سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس "هيئة علماء المسلمين" يكشف لپ"الحياة" ما يعتبره خيوط المؤامرة ضد بلاده . حارث الضاري : تقسيم العراق تم في أفغانستان ... و"الصحوة" أسوأ من "القاعدة"! 1 من 2
عبّر رئيس "هيئة علماء المسلمين" الشيخ حارث الضاري عن جملة من الأفكار والمحاذير التي كانت تدور في خلده خلال لقائه"الحياة"في الرياض، مفصحاً عن خشيته من عدم أمانة النقل الصحافي، بعد ان خاب ظنه في بعض وسائل الإعلام في تجارب سابقة. ولاحظ الضاري أن موضوعات وقضايا ترد إلى الصحف من جهات مختلفة، باعتبارها حقائق على ارض العراق، وفي ذلك شيء من التزييف والتحريف. وقال: العراق جزء من الأمة العربية، حيكت ضده مؤامرة كبيرة وخطرة، لفصله عن أمته وجعله صورة يريدها الأعداء قابلة لأن تُستنسخ في مناطق أخرى. موضحاً أنه متى غُيّب العراق فستُغيّب من بعده دول، وإذا انتهى ستنتهي معه شعوب. وأوضح ان هناك جهات لها مصلحة في تقسيم العراق وإضعافه وخروجه من معادلة التوازن، لكونه مقياس توازن بين العرب وإيران من ناحية، وبين العرب وإسرائيل من ناحية أخرى، وتغييبه عن هذه المعادلة هدف لقوى كبرى لا تريد الخير للأمة العربية. واتهم الضاري السفير الأميركي السابق في بغداد زلماي خليل زاد بإضعاف العراق وإخراجه في هذا الشكل، كونه كان يشرف على ملف المعارضة وبالتنسيق مع إيران، إذ اعتمدت أحجار الشطرنج نفسها بالتعاون مع الاحتلال على رقعة"المحاصصة"الطائفية. في ما يأتي نص المقابلة مع رئيس"هيئة علماء المسلمين"في العراق الشيخ الدكتور حارث الضاري: دكتور حارث في خطابكم الأخير الذي وجهتموه إلى زعماء العشائر، ألمحتم إلى مخطط يهدف إلى تقسيم العراق بواسطة العشائر، وألمحتم أيضاً إلى أن من يقف وراء هذا المخطط الحكومة وقوات الاحتلال، هل من توضيح؟ - لا شك في أنكم تعلمون أن تقسيم العراق من الأهداف الرئيسية للاحتلال. قيل ما قيل في الأسباب الدافعة لاحتلال العراق، وأقول: معظم ما ذُكر هو من الأهداف، ولكن من أهم هذه الأهداف بعد الاحتلال هو تقسيم العراق، وتقسيم العراق مطلب تشترك فيه جهات عدة أهمها أميركا وحلفاؤها. وإسرائيل لها في التقسيم يد طولى وهدف كبير عملت عليه منذ عقود، وبعض الدول الاقليمية الأخرى لها رغبة أيضاً في تقسيم العراق، لإخراجه من المعادلة السياسية في المنطقة. تعلمون كما يعلم المتابعون لموضوع العراق وتاريخه وإمكاناته ودوره في المنطقة، بأن العراق عامل توازن، وإن كان للأسف أسيء الى العراق لدخوله في بعض النزاعات التي لا مبرر لها، والتي ربما اتخذت ذريعة لأن يُحتل ولأن تصل الأمور فيه إلى ما وصلت اليوم. هناك جهات عدة لها مصلحة في تقسيم العراق وإضعافه وخروجه من معادلة التوازن، لأن العراق هو مقياس التوازن بين العرب وإيران من ناحية، وبين العرب وإسرائيل من ناحية أخرى، لذلك فإن تغييب العراق عن هذه المعادلة هو هدف لقوى كثيرة لا تريد الخير لهذه الأمة العربية. ما تقوله يا شيخ حارث كلام تردد كثيراً... هل لديك جديد تقوله بشكل مباشر في هذا الشأن؟ - كانت لدينا خشية قبل الاحتلال لأننا كنا نتابع والحمدلله في وقت مبكر قبل مجيء حزب البعث وحكمه أن العراق مستهدف، وأنه وُضعت ألغام عدة لتفجير العراق لكنها لم تصل الى النتيجة التي وصلت اليها ألغام الاحتلال اليوم. لذلك نعتبر أن الهدف الأسمى والأهم بعد تحرير العراق هو المحافظة على وحدته واستقلاله. العراق الى الآن والحمدلله لم يُقسَّم، نعم هو مقسّم نظرياً ويُعمل على تقسيمه عملياً، لكن أقول لكم وللعالم كله إن العراق لم يُقسم حتى الآن وقد لا يقسم بعون الله تعالى، وإذا قسّم فإن هذا التقسيم لن يدوم طويلاً، لأن تاريخ العراق يؤكد أنه بلد واحد منذ آلاف السنين، وهو بلد واحد بعد الإسلام وسيبقى ان شاء الله واحداً ما دام أهله وما دام العراق عراقاً. كيف؟ - أولاً، ثقافة العراق وحضارته وتاريخه وعقيدته كلها تدعو إلى أن يكون العراق واحداً. ثانياً، الشعب العراقي وصلابته أمام التحديات في كل تاريخه، فالعراق تميز بأنه البلد الأكثر استهدافاً في المنطقة على مدى التاريخ، ونزلت به نوازل كبيرة جداً قد لا تقل عن هذه النازلة، نعم، هذه النازلة الأعداء فيها متعددون ومتمكنون ومخططون، ولكن طبيعة العراق أيضاً تختلف من حيث الحجم. في العشرينات كان الشعب العراقي لا يزيد على ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، واستطاع أن يصل إلى مطلبه في ثورته ضد الاحتلال الانكليزي، فأنشأ حكومة وطنية، الآن تعداده أكثر من 27 مليون نسمة وإمكاناته المادية أقوى بكثير، ثم ان وعي أبنائه السياسي والثقافي أقوى، على رغم تساقط الكثير منهم، لكن شعباً كهذا إذا سقط منه مليون أو اثنان أو ثلاثة فلا يؤثر فيه بعون الله تعالى. ما زلت مستمراً في التلميح... لماذا لا تكون مباشراً في إجاباتك وتحليلاتك؟ - أقصد ان الاحتلال أراد ان يستغل من رباهم في الخارج وأتى بهم، ليفرضهم حكاماً على العراق بدعوى أنهم يمثلون المكونات الرئيسية في العراق - والواقع أنهم لا يمثلون هذه المكونات ? ولكن هذا ما أراده الاحتلال، ففرض نوعاً من الحكم بأنواعه المختلفة، بداية من مجلس الحكم ثم الحكومة الموقتة والحكومة المنتخبة فالمنتخبة الأخيرة، هذه الأنواع كلها بناها على فكرة حكومة ما يسمى في العراق"المحاصصة"الطائفية، وأنشأ هو وبرغبة من اعتمد عليهم، تحديد المكونات، أغلبية وأقلية وما إلى ذلك، فبنى عليها تصوره وأنشأ بها قانون إدارة الدولة، ثم انشأ من قانون إدارة الدولة الدستور"الزائف"، الذي فُرض على العراقيين فرضاً لانتخابات مزيفة، أشرف على صناديقها السفير الأميركي السابق في بغداد زلماي خليل زاد، الذي كان قبل الاحتلال المسؤول عن ملف المعارضة، واتفق وإياهم على هذا الإخراج، فجاء بعد زيارة إلى أفغانستان للتمويه ثم جاء، وبالتنسيق طبعاً مع إيران، فاعتمدوا احجار الشطرنج نفسها، من الاحتلال إلى يومنا هذا، على الرقعة نفسها، رقعة"المحاصصة"الطائفية. إذاً أنت تعتقد أن إيران كانت على اطلاع وفي لعبة"السيرك"نفسها... وان المشروع بدأ من أفغانستان؟ - نعم. كل المعلومات تقول ذلك، السفير خليل زاد كان صديقاً حميماً للسفير الإيراني في أفغانستان في كابول، ثم عندما تعثّر مشروع الإدارة الأميركية في السنوات الثلاث الأولى نتيجة لضراوة المقاومة العراقية، جاؤوا بزلماي خليل زاد لسببين، لأنه كان المشرف على ملف المعارضة، وهو الذي كان المنظّر للعملية السياسية، أي المحاصصة الطائفية، وهو الذي وضع أهل السنة في رقم 17، ولكنهم تفضّلوا عليهم بالعملية فجعلوهم 20 في المئة، حتى يخرجوا من القرار السياسي ويدخلوا العمليات السياسية لإعطاء الشرعية فقط للطرفين المهيمنين، القيادة السياسية الكردية والقيادة السياسية الشيعية، وهما قيادتان لا تمثلان إلا نفسيهما وأحزابهما ليس إلا. هاتان القيادتان الكردية والشيعية السياسية اتفقتا في مؤتمر جنيف في العام 1992 على تقسيم الشعب العراقي إلى سنة وشيعة، وبالذات السيد باقر الحكيم والسيد جلال طالباني على تقسيم الشعب العراقي إلى سنة وشيعة، وتقسيم السنة إلى عرب وأكراد وتركمان. هل كان هذا في مؤتمر لندن؟ - لا، كانت البدايات في فيينا عام 1992، ثم أُكدت في مؤتمر لندن عام 2003، ثم أُكدت أيضاً في مؤتمر صلاح الدين قبل الغزو بأشهر. لكن هذا كلام"غير موثّق"؟ - هذه معلومات منهم وممن كان معهم وموثقة 100 في المئة. الآن نتكلم عن التقسيم، فالحزبان الكرديان وجدا للتقسيم والمجلس الأعلى الذي يقوده السيد باقر الحكيم ومن بعده الآن السيد عبدالعزيز الحكيم أخوه المتحمس للفيديرالية، لأن السيد باقر الحكيم جاء ليتوج ملكاً أو رئيساً لجمهورية العراق الإسلامية، فعندما توفي في موضوع الاغتيال المعروف - رحمه الله - خلفه أخوه وكان يعتمد الفكرة نفسها، ولكن عندما مضت الأيام ووُجدت المعارضة من الشعب العراقي للاحتلال، ثم أيضاً لتوجهات المجلس الأعلى لشركائه السياسيين. هناك فريق كبير في حزب"الدعوة"لا يريد التقسيم، والتيار الصدري في معظمه لا يريد التقسيم على الأقل سياسياً وإعلامياً، وكذلك حزب"الفضيلة"، وهناك القبائل العربية في الجنوب، كلها معارضة لتقسيم العراق. على ماذا تراهنون في عدم تقسيم العراق؟ - نحن منذ البداية عندما سئلنا على ماذا تراهنون، قلت العراق لم يقسم واقعياً ولن يقسم في المستقبل وأنا أراهن أولاً على الله تعالى لأنه وعدنا بالنصر على أعدائنا، وثانياً على تاريخ العراق، وثالثاً على شعب العراق لما فيه من الأصالة وما فيه من التعايش والتسامح، ثم على الشورى الاجتماعية للشعب العراقي، كما ان التركيبة الاجتماعية والديموغرافية والجغرافية للشعب العراقي لا تسمح بتقسيم العراق، وإن أراد الآخرون تقسيمه فأنا أراهن على عكس ذلك، وواثق من ذلك. ألا تعتقد أن التركيبة الديموغرافية العراقية اليوم فيها خلل، هناك جماعات تنهج النهج الإيراني، وهناك جماعات وضعت نفسها في تحالف مع الكل، وهناك أحزاب متنازعة داخلياً، حتى أصبحت عملية التكتلات"مكشوفة"، وكل تلك عوامل نعتقد أنها تساعد على التقسيم، وعن مستقبل"ضبابي"لهذا البلد الجريح؟ - القيادات السياسية الموجودة حالياً فشلت لأنها فقدت شعبيتها، وهي منذ البداية لا تمثّل المكوّنات التي تدعي انها تمثلها، المجلس الأعلى يدّعي انه يمثل الشيعة. 