أعاد فتح الحدود بين قطاع غزة ومصر في الأيام الاخيرة حركة "حماس" الى الواجهة، ويُتوقع ان يعيد احياء الدور المصري في الوساطة بينها وبين خصومها في حركة"فتح"والسلطة الفلسطينية لضمان تسيير عمل المعبر الحدودي الوحيد للقطاع مع العالم الخارجي. وتعرض قطاع غزة منذ ان سيطرت عليه"حماس"بالقوة المسلحة في حزيران يونيو الماضي، الى حصار اسرائيلي شديد ادى الى عزله ومعه"حماس"خلف ستار حديد. لكن اعادة"فتح"الحدود مع مصر، وما رافقه من تعاطف شعبي واسع مع اهالي غزة المحرومين من كل شيء، اظهر الحركة باعتبارها صاحبة القرار في هذا القطاع الذي يضم مليون ونصف المليون فلسطيني. ودأبت مصر على لعب دور الوسيط الدائم بين فريقي"فتح"و"حماس"، ما استوجب منها تعيين وفد امني دائم لها في قطاع غزة. لكن هذا الدور المباشر انتهى بما اسمته"حماس""الحسم العسكري"في غزة في حزيران يونيو. وبعد سبعة اشهر من الحصار الاسرائيلي الشديد على قطاع غزة الذي دفع بأهله أخيرا الى هدم الجدار الحدودي، وجد الطرفان،"فتح"و"حماس"، نفسيهما من جديد في حاجة لإحياء الدور المصري من اجل ضمان اعادة افتتاح منتظم لمعبر رفح الحدودي. فحركة"حماس"اعلنت استعدادها للتعاون مع رام اللهوالقاهرة من اجل وضع ترتيبات تضمن اعادة تشغيل المعبر الذي يصل غزة بالعالم بعيدا عن اسرائيل. ورغم ان السلطة تحفظت عن التعاون مع سلطة"الانقلابيين"في غزة في هذا الشأن، الا ان المراقبين يرون انها لن تستطيع العودة الى ادارة المعبر من دون موافقة"حماس"التي تسيطر على القطاع بصورة تامة. وكان الرئيس محمود عباس طالب اسرائيل منذ شهرين بالسماح لحكومته في ادارة معابر قطاع غزة، الا انها اظهرت ترددا في الموافقة على ذلك، الى ان بادرت"حماس"بدعم من اهالي القطاع واعادت فتح الحدود بالقوة. وقال استاذ العلوم السياسية، مدير مؤسسة"مواطن"للابحاث في رام الله الدكتور جورج جقمان ل"الحياة":"هذا يثبت مجددا مدى غباء السياسية الاسرائيلية، فالمعبر فُتح ولم يعد بإمكان احد اغلاقه من جديد، وهذا يجعل اسرائيل مضطرة للتعامل مع حقيقية ان حماس في موقع قوة في القطاع". واظهرت اسرائيل امس اشارات ايجابية في شأن نيتها الموافقة على السماح لحكومة عباس بادارة معبر رفح، لكنها تمسكت برفض اعطاء"حماس"اي دور في المعبر. وقال الدكتور جقمان:"هنا تظهر اهمية الدور المصري، فاسرائيل واميركا لن تقبلا اعطاء حماس اي دور في ادارة معبر رفح، ومصر هي الطرف الوحيد القادر على اقناع حماس بالموافقة على قيام حكومة عباس بإدارة قطاع غزة". واضاف:"هذا هو الحل الوحيد الذي اراه ممكنا لانه يخدم الاطراف الثلاثة، فحماس تضمن اعادة فتح المعبر، وهذا يخدم حكمها للقطاع. والرئيس عباس يضمن عودته لإدارة جزء من مهم في غزة، ومصر ترتاح من القلق الدائم الذي يسببه لها الحصار والجوع في غزة". ويخشى كثير من الفلسطينيين ان تستخدم اسرائيل فتح الحدود بين غزة ومصر وسيلة للفصل التام مع غزة، ما يهدد بفصل القطاع عن باقي الاراضي الفلسطينية في الضفة. ويعزز وجود"حماس"في الحكم في قطاع غزة هذه المخاوف نظرا لأن قادتها واعضاءها يتجنبون الوصول الى الضفة عبر اسرائيل خشية تعرضهم الى الاعتقال. وقال النائب عن"كتلة التغيير والاصلاح"التابعة ل"حماس"ايمن دراغمة:"القلق موجود من ان تستغل اسرائيل هذا الواقع وتعمل على فصل غزة عن الضفة، لكن احدا من الفلسطينيين لن يقبل ذلك". واضاف:"صحيح ان اعضاء حماس لا يستطيعون الانتقال من غزة الى الضفة عبر اسرائيل، لكن المؤكد ان حماس ستطالب على الدوام بحق اهالي غزة في الوصول الى الضفة، فنحن هنا نتحدث عن اهالي القطاع وليس عن حماس". ويرى دراغمة ان الجانبين،"فتح"و"حماس"، سيجدان نفسيهما مضطرين للتوصل الى توافق في شأن ادارة معبر رفح. واضاف:"من اليوم الاول ابدى اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في غزة استعداده للقاء الرئيس ابو مازن عباس والمسؤولين الفلسطينيين في القاهرة، واعتقد انه لا يمكن حل المشكلة من دون توافق الطرفين".