غرقت كينيا في حمام دم في ظل صدامات عرقية بعد اعلان فوز الرئيس مواي كيباكي على منافسه المعارض رايلا أودينغا، في انتخابات مثيرة للجدل أضرت بصدقية العملية الديموقراطية في البلاد. وانتشرت الصدامات بين ابناء عرقيتي كيكويو المناصرين لكيباكي وليوس المؤيدين لأودينغا، في انحاء كينيا، من معاقل المعارضة غرباً قرب الحدود مع اوغندا الى ميناء مومباسا المطل على المحيط الهندي، مروراً بالأحياء العشوائية في العاصمة نيروبي. ووقعت جرائم قتل بعضها بالسواطير في مومباسا وكيسومو غرب ومدن الصفيح في نيروبي، فيما فرضت السلطات منع تجول في بعض المناطق في محاولة يائسة لتهدئة الوضع، خصوصا بعد إتساع اعمال النهب للمحلات التجارية وما رافقها من عنف ومواجهات مع رجال الشرطة. وسجل سقوط 150 قتيلاً على الأقل، بحسب وسائل الإعلام المحلية، وذلك منذ مسارعة كيباكي لأداء القسم الدستوري لولاية رئاسية ثانية، بعد دقائق من اعلان لجنة الانتخابات فوزه مساء اول من امس. واندلع العنف في شكل جنوني بعد نزول محازبي كيباكي الى الشوارع للاحتفال بفوزه، فتصدى لهم انصار المعارضة الموالين لاودينغا، علماً انه دعا الى تجمع سلمي في وسط نيروبي غداً، للاحتجاج على نتائج الانتخابات. وأثار سخط انصار أودينغا قطع السلطات البث التلفزيوني خلال إلقائه خطاباً عاطفياً اتهم فيه"حاشية تحيط بكيباكي"ب"محاولة سرق الانتخابات من الكينيين"، مؤكداً ان قطار الديموقراطية لا يمكن وقفه"في البلاد. وقال كيباكي في بيان:"اختتمت البلاد لتوها انتخابات عامة حرة ونزيهة كان التنافس فيها محتدما. وستتعامل حكومتي بحسم مع من يخلون بالسلام عن طريق تشديد الامن في انحاء البلاد."لكنه اضاف:"بعدما تجاوزنا مرحلة الانتخابات حان الوقت للمصالحة والتئام الشمل بين جميع الكينيين. وانني اطلب منا جميعا وخصوصا جميع الزعماء العمل بروح جديدة من الوحدة الوطنية واحترام الخيار الديموقراطي وحفظ السلام والامن والنظام". وسيرت قوات مكافحة الشغب دوريات في الشوارع وشددت الحراسة على مراكز التسوق خوفاً من وقوع اعمال سطو. وقال شهود ان الشرطة طلبت من السكان في بعض المناطق البقاء في منازلهم وإلا تعرضوا لإطلاق النار. وأفاد سائق سيارة اجرة ان"الشرطة اعلنت في مكبرات الصوت ان من سيخرج سيقتل بالرصاص". وشكلت الاضطرابات انتكاسة خطرة في هذا البلد الذي عرف منذ استقلاله عن بريطانيا العام 1963، بأنه اكثر دول منطقة شرق أفريقيا وآسيا استقراراً. وعززت الصراع بين كيباكي واودينغا تصريحات شككت في صدقية الانتخابات. وعبر كبير مراقبي الاتحاد الاوروبي ألكسندر غراف لامبسدورف عن شكوك في عملية فرز الاصوات، مشيراً الى أن لجنة الانتخابات الكينية لم تؤكد صدقية عملية التصويت. في الوقت ذاته، قال كوكي مولوي رئيس معهد التعليم الديموقراطي وهو مؤسسة مراقبة تحظى بالاحترام في كينيا:"انه يوم حزين في تاريخ الديموقراطية في هذا البلد. انه انقلاب". ودانت الولاياتالمتحدة اعمال العنف في كينيا، وطلبت من كيباكي واودينغا التعاون لاستعادة السلم الاهلي. وأعربت السفارة الأميركية في نيروبي في بيان عن"القلق من مخالفات لوحظت خلال الانتخابات العامة"التي أجريت في 27 كانون الاول ديسمبر الماضي، وشابتها اتهامات بالتزوير. كذلك حضت روسيا القوى السياسية في كينيا على إنهاء أعمال العنف. ونقلت وكالة أنباء"نوفوستي"عن بيان للخارجية الروسية ان"موسكو تتابع التطورات في كينيا وتأمل في ان تعمد القوى السياسية الى ضبط النفس وتبدي استعدادها لحل المشاكل وفقاً للدستور".