جدد المجلس النيابي اللبناني في الجلستين اللتين عقدهما امس، للجان النيابية وهيئة مكتبه، وأقر قانون إنشاء المجلس الدستوري كما عدّلته لجنة الإدارة والعدل. وأبقى المجلس سن الترشح كما جاءت في اقتراح لجنة الإدارة والعدل، أي ألا يقل عمر المرشح عن خمسين سنة ولا يزيد على أربع وسبعين، كما أبقى على اختيار عشرة أعضاء خمسة ينتخبهم المجلس أولاً ثم ينتخب مجلس الوزراء الخمسة الآخرين للحفاظ على التوازن الطائفي في توزيع الأعضاء من بين قضاة الشرف أو من أساتذة التعليم العالي الذين مارسوا تعليم مادة من مواد القانون. وافتتح رئيس المجلس نبيه بري الجلسة، في حضور رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والوزراء. وبوشر بدرس اقتراح القانون الرامي الى إلغاء القانون الصادر في تاريخ 9/6/2006 وتعديل القانون الرقم 250/93 المتعلق بإنشاء المجلس الدستوري كما عدلته لجنة الإدارة والعدل. وتليت المادة الأولى من الاقتراح، وتكلم رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم فلفت الى انه"تم اختيار القضاة، أي قضاة الشرف، خصوصاً ان هناك عدداً كبيراً اصبح في التقاعد وأصبح الاختيار يشمل الأساتذة المتعاقدين، مشيراً الى كيفية وضع المادة. وأبدى عدد من النواب رفضهم تحديد سن الترشح، بينهم نقولا فتوش وعبداللطيف الزين ونعمة الله ابي نصر وبيار دكاش، في حين ايده آخرون. وطالب النائب بهيج طبارة بإدخال القضاة العاملين. واقترح نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ان تقل المدة للذين مارسوا التعليم عن 25 سنة، فيما رأى النائب علي حسن خليل"أن هناك مصلحة في ان يعتبر القاضي العامل فور تعيينه مستقيلاً". ولفت النائب بطرس حرب الى ان القاضي يجب ان يعين، مشيراً الى"ان القضاة العاملين لهم الحق في ان يكونوا أعضاء في المجلس الدستوري". وعقب النائب سيرج طورسركيسيان بقوله:"في ما يتعلق بخمسة أعضاء، نحن نقول إننا لن نريد أن نسيس الموضوع، وكذلك في موضوع السن". وسأل النائب عبدالله فرحات: إلى أي قانون ستستند المحكمة لإصدار أحكامها، والمجلس الدستوري يستند الى أي قانون؟". فأجاب بري:"الى الدستور". وعلق فرحات:"أقترح تضمين القانون مواد يستند اليها القضاة في إصدار أحكامهم". ورأى النائب ابراهيم كنعان"أننا في صدد محكمة دستورية عليا، وإذا كنا نريد أن نعتمد المعايير الاستثنائية فالمفروض أن نختار المميزين". وقال النائب محمد الحجار انه"في موضوع المهل حول ترشيح خمسة نواب، في حال لم يتم انتخاب أشخاص مرشحين من طوائف معينة يصار الى البحث في الأمر". وقاطعه بري:"مجلس النواب عليه ان يوجه التعيين بواسطة الانتخاب. لنفترض أنه تم انتخاب اثنين من طائفة واحدة، عندها تستطيع الحكومة أن تراعي التوازن". واعتبر السنيورة ان"من الحكمة إدخال القضاة العاملين الى المروحة التي يتم اختيارها، ومن يريد أن يرشح نفسه فليستقل من القضاء، وهذا يعطي حوافز إيجابية". وأضاف:"أما في موضوع سن الترشح، فلا شك في أن تحديد سن ال74 أمر مهم جداً، ويجب علينا أن نعيد الشباب الى الإدارة، وبعد 6 سنوات يصبح القاضي في الثمانين، وهي سن ملائمة جداً، ويجب عدم تخطيها... وبالنسبة الى الأستاذ الجامعي، يفترض أن يكون معه دكتوراه، وعلى القاضي أن تكون لديه 20 سنة خبرة، وأعتقد أن النص الموجود لم يحدد أين علم وأين مارس، وفي هذا حكمة. والحكومة عندما تعين الخمسة عليها أن توازن إذا كان المجلس انتخب أشخاصاً يحملون شهادة في العلوم السياسية والإدارية، فيجب أن تزال الفقرة"ه"، ويجب إعطاء تعويض عن كل سنة خدمة في المجلس الدستوري وليس في الإدارات". وقال وزير العدل إبراهيم نجار:"من الجيد والحكمة ان يكون المجلس الدستوري متوافقاً عليه في شكل سليم، ولا يكون موضع تشكيك أو طعن، ومن المفروض بالمجلس الدستوري أن