90 أو 95 في المئة من الشيعة يرفضون المجلس الاعلى ويرفضون أذرعته التي أذاقتهم الأمرّين، وما زالت في الجنوب تتعاون مع الاستخبارات الإيرانية. الحزبان الكرديان الآن مرفوضان من معظم الشعب الكردي، الآن هناك تحالفات داخل المنطقة الشمالية، هناك نشوء لحزب جديد، هناك تجمعات عشائرية غير راغبة في هيمنة الحزبين، لأن الحزبين على مدى السنوات الأربع الماضية لم يفعلا لإخواننا الأكراد شيئاً، لم يبنيا مستشفى ولا مصنعاً ولم يوزّعا دائرة المشاركة السياسية أو الوظيفية، الوظائف كلها لهم، الأموال تُجبى لهم، بل هم منقسمون الآن إلى قسمين، هناك أيضاً في كل قسم خلافات، أنصار جلال طالباني ومن حزبه منقسمون إلى فئات، كذلك في القسم الثاني بارزاني هناك إقصاء، هناك بعض المناطق لا ترى النور لأسابيع ولا مياه الشرب، هذا كله يفسر هجرة إخواننا الأكراد إلى أوروبا، بل تأتينا منهم نداءات تبيّن أن الأوضاع ما زالت"سيئة جداً"في الشمال. إذاً هذه الزعامات السياسية التي أراد الاحتلال أن يفرضها على الشعب العراقي، أولاً هي لا تمثل هذا الشعب ولا المكونات التي ادعت أنها تمثلها، بل العكس الآن، هناك ترقب للأعداد في أن تعصف هذه المكونات بهذه القيادات لأنها أذاقتها المرّ. جماعة المجلس الأعلى وغيرهم كانوا يعِدون إخواننا الشيعة في الجنوب بأنهم سينصفونهم مما ظُلموا فيه في العهد الماضي، وبأنهم سيوسعون عليهم وسيخففون عنهم ما هم فيه من إقصاء وحرمان وما إلى ذلك، وإذا بهم الآن يعانون من الاقصاء والحرمان، إذا كان في ذلك العهد يُتابَع من يُتهم بتهمة أنه معارض للنظام أو تكلم على رئيس النظام، الآن يُتابَع الانسان لأنه منتم للحزب الفلاني أو معارض للحزب الفلاني. الآن هناك حرب في الجنوب بين القيادات السياسية على النفوذ والمال والسطوة وما إلى ذلك، واكتوى بنارها بقية الشعب من أبناء القبائل وغيرهم، الآن يستغيثون ويستنجدون بإخوانهم العرب في كل مكان، جراء أفعال هذه الميليشيات والاستخبارات التي تسندها دولة وجارة معروفة... الخ. هل تقصد بالدولة الجارة... إيران؟ - هي معروفة للكل وكفى... كلامي واضح. والحمد لله على كل حال، ابتليت بلادنا بهذا الاحتلال المخرّب والمدمّر العاصف الذي وصل إلى إزهاق ما يزيد على مليون وربع المليون شهيد من العراقيين، وما يزيد على نحو مليوني مريض ومعوّق ومأزوم ومحبط وما إلى ذلك. وأكثر من 70 في المئة من الشعب العراقي اليوم تحت خط الفقر، وحوالى 7 ملايين مهاجر خارج العراق ومهجّر داخل العراق. هذا الاحتلال بفعله هذا، ومن اعتمد عليهم بسوء فعلهم وإدارتهم وطمعهم وجشعهم وإقصاء غيرهم كشفوا عن أنفسهم وبان للعراقيين ان المقصود هو العراق والعراقيون ليس إلا، وأن الاحتلال ومن جاء بهم ما جاؤوا إلا لتنفيذ هذه الأجندة، تدمير العراق وتخريبه وتغييبه من الخريطة الموجودة حالياً. كيف تقوم علاقاتكم في الهيئة مع العراقيين؟ - بالنسبة لعلاقاتنا في هيئة علماء المسلمين، فهي جيدة مع كل العراقيين الشرفاء الرافضين للاحتلال، والمتمسكين بحرية العراق ووحدته واستقراره وأمنه. الحمدلله علاقاتنا جيدة منذ البداية، وهي في ازدياد، ونمو مستمر مع ابناء شعبنا العراقي. ماذا عن مذكرة الاعتقال الصادرة بحقكم؟ - بالنسبة لموضوع المذكرة فلها أسباب، أخبرني أحدهم عن أحد مستشاري رئيس الحكومة المالكي، أنه قال بعد توليه منصب رئاسة الوزراء بشهرين أو ثلاثة، أنا الذي سأضع حداً لحارث الضاري وهيئة علماء المسلمين، وجرت إجراءات عدة، كان من أبرزها صدور مذكرة الاعتقال، وكانت ولله الحمد بمثابة استفتاء علينا وعليه، فجاء الاستنكار من كل أبناء شعبنا ومن كل طوائفه، من السنة ومن الشيعة، من العرب والأكراد والتركمان، من المسلمين وغيرهم الذين انتصروا للحق، لذلك كان فيها شيء من خيبة الأمل وردود الأفعال التي أصيبت بها الحكومة، فأخذوا يتنصّلون منها تارة، ويقولون إنها ليست مذكرة اعتقال وإنما مذكرة تحقيق وما إلى ذلك. إذاً ماذا تشكل بالنسبة لكم؟! - لا تشكل لدينا شيئاً، ولم نعرّج عليها كثيراً، ولم تمنعنا من العودة إلى العراق، وبإمكاننا أن نعود في أي وقت نشاء لولا أن مجلس شورى الهيئة قرر عدم عودتي إلى العراق في هذه الظروف لأسباب أمنية وإعلامية، لأنه في الداخل عُتِّم علينا وسُدّت الأبواب الإعلامية ومُنعت وسائل الإعلام من الاتصال بنا، بل هُدِّدت في حال نقلها عنا شيئاً، فكان خروجي، والحمدلله أنني كنت في سعة من الاتصال بوسائل الإعلام. هل عدت إلى العراق"سراً"بعد صدور مذكرة الاعتقال بحقكم؟ - لا... في الحقيقة لم أعد، وإنما حاولت أن أعود ومُنعت من إخواني في الهيئة، ومن اخوان نصحوني بعدم العودة، لأن لديهم أخباراً هي أبعد من إجراءات المالكي. تعني الظرف الأمني؟ - نعم. ما الأبعاد الحقيقية لپ"صحوات"العشائر في العراق؟ - أتكلم لكم عن أسبابها ونتائجها وعن فوائدها في العراق. اولاً أسبابها الرئيسية لنشوء ما يسمى بالصحوات، هو أن الاحتلال في بداية الأمر كان معتمداً على القوة العسكرية لإنهاء المقاومة العراقية المعارضة للاحتلال، واستمر على هذا يكابر إلى أن وصل إلى حقيقة أن القوة العسكرية وحدها لا يمكن أن تُنهي المقاومة له والمعارضة لوجوده، وأكد أكثر من مسؤول أميركي أن الحل العسكري"غير مجدٍ"و"مستحيل"، ولا يمكن ان يتحقق. فيبدو أنهم أرادوا أن يضيفوا إلى القوة العسكرية الموضوع السياسي والاستخباراتي والمادي، ويبدو انهم مالوا إلى هذا الموضوع أكثر في نهاية عام 2006، وبداية عام 2007، وما زالوا مستمرين عليه، فطلبوا من حلفائهم في الداخل، ومن دول خارجية أن يساعدوهم في تهدئة المقاومة، بل اختراقها، وعملوا على هذا الاتجاه، لكنهم لم يوفّقوا كثيراً في هذا، إلا بعد أن حصل الخلاف بين"القاعدة"وبين فصائل المقاومة الأخرى بعد أن أعلنت"القاعدة"دولتها المعروفة في العراق، إذ بدأت تطالب الفصائل الأخرى بمبايعتها، وأن تنخرط في دولتها وإلا فعليها أن تترك الميدان أو تُقاتَل، لأنها تمثل رايات ضالة وجاهلة، فحصل الخلاف ثم الخصام ثم الاقتتال والاشتباك، الذي أدى إلى غضبة كثير من أبناء المناطق التي توجد فيها"القاعدة"عليها، فاستغل