لم تَحُلْ الأزمة المالية العالمية التي ضربت مصر بقوة، دون اندلاع ما يُشبه "الحرب" بين شركات الخليوي عقب انتهائها من عرض خططها في صدد نشر شبكات الجيل الثالث للهاتف النقّال تُعرف باسم"ثري جي"3G وتقنياتها وتطبيقاتها وخدماتها. وارتفع غبار معارك المنافسة مع توقع الشركات أن يرتفع عدد المشتركين في تلك الشبكات إلى قرابة ال 6 ملايين في نهاية السنة الجارية. وأكّدت التوقعات نفسها أن جمهور الجيل الثالث للخليوي لن يتجاوز ال 15 مليوناً عند حلول عام 2012 نظراً الى الوضع الاقتصادي الصعب للمصريين، إضافة إلى عدم انتشار ثقافة العيش على إيقاع التطور التكنولوجي بين صفوفهم أيضاً. اليد اللبنانية ودرايتها ترافق هذا التنافس أيضاً مع تعديل هيكلي في إدارة العمل وأسلوبه في شركة"موبينيل"MobiNile التي تعتبر الأولى في مصر إذ يصل عدد مشتركيها إلى 18.6 مليون مشترك. وللمرة الثانية يتولى خبير لبناني منصب العضو المنتدب للشركة، هو حسّان قبّاني. والمعلوم أن المنصب عينه شغله اللبناني عثمان سلطان الذي تولى إدارة الشركة منذ انطلاقتها في 1998، ويشغل حالياً منصب العضو المنتدب لشركة"دو"الإماراتية. وتسلّم قبّاني إدارة"موبينيل"قبل أيام ليعزّز الوجود اللبناني في مجال المعلوماتية والاتصالات في مصر، كحاله في دول عربية. وفي لقاء مع"الحياة"، تحدّث قبّاني عن خطط الشركه في مجال شبكات الجيل الثالث للخليوي، وقدّم رؤيته لواقع الاتصالات المتطورة في مصر ومستقبله. واعتبر عمله في الصف الأول من إدارة"موبينيل"عودة إلى بيته الأصلي، إذ شهد بداية انطلاق هذه الشركة في 1998. ولفت إلى أن"موبينيل"مازالت تحتفظ بالريادة في السوق بعد 10 سنوات من انطلاقتها. وأشاد بما حققه سلفه إسكندر شلبي، الذي عُيّن رئيساً لمجلس الإدارة في الشركة ذاتها أخيراً. وقال إنه تابع التطورات في"موبينيل"أثناء عمله في سورية واليمن والجزائر. وفي الأخيرة، شغل قبّاني منصب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة"أوراسكوم"Orascom التي تشتهر باسمها المختصر:"جيزي"Jeezy. وأعرب عن قناعته بأن الجزائر تواجه مشاكل"مألوفة نسبياً"في الاستثمار في قطاع الاتصالات، مُلاحظاً أن التخطيط السليم والتعاطى الجيد مع المتغيرات من جانب المستثمرين، كفيلان بإزالة كثير من تلك المشاكل. ووصف المرحلة الراهنة للاتصالات في الجزائر ب"الصعبة"لأنها تأتي من نقص الخبرة... وقال:"مرّت مصر بمرحلة مُشابهة عند بداية مرحلة الإصلاح الاقتصادي فيها". وأشار إلى أن شبكة"أوراسكوم"تستحوذ 64 في المئة من اجمالي سوق الخليوي في الجزائر، إذ يصل عدد مشتركيها إلى 14 مليوناً. ولاحظ قبّاني أن الاتصالات المتطورة تنمو مصرياً بمعدلات عالية جداً، مُبيّناً أنها شرعت في دخول مرحلة"النضج"، التي تعتبر أكثر صعوبة لشركات الخليوي الثلاثة:"موبينيل"،"فودافون"و"اتصالات". ونبّه الى ضرورة التعرّف الى نقاط القوة في الشركات المُنافسة، باعتبارها خطوة أساسية لمعرفة طرق الاحتفاظ بالريادة ومواصلة التقدم. وأوضح أن سوق الخليوي تُسيّرها قاطرة البطاقات المدفوعة مقدماً، التي تُمكّن المشتركين من التنقّل بين الشبكات بسهولة. وأعرب عن