في الولاياتالمتحدة الأميركية، طفلة في الرابعة من عمرها تعيش مع عائلتها. طفلة طبيعية تحب اللعب واللهو مع أخيها في حديقة منزلهما. اسمها مارلا، وكغيرها من الأطفال ترقص وتضحك وتبكي وترسم. إلاّ أن ما يمّيز ابنة الرابعة، أنها بخلاف الأطفال الآخرين، رسومها تباع بملايين الدولارات. كسبت أعمال مارلا الفنية، في الرسم التجريدي، شهرة عالمية منذ عرضها في قهوة يملكها أحد أصدقاء أهلها. ومع أول طلب لشراء لوحة، بدأ الأهل يحضّون ابنتهم الصغيرة على المزيد من الرسم والعمل على لوحات أكبر حجماً، بهدف عرضها. ومع تنظيم أول معرض رسم لمارلا، تهافتت وسائل الإعلام العالمية إلى منهاتن لنقل ما تقوم به ابنة الرابعة من العمر. وأهمل الإعلام اسم مارلا لمصلحة تسميتها بپ"الطفلة المعجزة". وارتفع سعر رسومها بعد أن تناولت قصّتها أوبرا وينفري في برنامجها. ويعتبر الأولاد البارعون إحدى ظواهر الحلم الأميركي. ورسوم مارلا، التي اعتبرها البعض معجزة بشرية وعبقرية فنية، عبارة عن ألوان مبعثرة ومدموجة بعفوية بواسطة فرشاة رسم. أعمال لا تقل أهمية عن أعمال الكثير من الفنانين الحديثين الذين لا يهتمون بالتقنيات والكلاسيكية الفنية. مما جعل الكثيرين يطرحون الأسئلة حول ماهية الرسم التجريدي، وعبقرية الفنان جاكسون بولوك الذي اشتهرت لوحاته بپ"رش الألوان"بواسطة فرشاة رسم على لوحة بيضاء، تماماً كما تفعل الصغيرة مارلا. وهذا ما يدفع بالكثيرين إلى القول"بإمكان طفلي رسم هذا". وهي عبارة استخدمت في عنوان فيلم وثائقي، تناول"ظاهرة"مارلا وأضاء على حياتها. تظهر مارلا في الفيلم طفلة جميلة تحب اللهو ولفت الأنظار مثل أكثر فتيات عمرها. ويظهر والدها فخوراً بموهبة ابنته ومستعداً لعمل أي شيء لتوسيع شهرتها عبر العالم، وكسب المزيد من الأموال، التي ستصرف على"تعليمها الجامعي"، على حدّ قوله. أما الوالدة، فتبدو متوترة، مدركة أن وسائل الإعلام"تسلب"العائلة خصوصياتها، وتتطفل على حياتها الشخصية. وترى الأم أن العالم يخطئ بإعطاء ابنتها لقب"الطفلة المعجزة"، خوفاً على طفلتها. وأراد المخرج تصوير مارلا في منزلها ترسم لوحة كاملة، للتأكيد للمتسائلين أن هذه الطفلة، هي صاحبة الرسومات الشهيرة التي تعتبر"مهمة وراشدة فنياً". فوضع كاميرا مراقبة في منزل مارلا، أثارت فضيحة، ببث صور للطفلة ترسم لوحة وسمع صوت والدها يرشدها في الرسم. وقد ساهمت هذه الفضيحة، في إثارة بعض الأميركيين الذين شاهدوا البرنامج وبعثوا النقد والشتائم والاتهامات بالغش لوالد مارلا الذي يهوى الرسم ويمارسه في منزله. وهكذا انقسمت أميركا بين مؤمنين بموهبة مارلا وبين متّهمين الوالد بالغش واستغلال طفلته. أما مخرج الفيلم الوثائقي، فلم يفلح بتصوير الفتاة ترسم، في ظل اعتراض الأهل بأن الفتاة تخجل من الكاميرا. وأراد مخرج هذا الوثائقي كشف الحقيقة، بحسب قوله. وحينما لم يفلح أرادنا أن نعتبر أن مارلا ترسم لوحاتها لكن بمساعدة والدها.