ان يأكل الإنسان أمر بديهي وطبيعي، فالغذاء ضروري للبقاء على قيد الحياة، ولكن يجب اختيار الأغذية المناسبة التي تؤمن لأجسامنا ما يلزمها. الملاحظ خلال رمضان المبارك أن الغالبية العظمى من الصائمين يوجهون اهتمامهم صوب غذاء أو أغذية معينة دون غيرها، ضاربين عرض الحائط بأخرى، مع أن هذه تعتبر مهمة وضرورية لحصول الجسم على احتياجاته الضرورية، إذ ليس هناك غذاء واحد يستطيع أن يؤمن للجسد كل ما يلزمه للقيام بوظائفه. ومن أجل أن يستدل الإنسان على ما يلزمه، لا بد له من الاطلاع على ما يعرف في الوسط الطبي، بالهرم الغذائي الذي يبين فيه العلماء ما يجب علينا أن نتناوله يومياً من الأغذية، كي تكون صحتنا على أحسن ما يرام. ويوصي الهرم الغذائي بأن يؤمن الشخص يومياً الحصص المنصوح بها من المجوعات الغذائية الآتية: أولاً: مجموعة الحبوب والنشويات، وهذه تزود الجسم بالطاقة اللازمة وتشمل الرز والخبز والمعجنات والشوفان والبرغل وغيرها. وينصح بتناول 6 الى 8 حصص يومياً. ثانياً: مجموعة الخضروات، وتمتاز بغناها بالأملاح المعدنية والفيتامينات والألياف. ينصح بتناول 3 الى 5 حصص في اليوم. ثالثاً: مجموعة الفواكه الغنية بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة. يوصى باستهلاك 2 الى 4 حصص يومياً. رابعاً: مجموعة الحليب ومشتقاته، وهذه تمد الجسم بأهم معدن ضروري لبناء الهيكل العظمي والأسنان. وينصح بتناول 2 الى 3 حصص يومياً. خامساً: مجموعة اللحوم والبقوليات والبيض والمكسرات، وتعتبر هذه مصدراً مهماً للبروتينات الضرورية للنمو ولبناء الخلايا والأنسجة وإصلاح ما تخرب منها، الى جانب مشاركتها في صنع الكثير من الهورمونات والأنزيمات وهيموغلوبين الدم. أيضاً، فإن هذه المجموعة غنية بفيتامينات الزمرة ب. ينصح بتناول 2 الى 3 حصص يومياً. سادساً: مجموعة الأدهان والزيوت، وهي من أغنى الأغذية بالسعرات الحرارية، وتحتوي في طياتها على فيتامينات منحلة فيها، مثل الفيتامين A، والفيتامين D، والفيتامين E. ويوصى بتناول 5 الى 6 ملاعق صغيرة في اليوم. ان الهرم الغذائي يعتبر وسيلة جيدة يمكن الاستعانة بها لتنظيم ما يدخل الى بطوننا من المآكل، ان الالتزام بقواعد هذا الهرم، يحقق 3 أهداف رئيسة هي: التنويع والتوازن والاعتدال. وطبعاً لا بد من الأخذ في الاعتبار النصائح الآتية: * تفضيل النوعية على الكمية، فخير ألف مرة أن يأكل الإنسان كميات قليلة ذات نوعية جيدة بدلاً من حشو المعدة بأنواع سيئة من الطعام، من هنا يجب على الشخص أن يتناول حاجته من الطعام من دون زيادة ولا نقصان، وأن يختار الأغذية الطازجة، ويتفادى الأطعمة المحضرة مسبقاً، وأن يتزود بأغذية طبيعية لم تجر عليها مناورات صناعية تجردها من عناصر مهمة كالمعادن والفيتامينات. * اختيار الأدهان الجيدة على حساب الأدهان السيئة، المتهمة حتى إشعار آخر بأنها وراء انفجار الإصابات القلبية والوعائية والسرطان وتصلب الشرايين، وبناء على هذا يجب الحد من تناول الدهون الحيوانية المنشأ والزبدة والمايونيز والصلصات المدهنة. * عدم المبالغة في استهلاك اللحوم، فكل الدراسات تجمع تقريباً على أن تناول اللحم بكثرة يمكن أن يؤدي الى أضرار بالغة بالصحة، وسبب ذلك يرجع الى أن البروتينات هي مركبات معقدة تنتج من هضمها مخلفات سامة لا يتم التخلص منها بسهولة، الأمر الذي يقود الى تراكمها في الجسم فتنجم عنها مع مرور الزمن، إصابات لا تُحمد عقباها. معظم الناس، إن لم يكن جميعهم، يظن أن البروتينات توجد في اللحم فقط، وهذا غير صحيح، فالبروتينات توجد في النباتات أيضاً، خصوصاً البقوليات والمكسرات. يجب التقنين في التهام اللحم الأحمر والاتجاه أكثر صوب لحم السمك والدواجن، ويفضل تزويد الجسم بالبروتينات مناصفة، أي أن يأتي 50 في المئة منها من اللحم، أما النصف الباقي فمن النباتات. وينصح بتناول اللحوم مشوية أو مسلوقة، فهي أفضل من المقلية. * استهلاك الخضار والفواكه كل يوم، لأن هذه الأغذية هي مفتاح الصحة، نظراً الى احتوائها على مغذيات عالية الجودة تؤمن حسن سير العمل في كل أعضاء الجسم. ويجب الحذر من تغطيس الخضار والسلطات في الماء، لأن هذا السلوك يؤدي الى هرب الفيتامينات المنحلة في الماء. كما يجب عدم المبالغة في طبخ الطعام بهدف صيانة مكوناته. * تبقى ثلاث نصائح يجب عدم الإخلال بها وهي: تفضيل زيت الزيتون على الزيوت النباتية الأخرى سواء للطبخ أو للسلطات. وممارسة النشاط البدني يومياً لأنه وسيلة جيدة للحفاظ على الوزن والسيطرة على الطاقة الداخلة والخارجة من الجسم. أما الثالثة، فهي شرب ما يكفي من الماء لأهميته على أكثر من صعيد. رب سائل قد يسأل: وما هي النصائح الغذائية المتعلقة بالإفطار والسحور؟ عند الإفطار ينصح الصائم بأن يتناول أشياء خفيفة، غير ثقيلة على المعدة، مثل التمور والشوربة وعصير الفواكه، وأن يبدأ في تناول الوجبة الأساسية بتمهل، من أجل إعطاء الوقت للعصارات الهضمية كي تقوم بوظائفها على أحسن ما يرام. كما يجب عدم المبالغة في التهام كميات كبيرة من الطعام، لأن هذا من شأنه أن يعرقل عملية الهضم ويؤدي الى اضطرابات لا لزوم لها. أما عن وجبة السحور فيجب أن تتوافر فيها الشروط الآتية: - أن يكون توقيتها متأخراً قدر المستطاع لدفع شبح الجوع خلال ساعات النهار الطويلة. - أن تحتوي على مكونات تثير الشبع وتمد الجسم بالطاقة اللازمة لأطول فترة ممكنة. - أن تكون غنية بالسوائل أو تحتوي على أطعمة غنية بها أي السوائل من أجل تفادي العطش خلال فترة الصوم. - أن تكون فقيرة بالأطعمة الدسمة والمقالي والمخللات والحلويات المركزة والمكسرات، لأن هذه تثير العطش الشديد في أوقات النهار. تبقى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن على الصائمين أن يتفادوا الأكل من دون انقطاع منذ لحظة الإفطار الى وقت السحور، لأن هذا التصرف سيكون مفتاح الدخول الى مشاكل هضمية لا لزوم لها.