قتل ما لا يقل عن 35 شخصاً في اعتداءين انتحاريين متزامنين تقريباً هزا المنطقة العسكرية في مدينة روالبندي المجاورة للعاصمة إسلام آباد حيث مقر قيادة أركان الجيش والمقر العسكري للرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف الحليف الأساسي للولايات المتحدة في"حربها على الإرهاب"والذي أقسم الرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري قبل شهرين على إسقاط نظامه. ويشكل ذلك فصلاً جديداً من مسلسل دموي تشهده باكستان منذ ان قرر الرئيس برويز مشرف قبل شهرين تكثيف المعركة ضد الاسلاميين. وفي عداد الضحايا 17 موظفاً في وزارة الدفاع كما صرح الناطق باسم الجيش الجنرال وحيد ارشاد. وقال مسؤول رفيع في أجهزة الاستخبارات ان الأسلوب الذي اعتمد في تنفيذ هذين الاعتداءين في وقت متزامن تقريباً من قبل رجال يملكون على ما يبدو معلومات جيدة"يحمل توقيع القاعدة". ونفذ الهجومان اللذان أوقعا أيضاً 68 جريحاً على الأقل بحسب الشرطة، في مدينة روالبندي الضاحية الشعبية المجاورة للعاصمة الباكستانية. ودمر التفجير الأول باصاً عسكرياً قرب سوق قاسم. والقتلى السبعة عشر هم على ما يبدو بحسب مصدر في الشرطة من عناصر أجهزة الاستخبارات العسكرية أي اس اي النافذة جداً. لكن مصادر أخرى نقلت عن مسؤولين باكستانيين قولهم إن الضحايا كانوا يعملون في لجنة الطاقة الذرية الباكستانية، وأن عدداً من الحراس التابعين لوزارة الدفاع الباكستانية كانوا يرافقونهم كالعادة. وصعد رجل غريب عن الوزارة في اللحظة الأخيرة الى الباص وفجر قنبلته كما أوضح المسؤول عن الشرطة في وزارة الداخلية كمال شاه. اما الاعتداء الثاني، فنفذ على بعد ثلاثة كيلومترات من الأول في سوق شعبية، واستهدف على الأرجح ضباطاً يسلكون هذا الطريق كل يوم، بحسب مصادر عسكرية وقتل ثمانية أشخاص. وأكد عمران علي اذلي يقيم قرب موقع الانفجار ل"الحياة"انه استيقظ على صوت الانفجار الذي وقع قرابة السابعة والربع صباحاً، وتسبب في تحطم زجاج منزله. وأضاف أن كثيرين ممن شاهدوا الانفجار قالوا له إن الباص المستهدف ارتفع عن الأرض عدة أمتار، وتطايرت الجثث والأشلاء حتى مسافة ستين متراً من المكان. كما تسبب الانفجار في انسلاخ سقف الباص الأبيض الذي يعد نحو أربعين مقعداً والمدمر تماماً. وأفاد مدير شرطة المنطقة النقيب شاهد بأن الانفجار الثاني وقع في منطقة قريبة من مكان الانفجار الأول، وعلى مسافة تقل عن خمسين متراً من البوابة المؤدية إلى مقر القيادة العامة للجيش الباكستاني، مقر الجنرال برويز مشرف. وبحسب شهود عيان تحدثت إليهم"الحياة"، فإن الانفجار وقع بعد توقف رجل يستقل دراجة نارية أمام متجر قريب من بوابة القيادة. وتسبب الانفجار في مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وجرح عشرات آخرين، فيما أفادت الشرطة بسقوط 7 قتلى و12جريحاً، بعضهم حاله خطرة. وإذا كان الناطق باسم الجيش الباكستاني اللواء وحيد أرشد أشار إلى أن الانفجارين ناجمين عن قنابل موقوتة بمواد شديدة الانفجار، بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى والجرحى، لكن الناطق باسم الداخلية الباكستانية، العميد جاويد شيما، قال إن الانفجارين ناجمين عن عمليتين انتحاريتين. واتهم شيما في شكل غير مباشر مقاتلي القبائل في منطقة وزيرستان بالتورط في الهجومين، بربطه بينهما وبين ما يحدث بين الجيش والمقاتلين في مناطق القبائل. أما وزير الأوقاف الباكستاني نجل الرئيس السابق ضياء الحق، إعجاز الحق، الذي يسكن قريباً من موقعي الانفجارين، فقال إن الانفجارين استهدفا مراكز ومنشآت حيوية ومؤسسات أمنية، مما يشير إلى خلل أمني سهّل تسلل منفذي هذين التفجيرين إلى قلب المربع الأمني للجيش الباكستاني، واستهدافهم أجهزته الأمنية الحساسة. مصير الانتخابات أمام ذلك، حذر وزير السكك الحديد، شيخ رشيد أحمد، وهو من المقربين من الرئيس مشرف، من أن مثل هذه الاعتداءات قد تؤثر في الحملات الانتخابية للبرلمان المقبل، لا سيما أن الأحزاب قد تلجأ إلى حشد آلاف من أنصارها في الحملات الانتخابية، لتتحول بذلك إلى أهداف سهلة للانتحاريين. ويعني ذلك احتمال أن تلجأ الحكومة إلى إلغاء الحملات الانتخابية أو منع التجمعات الانتخابية الكبيرة، وهو ما ترفضه المعارضة. ورفض الناطق باسم رئيسة الوزراء السابقة بيناظير بوتو، فرحت الله بابر، الربط بين الانتخابات وتأثير التفجيرات على الحملات الانتخابية للأحزاب الباكستانية، مشدداً على ضرورة أن تجرى الانتخابات في موعدها وبإشراف محايدين يتم الاتفاق عليهم بين الأحزاب الباكستانية. ورأى فرحت الله بابر أن وقف مسلسل العنف في باكستان"يكون عبر حكومة منتخبة تعكس آماله وطموحاته". جاء ذلك فيما قال بابر، إن تقدماً تحقق في المفاوضات بين بيناظير بوتو والرئيس برويز مشرف في شأن تنظيم انتخابات حرة وعادلة. وتجري المفاوضات بين الطرفين في حين يسعى الرئيس إلى تمديد بقائه في السلطة بعد 8 سنوات له في سدة الرئاسة، في وقت تسعى بوتو للعودة من منفاها إلى إسلام آباد والمشاركة في الحياة السياسية.