تحدى مئة الف متظاهر يتقدمهم 30 ألف راهب بوذي على الاقل أمس، تحذير النظام العسكري الحاكم في ميانمار بورما من "اتخاذ اجراءات" بحقهم، بعد ثمانية ايام على اطلاق الرهبان تحركهم السلمي ضد السلطات. وهتف المتظاهرون في العاصمة رانغون امس"الديموقراطية... الديموقراطية"، فيما انتشرت شاحنات عسكرية على بعد كيلومتر من مقر بلدية العاصمة حيث تمركز مَن فيها، من دون التدخل لقمع التحرك، في موقف عزاه مراقبون الى"ضغوط صينية". وغداة تنفيذ مسؤولي النظام العسكري جولات ميدانية بشاحنات لمطالبتهم ب"تجنب التدخل في السياسة"، اعاد الرهبان تجميع صفوفهم في موقعي البلدية ومعبد سولي وسط المدينة حيث اقاموا صلوات ورفعوا لافتات كتب عليها:"طعام كافٍ وملبس وملجأ، مصالحة وطنية، الحرية لجميع السجناء السياسيين". وألقى قادة المتظاهرين خطابات عبر مكبرات صوت، وقال الشاعر أونغ واي ان"المصالحة الوطنية مهمة"، مشيراً الى ان الرهبان"ينتفضون"باسم الشعب. في غضون ذلك، دعت الصين المجلس العسكري في بورما الى التعامل مع الاحتجاجات ب"طريقة صحيحة"، مجددة حرصها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية جيان يو أن بلادها، الحليف الرئيسي لرانغون، تتمنى"استقرار بورما ونموها الاقتصادي"، وأضافت:"نثق بأن حكومة بورما وشعبها سيعالجان الوضع بطريقة صحيحة". ورأى محللون ان نفوذ بكين في بورما أتاح حتى الآن تجنب قمع حركة الاحتجاج ب"القوة العسكرية". وقال وين مين خبير الشؤون البورمية في جامعة تشيانغ ماي في تايلاند:"واضح ان المجلس العسكري خضع لضغوط الصين لدفعه الى إيجاد تسوية سلمية، واذا لجأ الى العنف، لن تستطيع الصين الدفاع عن بورما في مجلس الأمن"، علماً انها استخدمت حق"الفيتو"في كانون الثاني يناير الماضي، لمنع اتخاذ المجلس قراراً بإدانة انتهاكات بورما لحقوق الانسان. في نيويورك، حض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في افتتاح الجمعية العامة للمنظمة الدولية، النظام العسكري في بورما على"ضبط النفس"، فيما اطلق الرئيس جورج بوش حركة تعبئة دولية ضد بورما. وأعلن دعمه المتظاهرين هناك، مشيراً في خطابه الى ان"التحرر من الفقر والمرض والجوع والطغيان والقمع والجهل، ينقذ الناس من الفقر واليأس". وأشار ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي لدى الادارة الاميركية الى ان عقوبات اميركية جديدة ضد المجلس العسكري في بورما اعلنها بوش، تشمل حظر منح تأشيرات لشخصيات اساسية في النظام وعائلاتهم وأولئك الذين يساندونهم مالياً، كما تشمل دعوة المجتمع الدولي الى الضغط على النظام لارغامه على تغيير سياسته. وذكّر هادلي بالمطلب الأساسي للادارة الأميركية المتمثل بإطلاق جميع السجناء السياسيين في بورما، فيما طالبت الخارجية الاميركية النظام البورمي باطلاق"حوار مع شعبه". وتخضع بورما لعقوبات اميركية منذ قرر الرئيس السابق بيل كلينتون منع استثمارات بلاده فيها، في أيار مايو 1997، ثم حظر الرئيس بوش استيراد منتجات من بورما وتصدير او إعادة تصدير الخدمات المالية الأميركية اليها، بعدما وضع النظام العسكري هناك زعيمة المعارضة اونغ سان سو تشي قيد الاقامة الجبرية في تموز يوليو 2003. وأملت الناطقة باسم المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، بأن"ينتهز"النظام البورمي"الفرصة لاطلاق اصلاحات سياسية فعلية". اما الدالاي لاما الذي يمثل السلطة الروحية للبوذيين، فأكد دعمه"الكامل"للرهبان، داعياً حكومة بورما الى عدم استخدام القوة ضدهم. وفي لندن، شدّد رئيس الوزراء غوردن براون على ضرورة تهديد الاتحاد الأوروبي بورما بعقوبات اشد"اذا اتخذت الخيار السيء"، مطالباً سلطاتها العسكرية ب"إطلاق اصلاح سياسي حقيقي".