سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الناطق باسم التيار الصدري يدعو الى حل انساني لكركوك ويتحفظ عن تطبيق الفيديرالية في الظروف الحالية . العبيدي : الاتفاق الأمني مع واشنطن يحفظ مصالح الطرف الأقوى وان نكون قريبين من العرب لا يعني استعداء ايران
مع اقتراب الاستحقاقين المهمين في العراق، توقيع الاتفاق الأمني مع واشنطن وانتخابات مجالس المحافظات المرتقبة خلال أشهر، ارتفعت حدة السجالات السياسية بين مختلف الأطراف. وكان التيار الصدري أول من كشف مواقفه من هذين الاستحقاقين: رفضاً للاتفاق الأمني مع واشنطن وعدم خوض الانتخابات مباشرة. استشعر التيار منذ البداية"خطورة الاتفاق الأمني"على مصالح العراق، فجاءت تحذيراته مبكرة جداً قياساً بمواقف بعض"حلفائه"السابقين. وهو بالمناسبة، يؤكد، استقلاله بقراراته، خصوصاً عن ايران. ولا يخفي استياءه من اداء حكومة نوري المالكي واتباعها المحاصصة استراتيجية لها، لكنه حريص على التواصل مع منافسيه"حزب الدعوة"و"المجلس الأعلى"لتصويب العملية السياسية. ويرفض إرجاع قراره عدم خوضه الانتخابات بلوائح مستقلة الى الخشية من انكشاف انحسار شعبيته"فالسلطة ليست هدفاً، بل خدمة المواطنين هي الغاية". وعلى رغم تأييد التيار الفيديرالية من حيث المبدأ، لكنه يتحفظ عن تطبيقها في الوقت الحالي"لأنها قد تؤدي الى التقسيم"، فيما يشدد على الانتماء العربي والالتزام بقضايا الامة العربية وفي مقدمها قضية فلسطين. "الحياة"التقت في بروكسيل الناطق باسم التيار الصدري الشيخ صلاح العبيدي، الذي كان في زيارة الى البرلمان الاوروبي على رأس وفد من التيار، في بداية جولة شملت فرنسا، واستعرضت معه مواقف التيار من ابرز القضايا الحالية: أكد الناطق باسم التيار الصدري الشيخ صلاح العبيدي رفض التيار الاتفاق الأمني مع الولاياتالمتحدة لأسباب عدة أبرزها:"أنه يمس سيادة العراق لأنه يتم بين طرفين غير متكافئين، ويحمي مصالح الطرف الأقوى ويشرعن وجود القوات الأميركية في البلاد"، متوقعاً عدم إقراره"بسبب رفض قوى برلمانية كثيرة، على رأسها الكتلة الصدرية". وحذر من ان"إخراج العراق من سيطرة الأممالمتحدة وادخاله في اطار آخر بعنوان المعاهدة الأمنية مع الولاياتالمتحدة يحمل مخاطر عدة أهمها ان الشأن العراقي سيصبح تحت سيطرة دولة واحدة الولاياتالمتحدة هي الطرف الأقوى في الاتفاق الأمر الذي سيمنع أي فرصة للتفاعل مع أطراف اقليمية أو دولية فاعلة كالاتحاد الاوروبي". وقال العبيدي ان"التيار كان أول من حذر من مخاطر هذا الاتفاق على مصالح العراق، إذ انه ينزع عنه الغطاء الأممي ويضعه بعهدة دولة واحدة مسيطرة. وبما ان الاتفاق يبرم بين طرفين غير متكافئين تصبح الحكومة العراقية خاضعة لقرارات الطرف الأقوى، أي للقيادات الأميركية سواء السياسية أو العسكرية. وكون الاتفاق غير متكافئ يؤدي الى نتيجة واحدة وهي حفظ مصالح الطرف الأقوى فيه وتضييع مصالح الطرف الأضعف، وبالتالي المس بسيادة العراق". ولفت الى ان"الاتفاق يخضع العراق الى ضغوط أمنية كبيرة. فحتى قبل أيام، وحينما كان الوفد العراقي يتفاوض مع الأميركيين حول الاتفاق قامت القوات الاميركية بعملية عسكرية في منطقة طويريج محافظة كربلاء حيث مسقط رأس رئيس الوزراء نوري المالكي وعشيرته وأهله وقتلت بعضهم واعتقلت آخرين. وتمت هذه العملية بصورة منفردة ومن دون تنسيق مع السلطات المحلية أو الحكومة في بغداد، ما أثار استنكار السلطات المحلية ورئيس الحكومة. وهذا الأمر يتكرر كثيراً وفي مناطق مختلفة. ولذلك لا يمكن لأي اتفاق مع قوات الاحتلال ان يقيم توازناً معها مهما كانت الصيغ المطروحة". اقرار غير دستوري ولفت العبيدي الى أمر دستوري يبطل شرعية مثل هذا الاتفاق قائلاً:"ان