قناعته بأن نضج السوق المصرية لا يعني بالضرورة وصولها الي مرحلة التشبع، ذلك أن شركات الخليوي تبيع خدمات تقنية وليس بطاقات وسنترالات ومحطات. وأشار إلى أن الشركات الثلاثة تُقدّم الأفضل لجذب العملاء، مُلاحظاً أنها"شركاء"في شكل غير مباشر، ما يفرض تعاونها لتنمية الاتصالات الرقمية المتطورة. رهان"الجيل الثالث" واعتبر قبّاني أن شبكات الجيل الثالث للخليوي تمثّل تكنولوجيا متقدمة أساساً، ما يوجب على"موبينيل"ضرورة البحث عن الطُرُق الأمثل لتوظيفها وأقلمتها مع الواقع المحلي. وأشار إلى أن بعض شركات الخليوي تحرص علي جلب أي تكنولوجيا مستجّدة عالمياً، من دون دراسة كافية. وأكّد أن رؤيته للأمور تدفعه للتشديد على ضرورة وضع التكنولوجيا وتطوّراتها في خدمة التنمية المحلية، وليس العكس. وتحدث عن الشكوى من سوء خدمات الخليوي عموماً في مصر، مُشيراً إلى أنها جزء من ظاهرة عامة عالمياً، مع التشديد على أهمية عدم تجاهل الأخطاء. وأوضح أن من المفيد السعي الى الاستفادة من خبرات الآخرين وتفادي اخطائهم، فى إشارة إلى أن الشركة تنفذ راهناً خطة طموحة لتحسين أداء شبكتها. وعرض رؤيته الاستراتيجية التي تتضمن أن تستمر"موبينيل"في موقعها المتقدم لدى المصريين من خلال توظيف التكنولوجيا في خدمة الجمهور بفئاته المتفاوتة وحاجاته المتنوّعة. وأبدى رضاه عن أداء الشركة التي وصفها بأنها تتميز بالديناميكية في التطور الذاتي. واستبعد إعادة هيكلة أقسام الشركة وإداراتها وقطاعاتها، مُبدياً استعداده لاتخاذ أي إجراء تفرضه الحاجة. وأشار إلى أن الخليوي أثبت تفوقه في الانتشار، مقارنة بالهاتف الثابت، مُلاحِظاً أن تلك الأداة تستعد راهناً لدخول مرحلة أكثر تقدماً من خلال تفاعلها القوي مع شبكة الانترنت، خصوصاً أن زيادة سرعة نقل البيانات عبر الشبكات المتقدمة للخليوي تُسهل تقديم خدمات مثل الإنترنت عبر الخليوي والأفلام والتلفزيون عبر الهاتف النقّال والخدمات المصرفية والتسوّق والتجارة الإلكترونيين وغيرها. وشدّد على أهمية التناسب بين المحتوى الذي تقدمه شركات الخليوي مع ثقافة المصريين وذائقتهم. ولفت قبّاني إلى أن انتماء"موبينيل"الى شركتي"أوراسكوم"و"أورانج"يحتم عليها الحفاظ على جودة الخدمة للمشترك والجدوى الاقتصادية للمشغل، مشيراً إلى أنها أظهرت قدرتها على تطويع التكنولوجيا الرقمية في الاتصالات المتطورة التي تمثّل عنصر التميّز بين الشبكات المتنافسة. وأوضح أن المنافسة في الأسعار لها حدود تتوقف عندها، مُشدّداً على أن خدمات القيمة المُضافة التي تعتمد على التكنولوجيا وتطبيقاتها وبرامجها تشكّل مجالاً مفتوحاً لأنها تعتمد على الابتكار والإبداع. وأكد قبّاني أن مصر تتمتع بمرتبة متقدمة في تكنولوجيا الاتصالات على مستوى الشرق الأوسط. ولاحظ أن سوق الخليوي فيها باتت تعتمد على التميّز في تطويع التقنيات الرقمية في الاتصالات وتحويلها الى خدمات تتناسب مع حاجات الجمهور الواسع. وأضاف أن مستخدم الخليوي لا تعنيه خريطة التكنولوجيا الرقمية التي تخدم أوروبا مثلاً بل يهمه تلك التي تعطيه خدمات الخليوي في مصر، وكذلك أن تُقدّم محتوى يتلاءم مع طبيعة المواطن وحاجاته فعلياً. وتناول