حاول وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أمس تهدئة مخاوف الديموقراطيين حيال المفاوضات الجارية حالياً مع العراق للتوصل الى اتفاق"حول وضع القوات"في هذا البلد في المستقبل، وأكد أن"لا مصلحة لنا في إقامة قواعد دائمة". من جهة أخرى، أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي، خلال زيارته عبد المهدي الكربلائي، وكيل المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، بعد نجاته من محاولة اغتيال، أن قوات الأمن تخوض"المعركة النهائية"ضد تنظيم"القاعدة"في محافظة نينوى. في واشنطن، كان قد أعرب الديموقراطيون عن خشيتهم من أن يؤدي الاتفاق العسكري مع العراق الى"تقييد يدي"الرئيس المقبل، عبر الزام الولاياتالمتحدة وجوداً عسكرياً طويل المدى، لكن غيتس قال إن"اتفاقاً مثل هذا لن يتضمن ذلك ...، لا مصلحة لنا في قواعد دائمة. أعتقد بأن طريقة التفكير في إطار اتفاق، هي مجرد مفهوم لتطبيع العلاقات بين الولاياتالمتحدةوالعراق". وكان بعض الديموقراطيين، بينهم جو بايدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، طالب بإرسال أي اتفاق الى الكونغرس للمصادقة عليه. وأكد وزير الدفاع أن النقاش المتعلق ب"اتفاق على وضع القوات"على وشك أن يبدأ، لكن الشكل الذي سيتخذه ليس واضحاً بعد. وقال:"أعرف أن هناك التزاماً قوياً داخل الإدارة بإجراء مشاورات عن كثب مع الكونغرس حول هذا الأمر. لكن وكما تعلمون، من دون أي فكرة حول الشكل الذي سيكون عليه الاتفاق الآن، أعتقد بأن من السابق لأوانه الحديث عن اتفاق مع الكونغرس أو اتفاق تنفيذي. أعتقد بأننا لا نعرف". وكان الناطق باسم وزارة الخارجية توم كايسي أعلن قبل ذلك أن المفاوضات حول وضع القوات مع العراق هدفها الإبقاء على الخيارات الأمنية مفتوحة لما بعد عام 2008، عندما ينتهي تفويض الأممالمتحدة. وأضاف أن هذا الأمر سيمنح على سبيل المثال الجيش الأميركي خيار مواصلة ملاحقة عناصر"القاعدة"وتدريب الجنود العراقيين. وتابع كايسي أن مثل هذا الاتفاق"سيكون النموذج الذي نستخدمه في علاقات ثنائية منتظمة بين الولاياتالمتحدة ومعظم الدول الأخرى في العالم". وقال رداً على سؤال عما اذا كان الاتفاق يتضمن إشارة الى قواعد دائمة:"لا نسعى إلى اقامة قواعد دائمة في العراق، وهذه المسألة واضحة منذ بعض الوقت. كلا، لأن الاتفاق ليس على القواعد". ورداً على سؤال عن موقف واشنطن في حال طلبت بغداد قواعد دائمة، شدد كايسي على وجوب أن يكون هناك فرق بين الأسس القانونية التي يستند اليها انتشار الجنود لفترة زمنية معينة، والقرار التكتيكي في خصوص كيفية القيام بذلك. وتابع"أن القرارات يتخذها القادة الأميركيون ميدانياً عبر عملهم مع نظرائهم العراقيين على أن يباركها صانعو السياسة لاحقاً". ونفى الناطق باسم الخارجية"أن ذلك يعني ابقاء عدد من الجنود ضمن جدران أو تحديد نمط معين من النشاطات والأهداف في شكل دائم". من جهة أخرى، قال المالكي أمس إن قوات الأمن تخوض"معركة حاسمة ونهائية"ضد عناصر تنظيم"القاعدة"في محافظة نينوى التي شهدت تفجيراً ضخماً الأربعاء أسفر عن مقتل 36 شخصاً واصابة العشرات. وأضاف خلال مؤتمر صحافي في محافظة كربلاء:"لقد هزمنا القاعدة ولم يبق لنا سوى محافظة نينوى ... وشكلنا غرفة عمليات في المحافظة لحسم المعركة النهائية معها ومع العصابات وأزلام النظام السابق". واضاف ان"الجريمة التي ارتكبتها القاعدة الاربعاء بقايا أسهم يحملونها. إن الجريمة الاخيرة اعطتنا دفعة لضرورة التحرك ... واليوم بدأت القوات تتحرك الى الموصل وستكون المعركة حاسمة بهمة ابناء المحافظة". ويأتي الإعلان عن العملية في اعقاب تفجير مبنى أدى الى تدمير منازل في حي الزنجيلي غرب الموصل. وغداة تفجير المبنى، فجر انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً نفسه مستهدفاً قائد الشرطة في محافظة نينوى العميد صلاح الجبوري، ما أسفر عن مقتله واثنين من مرافقيه. وتسود المحافظة، وكبرى مدنها الموصل 370 كلم شمال بغداد، اعمال عنف بشكل شبه يومي. ويقول مسؤولون أمنيون أميركيون إن اتباع تنظيم"القاعدة"توجهوا من بغداد إثر تضييق الخناق عليهم الى أربع محافظات شمالية هي ديالى وصلاح الدين والتأميم ونينوى. ويشن الجيشان الأميركي والعراقي منذ الثامن من الشهر الجاري عملية"فانتوم فينيكس"ضد انصار تنظيم"القاعدة"والمتشددين الاسلاميين الذين يدورون في فلكها في المحافظات الأربع. الى ذلك، قال المالكي:"علينا ان نفتخر بأننا استطعنا اسقاط الكثير من المؤامرات، وأخطرها الطائفية التي أرادوا لها ان تغرق البلاد بالدم والحرب الأهلية". واضاف:"الجميع يعرف انه إذا اشتعلت الحرب في البلد لن تبقى فيها خدمات ولا يستطيع أحد ان يستقر فيها .... كنا على حافة الهاوية وكنا نجمع الجثث مقطوعة الرؤوس من شوارع بغدادوالمحافظات، كلها مقتولة على الهوية من هذه الطائفة او تلك". وتابع:"بوقفة الرجال الأبرار استطعنا التغلب على المؤامرة وان كانت الذيول باقية ... كما حصل من حادث اجرامي استهدف الشيخ عبد المهدي الكربلائي، هذه بقايا من سهام هؤلاء الجهلة أو المخابرات الدولية او النظام السابق ... لم تبق إلا شظايا". ونجا الكربلائي، وهو أحد الوكلاء الشرعيين للمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، من هجوم أدى الى اصابته بجروح طفيفة في كربلاء، على بعد 110 كلم جنوببغداد، ومقتل اثنين من مرافقيه مساء الخميس.