوفر الأمن لخمس سفن تعود ملكيتها لشركة الملاحة الماليزية. التحرك الماليزي هذا يأتي بعد اختطاف قراصنة مسلحين ناقلتين تابعتين لشركة الملاحة الماليزية في خليج عدن أواخر شهر آب من هذه السنة. مناشدات دولية وكانت منظمة العفو الدولية ناشدت في 12 أيلول الماضي السلطات الصومالية تقديم المساعدة لتحرير السفن المختطفة، مؤكدة بأن الخاطفين يحتجزون أكثر من 130 فرداً من طواقم السفن المحتجزة في المياه الصومالية التي يسيطر عليها القراصنة، مطالبة السلطات الصومالية"باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين الإفراج عن المختطفين". وفيما يسعى القراصنة للحصول على فدية من أصحاب السفن المختطفة، تتجاوز في كثير من الأحيان المليون دولار، تتزايد المخاوف من استخدام هذه المبالغ لتمويل أعمال التمرد في الصومال، حيث أعرب مبعوث الصومال لدى الأممالمتحدة أحمدو ولد عبدالله عن قلقه الشديد من أن ملايين الدولارات التى تدفع كفدية للقراصنة ومعاونيهم فى الداخل والخارج أصبحت تمثل تجارة رائجة تحقق ملايين الدولارات وتهدد الاستقرار فى الصومال ككل، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات قوية لمكافحة موجة القرصنة في خليج عدن قبالة سواحل الصومال. وكان مجلس الأمن الدولي صادق على مشروع يسمح بدخول سفن حربية تابعة لدول غربية الى المياه الإقليمية للصومال، للمساهمة في الحد من انتشار القراصنة الذين يشكلون خطراً على الملاحة الدولية في البحر الأحمر والمحيط الهادي، كما يعرقل جهود إيصال مساعدات الإغاثة إلى المتضررين في الصومال.