يكون متعالياً. التوافق في هذه المرحلة هو مدخل الى حياة سياسية متوافقة مع الحقبة المقبلة. والفكرة الثانية هي أن يكون القاضي راغباً في الانضمام الى المجلس الدستوري". ثم بدأ التصويت، وسقط اقتراح إضافة القضاة العاملين، وعدم التقيد بالسن. وكانت الجلسة عقدت في ظل إجراءات أمنية مكثفة، لم تشهدها الساحة في الجلسات السابقة. ومنع الدخول الى منطقة الوسط التجاري إلا للموظفين في المؤسسات التي تقع ضمن الحزام الأمني للمجلس. وفي الجلسة التي خصصت لانتخاب اللجان النيابية، أعيد انتخاب أميني سر مكتب المجلس والمفوضين الثلاثة. وأبرز ما جاء في انتخاب اللجان، ان حل النائب علي خريس محل الوزير غازي زعيتر في لجنة الإدارة والعدل، وفي لجنة الشؤون الخارجية حل النائب غسان تويني مكان الوزيرة بهية الحريري، وانتخب محمد أمين عيتاني ومروان حمادة في لجنة التربية والتعليم العالي والثقافة محل الوزيرين وائل أبو فاعور وبهية الحريري، وانتخاب الحجار رئيساً للجنة. واقتصرت التغييرات في اللجان الباقية على تعديلات طفيفة ضمن الكتل نفسها، حل فيها نواب مكان الوزراء. وخلال استراحة بين الجلستين، قصد عدد من النواب مقهى"الايتوال"القريب من المجلس. وجلس نواب الأكثرية، الى الطاولات في الباحة الخارجية للمقهى، في حين جلس نواب من تكتل"التغيير والإصلاح"في الداخل. ولدى مرور أحد نواب التكتل من أمام نواب الأكثرية الجالسين في الخارج، مازحه أحدهم:"لماذا لا تجلسون هنا، هل تخافون الجلوس معنا؟". بعد الجلسة وبعد جلستي المجلس، استقبل بري رئيس الحكومة وعدداً من النواب والوزراء الذين غادروا، ثم عقد اجتماعاً مع السنيورة الذي قال:"اصبح لدينا الآن قانون المجلس الدستوري فهذا انجاز مهم والآن التحدي الأكبر هو في عملية انتخاب أعضاء المجلس الدستوري ومن ثم انطلاقه في عمله"، لافتاً الى أن اختيار اعضاء المجلس"هو التحدي الآن للمجلس النيابي وللحكومة". وجدد السنيورة"الحرص على علاقات سوية وسليمة بين لبنان وسورية، والعمل على تعميقها في كل المجالات، ولكن دائماً يجب أن تكون هذه العلاقة مبنية على الاحترام الكامل لسيادة وحرية لبنان، وأيضاً سيادة سورية وحريتها، معتبراً رداً على سؤال أنه من الطبيعي إعادة النظر في الاتفاقات والمعاهدات التي عقدت سابقاً. وحول لقائه بري، أجاب:"التشاور مستمر ودائم بيني وبين الرئيس بري وليس فقط خلال وجودي في المجلس، انما اللقاءات والاتصالات الهاتفية مستمرة بيننا". وقال رداً على سؤال عن التوافق على تعيينات المجلس الدستوري في مجلس الوزراء:"قبل أن نصل الى مرحلة التعيين في مجلس الوزراء هناك جلسة انتخاب الأعضاء الخمسة من قبل مجلس النواب، وبعدها تعين الحكومة الأعضاء الخمسة، ويجب أن نسعى دائماً الى التوافق ولا أحد يستطيع أن يستبق الأمور المستقبلية، انما يجب أن يكون همنا وتصورنا العمل على تعيينات منزهة وسليمة وأن شاء الله تكون سليمة، لأن المجلس الدستوري هو أهم مؤسسة من مؤسساتنا الدستورية التي لدينا، ويجب أن يكون أعضاؤها في مستوى ما نتوقعه منها". الى ذلك رد الوزير نجار بعد الجلسة على سؤال عن التباين في الرأي بينه وبين رئيس الحكومة في الجلسة، قال:"هذا ليس تبايناً بالمعنى الكلامي، انما قلت لدولته انني لست من رأيه في هذا الموضوع بالذات، لكن يبقى ان المجلس النيابي صوت على القانون كما يجب ان يصوت". وهل ستدرس الطعون القديمة امام المجلس الدستوري الجديد؟ اجاب النجار:"لا، هناك نص في القانون يتعلق بمهل الطعن الى حين اكتمال انشاء المجلس الدستوري العتيد". وسئل:"هل هناك الوقت قبل الانتخابات النيابية المقبلة للنظر في الطعون السابقة؟"، فأجاب:"عملياً لا، لأن المجلس الدستوري اذا اكتمل خلال الستة اشهر التي تسبق الانتخابات النيابية فلا يبقى وقت لاجراء انتخابات نيابية فرعية".