الاحتلال هذه الفرصة وبذل الكثير من المال الذي جمع له من الناقمين على"القاعدة"ومن العاطلين عن العمل وممن يريدون الظهور على أي حساب، هذه المجاميع سُميت بالصحوة، فعملت مع الاحتلال وحققت له شيئاً من المناطق التي خلت منها المقاومة ككل، سواء"القاعدة"أو غيرها، لأن الاحتلال وإن كان يعلن أنه ضد"القاعدة"فهو ضد المقاومة ككل، فخلت بعض المناطق، فأعلن أنه حقق أمناً، ومن تلك المناطق مناطق في الأنبار ومنها الرمادي وحديثة وغيرها. هل يعني ان"صحوة العشائر"من أجل منفعة الاحتلال؟ - قاد صحوة الأنبار رجل سمعتم به اسمه عبدالستار أبو ريشة، اغتيل في ظروف"غامضة"بعد لقاء الرئيس بوش، ثم خلفه أخوه، ثم تشعّبت الصحوة وأصبح لها قادة في كل منطقة، والآن ليس للصحوة قائد واحد ولا اثنان ولا ثلاثة ولا أربعة، فهم مختلفون في تعاملهم مع الاحتلال، كل واحد منهم يتعامل مباشرة مع الاحتلال وبالطريقة التي هو يراها أو يحددها له الاحتلال، لذلك أُطلق عليها صحوة العشائر. هل هي صحوة عشائر؟ بمعنى، هل أن العشائر العراقية الأصيلة منخرطة فيها؟ هل زعماء العشائر وقادة العشائر الذين نعرفهم من أبناء بيئتنا، ونحن على صلة بهم؟ ما نعرفه أن ليس من أبناء الصحوة أو ممن يقودون هذه الصحوة في كل المناطق من هو رئيس عشيرة أو ابن رئيس عشيرة لا في الأنبار ولا في غيرها. مَن المستفيد من هذه"الصحوة"؟ - المستفيد الأول هو الاحتلال، بوش استطاع أن يأتي للمرة الأولى إلى محافظة الأنبار، ويعلن منها أن"القاعدة"انتهت من هذه المنطقة، فأضاف إلى رصيده ورصيد الحزب الجمهوري ربما نقاطاً على خصومه في الحزب الديموقراطي ربما توظف لحزبه في الانتخابات المقبلة، كما ان المالكي الذي كان مهدداً بالسقوط منذ منتصف السنة الماضية، فلما جاءت هذه الصحوة بادر إلى إيقاف الميليشيات في بغداد التي كانت تهاجم الأحياء المعارِضة للاحتلال ولحكومته. أوقف الميليشيات فأشعر الأميركيين أنه حقق اختراقاًَ أمنياً أيضاً في أحياء معينة من بغداد فمُدِد له ثلاثة أشهر ثم شهرين والآن ثلاثة أشهر، وقد يستمر مع بوش إلى نهاية ولايته. هل استفادت البيئة التي خرجت منها هذه"الصحوة"أمنياً؟ - إذا كانت"القاعدة"مارست أعمالاً مرفوضة مع أبناء المنطقة التي كانت توجد فيها، وإذا كانت فرضت إرادتها وقتلت الكثير من أبنائها، فپ"الصحوة"اليوم تمارس بعض هذه الأعمال، أعمال الابتزاز والتخويف، أي بمعنى إما أن تكون معنا وإلا فأنتم مع"القاعدة". يعني من وجهة نظرك، هناك تطابق بين أفعال"القاعدة"والصحوة؟ - نعم. بل أقول أكثر من هذا، وهذه حقيقة ربما تسمعونها للمرة الأولى، الكثير ممن انضموا إلى هذه الصحوة كانوا في البدايات مع"القاعدة". هؤلاء دخلوا لمصلحة، دخلوا للمال مع"القاعدة"، وعندما أصبح المال هنا مالوا إليه. طبعاً سيبقون على طريقتهم في إقصاء الناس وإيذائهم بتصرفاتهم، وكما يقول المثل العراقي المعروف،"الذي في الجلد ما يبدله إلا اللحد". من تقصد هنا؟ - أنا لا أُسمّي. لكن هناك فئات سياسية سنية متورّطة، ممن هم في داخل العملية السياسية.