سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تكهنات "اليوم التالي": زلزال سياسي أم مجرد زوبعة ينجو منها اولمرت ؟ . اربعة ايام على نشر تقرير "لجنة فينوغراد" والتوتر في الساحة الاسرائيلية يبلغ ذروته
مع تبقي أربعة ايام على موعد نشر لجنة فحص إخفاقات الحرب الثانية على لبنان لجنة فينوغراد تقريرها النهائي الأربعاء المقبل، يبلغ توتر الساحة السياسية الإسرائيلية ذروة جديدة، إذ باتت تعد الساعات حتى موعد النشر، وسط توقعات بأن يكون التقرير مفصلياً في تاريخ الدولة العبرية، خصوصاً إذا تضمن انتقادات شديدة اللهجة للجيش، قادة وجنوداً، على إخفاقاته التي تواصل وسائل الإعلام تناولها، من دون أن يتردد بعضها في المس ب"البقرة المقدسة"على نحو غير مسبوق. وفاقم شد أعصاب الساحة الحزبية النشر المكثف في الأيام الأخيرة في كبرى الصحف، خصوصاً في الملاحق الصحافية أمس التي كُرست بالكامل لتسريبات متضاربة من مسؤولين سياسيين وضباط كبار ومن مداولات"لجنة فينوغراد"ابتغى كل منها التأثير على الرأي العام، فيما بزت"يديعوت أحرونوت"و"معاريف"سائر وسائل الإعلام لجهة اتخاذ موقف بعيد عن الحياد جاء أيضاً في سياق المنافسة التجارية بين اكبر صحيفتين في إسرائيل، ففيما اعتمدت"يديعوت"تسريبات من أوساط رئيس الحكومة ايهود اولمرت هدفت إلى إلقاء الفشل على وزير الدفاع السابق عمير بيرتس وعلى كاهل القيادة العسكرية، متوقعة أن يحمل التقرير النهائي للجنة"انتقادات كاسحة للجيش"، شنت"معاريف"هجوماً على رئيس الحكومة"الفاشل"ضمنته تهكماً على"أبواقه"في الصحيفة المنافسة، وخرجت بعنوان يدحض محاولات اولمرت تبرئة ساحته من الفشل، و"انفردت"بنشر خبر يقول إن رئيس هيئة أركان الجيش الحالي المدير العام لوزارة الدفاع أثناء الحرب الجنرال غابي أشكنازي حذر المستوى السياسي من القيام بالعملية البرية في اليومين الأخيرين من الحرب. ورغم اجتهادات كبار المعلقين لاستقراء ما سيحمله التقرير، إلا أن ثمة شبه قناعة لديهم بأن ما يكتبونه لا يتعدى تكهنات أو حتى تمنيات، وأنه ليس أكيداً أن أحداً يعرف ما ستقوله اللجنة. وفي كل الأحوال، فإن الأيام الثلاثة الأولى بعد نشر التقرير ستقرر ما إذا أحدث زلزالاً سياسياً، أم مجرد زوبعة ينجو منها اولمرت تماماً كما نجا بعد التقرير المرحلي الذي دانه بحدة بالفشل. وستكون للاحتجاجات التي يعتزم ضباط في الاحتياط قيادتها وزنها المؤثر على رد الفعل الشعبي الذي سيقرر حجمه الموقف الذي سيتخذه زعيم"العمل"وزير الدفاع ايهود باراك الذي يقول الشيء ونقيضه في شأن تعهده السابق مطالبة اولمرت بالاستقالة بعد نشر التقرير النهائي. ونسبت إليه"يديعوت احرنوت"أمس قوله إنه من الأهمية بمكان الحفاظ على الاستقرار السياسي في إسرائيل"إلى جانب أهمية تنفيذ معيار تحمل المسؤولية من جانب رئيس الحكومة". وفي كل الأحوال، فإن باراك يجد نفسه في مأزق، فهو إن بقي في الحكومة ونكث بوعده بالمطالبة بتنحي اولمرت سيظهر في عيون الإسرائيليين كمن لا يتمتع بالصدقية ولا يستحق منصب رئيس الحكومة الذي يسعى إليه، أما في حال قرر سحب حزبه من الحكومة، فإن فرصه بالفوز في انتخابات مبكرة شبه معدومة بل سيتهمه أنصار"العمل"واليسار بأنه تسبب في عودة اليمين المتشدد إلى الحكم. من جهته، هيأ اولمرت نفسه لتقديم دفوعه وفي مقدمها الادعاء بأنه استخلص العبر من أخطاء الأشهر الأولى لولايته، وأن أكبر دليل على ذلك، كما قال نائبه حاييم رامون، هو سيرورة اتخاذ القرار بشن غارة على سورية قالت مصادر أجنبية إنها استهدفت منشأة نووية. وسياسياً، يكرر اولمرت في رسائله إلى حزب"العمل"والأحزاب المؤيدة عملية السلام، إنه ماض في العملية السياسية مع الفلسطينيين"بكل ثمن". ورغم ان وضع أولمرت داخل حزبه"كديما"يبدو مستقراً خلافاً للفترة التي تلت"التقرير الجزئي"حين حاولت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني وعدد من الوزراء التمرد ضده، إلا أن استقرار حكومته ليس أكيداً حتى لو اجتاز بأمان وسلام"تقرير فينوغراد"، وذلك حيال التهديدات المتواترة التي يطلقها قادة حركة"شاس"الدينية المتزمتة بمغادرة الائتلاف في حال طرحت قضية القدس على طاولة المفاوضات. ولا شك ان انسحاب الحزب اليميني المتشدد"إسرائيل بيتنا"من ائتلاف اولمرت على خلفية العملية التفاوضية مع الفلسطينيين ضاعف ضغوط اليمين على الحركة الدينية لتنسحب هي أيضاً. وأفاد استطلاع جديد في أوساط أنصار الحركة أن 72 في المئة منهم يؤيدون انسحابها فورياً من الحكومة، بينما بلغت نسبة المطالبين بذلك في أوساط المتدينين المتزمتين"الحرديم"92 في المئة. ولاحظ مراقبون أنه جراء هذا الضغط، تبنى زعيم الحركة نائب رئيس الحكومة ايلي يشاي مواقف أكثر تشدداً، فبعد ان أعلن قبل أسابيع أنه لا يستعجل الانسحاب قبل أن يرى مسودة اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، وليس قبل بلورة اتفاق حول قضية القدس، أعلن الأسبوع الجاري أن مجرد طرح القضية على طاولة المفاوضات سيدفعه إلى الانسحاب من الحكومة. كما فطن بقضية مخصصات الأطفال التي اقتطعت الحكومة جزءاً كبيراً منها، ليلوّح بها مهدداً بأنه في حال عدم إعادتها، فإن حركته لن تبقى في الائتلاف. وفي تلخيص الأوضاع السائدة في إسرائيل، فإن ثمة شبه إجماع بأن حكومة اولمرت لن تنهي عمرها القانوني حتى نهاية العام 2010، سواء على خلفية زلزال سيحدثه تقرير فينوغراد، أو على أرضية انسحاب"شاس"من الائتلاف الحكومي، ما سيتسبب في انهيارها وتقديم موعد الانتخابات. وبات الحديث عن انتخابات مبكرة أواخر العام أو مطلع العام المقبل ليس مجرد حلم لليمين الواثق من عودته إلى سدة الحكم، بل واقع تفرضه الظروف ومخرج لباراك من"ورطته".