ابرام الاتفاق، إذا تم، سيكون عملاً غير دستوري، لعدم وجود نص في الدستور، أو لوائح قانونية، تتم بموجبها المصادقة على المعاهدات"، محذراً من أن تحصل"المصادقة بموجب قوانين قيادة الثورة لحزب البعث المنحل. وهذه القوانين باطلة ما يعني حكماً بطلان اي اتفاق يتم بموجبها". ووصف علاقات التيار مع المرجعية الشيعية في النجف بأنها"طيبة ووثيقة. وهناك تواصل معها. ويهمنا كثيراً مواقف المرجعية خصوصاً في القضايا الحساسة. وأما بخصوص العلاقة مع حزب الدعوة والمجلس الاعلى الاسلامي العراقي فنحاول ان تكون ودية وطيبة. علاقاتنا مع الطرفين مرت بأزمات، وسعينا الى حل المشاكل بيننا وفتح صفحة جديدة". ورداً على سؤال عن الخلافات مع"الدعوة"قال العبيدي:"الخلافات مع الائتلاف العراقي الموحد تمحورت حول تبنيه لمبدأ المحاصصة في تشكيل الحكومة الوطنية، وهذا ما حذرنا من تداعياته منذ البداية. وتحولت هذه المحاصصة الى استراتيجية حتى في تعيين الموظفين في مناصب بسيطة، ما حوّل الدولة الى كانتونات تابعة لهذا الحزب او ذاك. ولم يراع هؤلاء الموظفون بالتالي المصلحة العامة للبلد، بل مصلحة الأحزاب والقوى التي ينتمون اليها". وأكد ان"التيار الصدري ليس ضد الفيديرالية من حيث المبدأ. فالمبدأ أقره الدستور. لكننا متحفظون عن تطبيق الفيديرالية في الوقت الحالي. فالضغوط التي تمارس لاستعجال تطبيقها في ظل المخاضات الصعبة التي يمر بها العراق ربما تؤدي بالبلد الى التقسيم بسبب الشكوك المتبادلة بين القوى السياسية، وحمى التسابق على مساحات أوسع لسيطرة الأحزاب. ان حسن تطبيق الفيديرالية يجب ان تتوافر له أولاً ظروف موضوعية ومقدمات أساسية أولها خروج قوات الاحتلال كطرف مؤثر في العملية السياسية في البلد، ما يتيح الفرصة أمام العراقيين للاختيار بحرية أكبر في مسائل اساسية كالأقاليم والفيديرالية. بالاضافة الى ذلك، هناك مشاكل اخرى في موضوع الفيديرالية حتى لو أقرت كمبدأ دستوري، منها تحديد نوع الفيديرالية وتفاصيلها وحدودها والعلاقات بين بعضها ومع المركز. وهذا يعنى ان نزاعات كبيرة ستنشب بين هذه الفيديراليات في حال تشكلت في هذه الفترة. ولفت العبيدي الى"حرص التيار على اقامة أفضل العلاقات مع اخواننا السنة. ولنا مواقف متقاربة من مسائل اساسية كالفيديرالية وكركوك وقانوني النفط والمحافظات. ونسعى الى التنسيق مع اخواننا السنة حول مختلف المسائل. لا نريد ان يكون هناك أي شرخ بيننا يمكن ان يؤدي الى خلافات. صحيح ان الأزمة التي اندلعت في 2006 بعد تفجير مرقدي العسكريين في سامراء وعرفت بالاقتتال الطائفي ألقت بظلالها على العلاقات بيننا لكننا حريصون جداً على ان تبقى هذه العلاقة جيدة جداً. ولم ندخر وسعاً في سبيل تحقيق ذلك. حل انساني في كركوك ودعا العبيدي الى"حل مسألة كركوك حلاً انسانياً. فكركوك تعرضت مرتين لضغوط لتغيير ديموغرافيتها: المرة الأولى، حينما مارس نظام صدام حسين ضغوطاً خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي، بجلب عائلات عربية وإسكانها في كركوك وتهجير عائلات كردية منها لتغيير ديموغرافيتها. والمرة الثانية لتغيير ديموغرافية كركوك جاءت من القوى الكردية بعد 2003 بجلب أعداد كبيرة من الاكراد، من مناطق مختلفة، واسكانهم في كركوك وممارسة ضغوط على التركمان في المدينة. هاتان المحاولتان لتغيير ديموغرافية كركوك تعرقلان الجهود لحل ازمة المدينة. ونحن في التيار الصدري نعتقد انه حتى لو تم الاتفاق على قانون الاقاليم والفيديراليات يجب ان تبقى كركوك اقليماً مستقلاً، وليست تابعة الى اقليم كردستان أو اي اقليم آخر". لن نخوض الانتخابات ورداً على سؤال كيف سيخوض التيار الصدري انتخابات مجالس المحافظات؟ بأي تحالفات؟ وهل يوجد تحالف مع تيار الاصلاح بزعامة رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري؟ أجاب العبيدي:"قررنا عدم خوض الانتخابات المقبلة مباشرة أو اقامة تحالفات سياسية، وقررنا بدلاً من ذلك دعم مرشحين مستقلين من التكنوقراط، ومنظمات المجتمع الوطني والنقابات والعشائر. يجب ابعاد مجالس المحافظات عن التسييس، إذ ان مجالس المحافظات تحولت، كما هو حاصل الآن، الى مقرات للأحزاب المسيطرة على هذه المجالس ما أدى الى خلل كبير في أدائها نتيجة غياب المحاسبة والشفافية. فالمحافظات بحاجة الى مجالس خدمية وإعمارية تضم كفاءات علمية كي تنهض بمهمة اعادة الاعمار، لا الى سياسيين يعطون اولوية للمصالح الفئوية. وأما علاقتنا مع الجعفري فهي طيبة، لكنها ليست تحالفاً. ونحن لسنا جزءاً من تحالف الاصلاح الذي يتزعمه الجعفري، وإن كنا ندعم حقه بممارسة دوره السياسي كأي طرف آخر". ورداً على اعتبار البعض عدم خوض التيار الانتخابات بقوائم مستقلة خوفاً من انكشاف انحسار شعبيته أجاب:"همنا الأساسي خدمة المواطنين، ولم نضع في اولوياتنا في يوم من الايام تسلم مناصب او السعي لتسلم مراكز في السلطة ولم نسع لتجيير مؤسسات محددة لمصلحة التيار الصدري كما فعلت احزاب كثيرة. وانما نسعى ان تكون المؤسسات التي يوجد فيها انصار التيار في خدمة كل المواطنين. كما لا أعتقد ان التيار انحسرت شعبيته، ولكن هذه المسألة لا تهم التيار كثيراً. همنا الأساسي في هذا المجال ان لا نعطي فرصة تقودنا من جديد الى حكم ديكتاتوري". العلاقة مع ايران... والعرب وعن علاقات مع ايران والدول العربية، يحيب العبيدي:"نسعى ان تكون علاقتنا مع الدول العربية طيبة. كانت لنا زيارات العام الماضي الى بعضها كسورية ومصر والسعودية، ولدينا توجه لزيارة دول خليجية والاردن قريباً. زعيم التيار قام قبل نحو سنتين تقريباً بزيارات الى بعض الدول العربية حاول فيها اقامة نوع من التوازن في العلاقات مع دول الجوار لكن الاحداث التي تلت تفجير سامراء حالت دون اتمام هذه الجولة". وعن انتماءات التيار ومواقفه من القضايا العربية يقول العبيدي:"نعتبر فلسطين قضية محورية لدينا، ورثناها عن مؤسس التيار محمد صادق الصدر والد مقتدى الذي وقف عام 1998 موقفاً مشرفاً وداعماً للانتفاضة الفلسطينية. وتابع مقتدى نهج والده بتأييد القضية الفلسطينية، ونفذ التيار سلسلة من النشاطات الداعمة للفلسطينيين خصوصاً للمطالبة برفع الحصار عن غزة. نحن نعتز بأننا مسلمون عرب شيعة وعراقيون. ولا نرى أي تعارض بين هذه العناوين. ان نكون شيعة لا يعني ان نكون غير عروبيين. بل بالعكس جذورنا عربية وانتماؤنا عربي. لكن ذلك لا يعني اننا نشعر بالعنصرية تجاه القوميات الأخرى، لأننا نعيش في بلد متعدد القوميات. نحن نؤكد انتماءنا الوطني للعراق على رغم الجذور الدينية للتيار الصدري. ولا نجد اي حاجز بين تبنينا للفكر الشيعي الاسلامي وانتمائنا الوطني للعراق أو للقومية العربية او للأمة الاسلامية. لذلك فان المزاعم التي تطلق حول تبعية التيار الصدري لايران غير صحيحة. فالتيار مستقل، وقراراته ذاتية مستقلة. وللأسف هناك مفاهيم مشوهة لدى البعض. فمثلاً، كي نكون قريبين من العرب يجب ان نكون على عداء مع ايران. نحن نحاول ان تكون علاقتنا طيبة مع كل الاطراف. والبعض يعتبر ان العلاقة مع ايران تعني التبعية ولا شيء غير ذلك. وهذا الامر غير صحيح. مقتدى الصدر اصدر بياناً قوياً حينما تحدث بعض السياسيين العراقيين عن ضرورة جلوس ايرانوالولاياتالمتحدة الى طاولة المفاوضات لحل المشاكل العراقية، معتبراً ذلك تدخلاً في الشأن الداخلي العراقي، ويعني تحديداً القبول بالتدخل الايراني في الشأن الداخلي العراقي بالاضافة الى القبول بالاحتلال الاميركي للعراق.