دور الجهاز الحكومي لتنظيم الاتصالات مُعرباً عن قناعته بأن ذلك الجهاز يواجه مهمة صعبة للغاية لأنه يحاول الوصول إلى نقطة توازن عادلة بين دوره كمشرف ومراقب ومنظم لقطاع الاتصالات ومواجهة مشاكله والتغلب على أزماته ذاتياً من جهة، والنهوض بواجبه في حماية حقوق ومصالح المشتركين والحفاظ عليها من الجهة الأخرى. وشدّد على ضرورة أن يأخذ الجهاز المُنَظّم قراراته بما يحقق مصلحة المشتركين أولاً ومع الاستمرار في إداء دوره المحايد. وتحدث عن موقفه من تعديل اتفاقية الترابط مع شركة"المصرية للاتصالات"بعد موافقة"فودافون"على صيغة توافقية معها، مبيّناً أن"موبينيل"لم تتسلم أي صيغة رسمياً لحد الآن. وأوضح:"لا أعرف هل وافقت"فودافون"فعلياً على الصيغة التوافقية أم لا ولذلك لا أملك التعليق على ذلك الأمر". قباني إلى "موبينيل" والمهدي إلى "دجيزي" قبل أيام قليلة، تسلّم حسّان قبّاني منصبه كعضو منتدب لشركة"موبينيل"التابعة لمجموعة"أوراسكوم تليكوم"التي يرأسها رجل الأعمال نجيب ساويروس. وتولّى قبّاني مناصب إدارية عدة طوال 18 سنة في كبريات شركات الاتصالات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد تولى منصب المدير التنفيذي والعضو المنتدب لأربع من شركات الاتصالات الكبرى في المنطقة. وتشمل خبراته مجالات بدءاً بالتخطيط الاستراتيجي، ومروراً بالتخطيط المالي والاقتصادي، فضلاً عن الإدارة النموذجية للعمليات، وإدارة الموارد البشرية. وعمل قبّاني سنوات في مجموعة"فرانس تليكوم"France Telecom قبل أن ينضم عام 1999 الى مجموعة"أوارسكوم تليكوم"، حيث تولى منصب المدير التنفيذي للمرة الأولى في سورية، ثم شغل المنصب ذاته في اليمن. وعُين في عام 2002 مديراً تنفيذياً وعضواً منتدباً لمجموعة"تيليسل انترناشيونال"القابضة. وحينها، اشرف على عملية واسعة من إعادة الهيكلة المالية والتشغيلية ل 12 شركة اتصالات خليوية في القارة الأفريقية. وفي تشرين الأول أكتوبر 2003 تولى قبّاني منصب المدير التنفيذي والعضو المنتدب في شركة"أوراسكوم تليكوم - الجزائر"دجيزي. التي تمكنت من زيادة عدد مشتركيها ليصل إلى 14 مليون مشترك في غضون 5 سنوات. ويحمل قبّاني اللبناني الجنسية، درجة البكالوريوس في التسويق وإدارة الأعمال من الجامعة اللبنانية الأميركية LAU، إضافة الى إنجازه مجموعة من الدراسات العليا في كليتي"إنسايد"INSEAD و"إي أس إيه"ESA. من جهة أخرى، أعلنت"أوراسكوم تيلكوم"إنها أناطت مهمات مدير إدارة التكنولوجيا فيها بالمهندس تامر المهدي، الذي حل مكان قبّاني في مهمات الرئيس التنفيذي للشركة ذاتها في الجزائر. ويتمتع المهدي بخبرة تمتد أكثر من 22 سنة في صناعة الاتصالات التحق خلالها بالعمل مع عدد من الشركات الكبرى مثل"لوسنت تكنولوجيز"Lucent Technology، و"إيه تي آند تي"AT&T. ومن المعلوم أيضاً أن المهدي عُيّن في منصب مدير إدارة التكنولوجيا في شركة"أوراسكوم تيليكوم"في عام 2004. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، نجح في صوغ نموذج ممتاز للتطوير في أعمال إدارة التكنولوجيا، ما أسهم في نمو الشركة وتحقيق القيمة المضافة لمجموعة"أوراسكوم تيليكوم".