يعتبر كثير من المصريين، خصوصاً النساء منهم، الذهب وسيلة للزينة... تدل على الترف والرفاهية. فيما يرى آخرون أن الذهب وسيلة آمنة للإنسان حين تضيق به الأيام. ويبدو أن المقولة المصرية التي كانت الجدات والأمهات يرددنها كثيراً:"الذهب ما بيخسرش، لما تعوزيه حاتبيعيه"أثبتت صحتها أخيراً. فلم يعد الذهب فقط وسيلة للزينة، بل بات استثماراً جديداً طغى على الساحة الاستثمارية، وخصوصاً بعدما ارتفع سعر الذهب إلى مستوى قياسي جديد. ولعل أكثر الناس تضرراً من هذا الارتفاع هم جيل الشباب المقبلين على الزواج. وتعد الفتاة المصرية دعاء صبحي 23 سنة واحدة من هؤلاء. فهي مخطوبة منذ أكثر من سنتين، وأُرجئ"كتب كتابها"مرات بسبب عدم شراء"شبكة"الخطوبة، في ظل الارتفاع الكبير لأسعار الذهب. واكتفت دعاء التي تعمل في أحد المحال التجارية بشراء"المحبس فقط"وخاتم من العيار الخفيف. على رغم أهمية"الشبكة"التي تعد شرطاً أساسياً من شروط الزواج في مصر وبعض الدول العربية، إلا أن دعاء تفكر في إلغاء مشروع"الشبكة"التي تبلغ قيمتها نحو ثلاثة آلاف جنيه مصري، أو على الأقل تأجيل شرائها واستبدالها بسلسلة خفيفة تلبسها يوم زفافها. حال دعاء التي ترفض شراء الذهب في هذه الفترة، ليس استثنائياً. فارتفاع أسعار الذهب أدى إلى تراجع الناس عن شرائه. الأمر الذي أثر على حركة سوقه عموماً. ويشير مدير أحد محال الذهب المعروفة في مصر حامد عاشوش إلى"تراجع الإقبال على سوق الذهب"، ويبين حامد أن"خلال فترة التسعينات كان سعر غرام الذهب 35 جنيهاً، وهذا معقول بالنسبة إلى سعره الآن الذي تضاعف بمعدل غير عادي". الارتفاع الأخير لم يأت من فراغ، بحسب حامد الذي يرى أن"ارتفاع أسعار البترول والأحوال السياسية المتقلبة التي تعيشها المنطقة من الأسباب الرئيسة التي أثرت على أسعار الذهب في الأسواق العالمية والعربية". الى ذلك، أدى ارتفاع أسعار المجوهرات والحلي المصنوعة من الذهب الى إنعاش سوق الماس. ويعزو حامد ذلك الى إقبال الأثرياء على شراء الماس بدلاً من الذهب، كون الأول لا يتأثر بالارتفاع غير العادي للذهب. كما ان اتجاه الناس إلى بيع الذهب في هذه الفترة هو الغالب أكثر من الإقبال على شرائه. وهذا ما يؤكده محمد الذي له باع طويل في مجال صياغة الذهب:"حركة الشراء واقفة بسبب البيع، ما تسبب بركود في الأسواق". وعلى رغم امتعاض حامد وغيره من تجار الذهب، إلا أن هذا الارتفاع حقق مكاسب وأرباحاً لا بأس بها للحاجة أم أسامة التي تحتفظ بكثير من القطع الذهبية الثقيلة منذ سنوات طويلة. وقد باعتها أخيراً، استجابة لنصائح أولادها الذين لهم باع في مجال الاستثمار. وتستذكر أم أسامة ضاحكة:"كان سعر الغرام نحو 4 جنيهات أوائل السبعينات من القرن الماضي، حين اشتريت هذا العقد". وحين باعته قبل أيام، كان سعر الغرام 139 جنيهاً، محققة بذلك مكاسب خيالية لم تكن تحلم بها.