يعزز اتفاق القاهرة المقترح مكانة السلطة الفلسطينية بصورة كبيرة في قطاع غزة، إذ تشير النقاط الواردة فيه إلى أن جميع الإجراءات المتعلقة بالحركة الخارجية من القطاع وإليه، سيجري بالتنسيق بين السلطة وإسرائيل أو عبر آليات متفق عليها، حتى أن أحد أعضاء الوفد اعتبر أن الاتفاق «يعيد قطاع غزة إلى حضن الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية». ووافق وفد حركة «حماس»، مبدئياً، على الدور المقبل للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، لكنه تحفظ عن العبارات التي أشارت إلى أن فتح المعابر يجري عبر آليات يتفق عليها لاحقاً بين السلطة وإسرائيل خشية أن تفتح مثل هذه العبارات الطريق إلى مفاوضات طويلة لا تنتهي، أو تمنح إسرائيل اليد العليا في تقرير شكل هذه الآليات. وقال عضو الوفد عزت الرشق: «ماذا لو أن إسرائيل أعادت جميع القيود السابقة على المعابر ورفضت أي آليات تقترحها السلطة الفلسطينية بعد الاتفاق؟». وعليه، فإن وفد «حماس» الذي وافق مبدئياً على حل وسط مصري عرض على الطرفين، لكنه تحفظ على بعض التعبيرات اللغوية، يصر على إزالة عبارة «آليات يجري الاتفاق عليها لاحقاً» من جميع بنود الاتفاق خشية فتح باب تفاوضي تعيد من خلاله إسرائيل الإجراءات السابقة المعمول بها على المعابر قبل الحرب. وقال عضو في الوفد إن إزالة هذه العبارات هو السبب الوحيد الذي حال دون توقيع الاتفاق مساء الأربعاء الماضي، ما دفع الجانب المصري إلى تقديم اقتراح بتمديد التهدئة خمسة أيام أخرى يصار خلالها إلى درس البنود المقترحة وإيجاد بدائل لها. وقبلت «حماس» بإعادة إحياء دور السلطة في قطاع غزة، سواء جرى التوقيع على اتفاق أم لم يجر، إدراكاً منها بأن السلطة هي الجهة الوحيدة القادرة على القيام بمهمات إعادة الإعمار وفتح القطاع على العالم الخارجي لكونها تحظى باعتراف دولي واعتراف الدول المحيط بغزة. فالسلطة هي الجهة الفلسطينية الوحيدة القادرة على الاتصال بالدول المانحة والحصول منها على أموال لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في غزة، ذلك أن لدى هذه الدول قيوداً على التعامل مع «حماس» ومؤسساتها العاملة في القطاع. كما أن السلطة هي الجهة الفلسطينية الوحيدة المقبولة من جانب مصر للتعامل معها لدى إعادة تشغيل معبر رفح بين مصر وغزة، ومقبولة من إسرائيل للتعامل معها على المعابر الإسرائيلية على الحدود مع القطاع. وقال الرشق: «لا مشكلة لدينا في عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، على العكس نحن نطالب بعودتها اليوم قبل غداً». وأضاف: «لدينا الآن حكومة وفاق وطني، وهي المسؤولة عن إدارة معابر قطاع غزة، ونحن نطالب بعودتها في أقرب وقت ممكن لتسهيل حياة أبناء شعبنا». وشكل الوفد الفلسطيني لجنة خاصة لبحث إعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر تحت إدارة السلطة الفلسطينية. وسيقدم الوفد، بعد انتهاء مفاوضات وقت النار، اقتراحاً للجانب المصري لإعادة تشغيله بين السلطة ومصر. ورغم إقرار «حماس» بضرورة عودة السلطة إلى العمل في قطاع غزة، إلا أنها لا تخفي رغبتها في أن يكون لها دور في كل ما يتعلق بإدارة القطاع في المرحلة المقبلة، فهي تطالب بأن يكون لها دور في إعادة إعمار قطاع غزة، وفي معبر رفح، وفي الأمن الداخلي في القطاع، ففي إعادة الإعمار، تطالب «حماس» بتشكيل هيئة وطنية عليا تشرف على إعادة الإعمار. وقال الرشق: «معروف أن السلطة هي التي تتعامل مع الدول المانحة، لكن عند التنفيذ يجب أن تكون هناك هيئة وطنية في غزة تضع الأولويات وتشرف على التنفيذ». وأضاف: «عملية إعادة الإعمار عملية كبيرة جداً، أكبر من أي وزارة بمفردها، لذلك نحن في حاجة إلى هيئة وطنية للقيام بهذه المهمة». وتطالب «حماس» أيضاً بإبقاء موظفيها العاملين على معبر رفح في مواقعهم، وإبقاء الأمن في يد أجهزة الأمن الحالية العاملة في القطاع. واقترحت اللجنة التي شكلها الوفد لدرس تشغيل معبر رفح، إضافة عدد من موظفي السلطة مساو لعدد موظفي «حماس» على المعبر، وتشغيله تحت إدارة سلطة المعابر الفلسطينية التي يقودها نظمي مهنا. كما اقترحت نشر ألف عنصر من حرس الرئاسة على معبر رفح وعلى الحدود مع مصر. ويبدو أن السلطة ستكون مضطرة للاعتراف بدور «حماس» في إدارة الأمن الداخلي في قطاع غزة بسبب عدم وجود بديل لأجهزة الأمن الحالية العاملة في القطاع. وقال عضو الوفد من حركة «الجهاد الإسلامي» خالد البطش: «أجهزة الأمن الحالية العاملة في قطاع غزة نجحت في تطبيق القانون بصورة كبيرة، وعملت على القضاء على الانفلات الأمني التي شكلته العائلات المسلحة وغيرها، لذلك لا بد للسلطة من أن تعتمد على أجهزة الأمن هذه إذا أرادت للأمن أن يسود في قطاع غزة». وأضاف: «كما أن السلطة تتفهم أن أجهزتها القديمة في غزة لم تعد قادرة على القيام بالمهمة، لذلك لا بد لها من الاعتماد على الأجهزة الجديدة، فعلى الرغم من أن حماس هي التي أنشأتها، إلا أن لديها كفاءة مهنية عالية يعترف بها الجميع». وتفتح عودة السلطة للعمل في قطاع غزة ممراً إجبارياً نحو شراكة سياسية بين الفصائل المختلفة، خصوصاً «فتح» التي تسيطر على الضفة الغربية، و «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة. وقال نائب الأمين العام ل «الجهاد» زياد نخالة: «الاتفاق المقبل يشجع على الشراكة السياسية، لأنه أوجد دوراً للأطراف المختلفة». وأضاف: «سيكون أمامنا بعد مرحلة التوقيع على الاتفاق، جهد كبير لتحقيق الوحدة، وسنبذل جهوداً للتغلب على العقبات التي قد تظهر، مثل النزاع على بعض الصلاحيات، خاصة بالنسبة إلى إعادة الإعمار».