مرت ساعات يوم امس بطيئة وكئيبة على غالبية سكان قطاع غزة الذين أحجموا عن مغادرة منازلهم والنزول الى الشوارع او التوجه الى اعمالهم، خصوصا من جانب المناوئين لحركة"حماس"وحكومتها والذين يلتزمون"شرعية"حكومة تسيير الأعمال برئاسة سلام فياض ولا يتوجهون الى اعمالهم بناء على طلبها. وبدا كثير من الناس مصدوماً مما حصل اول من امس قبل صلاة الجمعة وأثناءها وبعدها، خصوصا ذلك المشهد الذي بثته الفضائيات ويظهر فيه عدد من عناصر"القوة التنفيذية"ينهال بالعصي على شاب بعدما فرغ من أداء الصلاة وسط الطريق. وما زاد من الصدمة اعتداء عدد من عناصر القوة على الصحافيين ايضاً الذين يجدون يوما بعد يوم تعاطفاً متزايداً معهم من المواطنين ومنظمات المجتمع المدني وهيئات حقوق الانسان والنخب المختلفة. وبدا واضحا خلال الأسابيع الماضية التي اعقبت سيطرة"حماس"على القطاع بالقوة، ان شعبية الحركة تتآكل بفعل ممارسات القوة التنفيذية واعتداءاتها وانتهاكاتها لحقوق الناس وحرياتهم، لصالح فئات وجهات أخرى منها الصحافيون وحركة"فتح"والقائد الميداني في ذراعها العسكرية سميح المدهون الذي اعدمته"كتائب القسام"، الذراع العسكرية ل"حماس"في 14 حزيران يونيو الماضي، وهو اليوم نفسه الذي هزمت فيه"فتح"واجهزتها الأمنية. وشهد امس حراكاً اعقب اعتداءات الجمعة، اذ عقد مدير مؤسسة"الضمير"لحقوق الانسان خليل أبو شمالة مؤتمراً صحافياً في وكالة رامتان المستقلة للانباء التي تعرض عدد من الصحافيين العاملين فيها الى الاعتداء والشتم، انتقد فيه بشدة ممارسات القوة التنفيذية واعتداءاتها والاعتقالات التي استهدفت عناصر"فتح"وطاولت قياديين في الحركة وفصائل أخرى اول من امس. واستنكر ابو شمالة اعتقال قادة الفصائل وعشرات"الفتحاويين"وضرب بعضهم، كما ندد بشدة بالاعتداءات على الصحافيين، وشدد على أهمية احترام حق المواطنين في التجمع والتظاهر السلمي شرط عدم اثارة الفوضى. فصائل منظمة التحرير وسبق ذلك، مؤتمر صحافي عقده ممثلو منظمة التحرير الفلسطينية في مقر"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"تلا خلاله عضو اللجنة المركزية للجبهة كايد الغول بياناً صادراً عن اجتماع طارئ عقده ممثلو الفصائل لدرس الأمور في أعقاب تطورات الأحداث التي وقعت في القطاع أول من امس. ودعا ممثلو الفصائل فلسطينيّ القطاع البالغ عددهم مليوناً ونصف مليون الى الاضراب الشامل اليوم احتجاجاً على احداث الجمعة"حتى تصل الرسالة"الى"حماس". وقال الغول ان حركة"الجهاد الاسلامي"تحفظت على اعلان الاضراب الشامل، مضيفا:"اجمع الحضور على مطالبة قيادة حماس بالاعتذار للاخوة الذين جرى التطاول عليهم واحتجازهم، والافراج الفوري عن باقي المحتجزين، ووقف الاستدعاءات والملاحقات والاعتداءات التي تمارس في حق ابناء شعبنا والصحافيين واصحاب الرأي". وكان اللقاء الذي انضم اليه قادة الفصائل المفرج عنهم من سجن القوة التنفيذية، شهد نقاشاً ساخناً وتم خلاله بحث سبل الرد على احداث الجمعة. وتراوحت الاقتراحات في شأن الرد بين اصدار بيان وعقد مؤتمر صحافي والاضراب الشامل. واستعرض عدد من القادة المعتقلين الطريقة التي تعاملت فيها عناصر القوة التنفيذية معهم. وقال مفوض الاعلام في قيادة"فتح"في القطاع ابراهيم ابو النجا ان السب والشتم طاولا المنظمة والرئيس محمود عباس ايضا والفصائل، فيما اعتبر عضو قيادة"فتح"في القطاع احمد حلس ان"ما حدث تجاوز كل الخطوط"، مشيرا الى ان"فتح"اختارت النضال السلمي ضد"حماس"في اعقاب سيطرة الاخيرة على القطاع، متسائلاً ان كان من الاجدى العودة الى العمل السري في حال واصلت"حماس"اعتداءاتها على ناشطي الحركة. "الجهاد" تندد وعلى رغم تحفظها عن الاضراب، فإن القيادي في"الجهاد"خالد البطش اعتبر ان"ما حدث مرفوض وغير مقبول". واشار الى اتصالات ولقاءات عقدتها الحركة مع قادة"حماس"ابلغتها برفضها اعتقال ناشطي"فتح"وقياداتها. واشار الاغا الى انه أٌبلغ من القوة التنفيذية بأن اعتقاله وبقية القادة جاء بقرار سياسي من"اعلى المستويات"، في اشارة الى قيادة"حماس". وتتهم"فتح"وبعض فصائل المنظمة وزير الداخلية السابق، رئيس كتلة"حماس"في المجلس التشريعي سعيد صيام بالوقوف وراء هذه القرارات. وتقول هذه الجهات ان صيام هو الذي يقود وزارة الداخلية وليس رئيس الحكومة المقالة وزير الداخلية اسماعيل هنية، الذي يحيل كل القضايا الامنية على صيام عندما يسعى أي طرف لبحثه معه بصفته رئيس الحكومة ووزير الداخلية. الى ذلك، تقدمت كتلة الصحافي الفلسطيني، وهي الاطار المهني ل"حماس"، بشكوى الى هنية باسم الصحافيين الذين تم الاعتداء عليهم من القوة التنفيذية أول من امس، بمن فيهم مراسل"الحياة"في القطاع. وقال رئيس الكتلة الزميل ياسر أبو هين ل"الحياة"إن الكتلة طالبت هنية في شكواها بالتحقيق الجاد في هذه الاعتداءات ومحاسبة المعتدين. كما عبر المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية عن استنكاره البالغ الاعتداء على مراسل"الحياة"، وطالب في بيان الجامعة الاسلامية والقوة التنفيذية بتقديم اعتذار له. كما طالب"اللجنة الحكومية المكلفة ملف حماية الصحافيين بمتابعة قضية الاعتداء نظراً الى انها تمثل سابقة خطيرة تمس جموع الصحافيين والاعلاميين وتنذر بدخول الحال الاعلامية الفلسطينية في طريق مظلم"، خصوصا ان المعتدي استاذ ومحاضر في الجامعة الاسلامية في غزة.