غداة التأكيدات الإسرائيلية لتراجع التوتر على الحدود مع سورية وخفض الجيشين السوري والإسرائيلي عديد قواتهما على جانبي الحدود، اتهم رئيس الهيئة السياسية - الأمنية في الجيش الإسرائيلي الميجر جنرال في الاحتياط عاموس غلعاد روسيا بتصعيد التوتر العسكري بين دمشق وتل أبيب وأنها كادت تتسبب في حرب بين البلدين، فيما اتهمت جهات أمنية أخرى موسكو بتضليل دمشق رغبةً منها في بيعها مزيداً من الأسلحة. وقال غلعاد في حديث للإذاعة العسكرية أمس إنه"في فترة معينة ساهم الروس فعلاً بشكل جعل السوريين يعتقدون ان إسرائيل تتجه نحو شن حرب على بلدهم". وأضاف:"لكنهم الروس لاحقاً كفوا عن التحريض بعد أن طلبنا منهم ذلك وقدمنا توضيحات ورسائل تهدئة بأننا لسنا معنيين بالقيام بأي خطوات عسكرية هجومية". واستدرك قائلاً ان روسيا لم تكن العامل الوحيد في تأجيج التوتر الأمني، وزاد:"السوريون ليسوا معنيين بالمبادرة إلى حرب على إسرائيل التي بالتأكيد ليست معنية بشن حرب على سورية، وهذه الحقائق مهدت للتهدئة". وكان غلعاد يعقب على الخبر الرئيس في صحيفة"معاريف"أمس والذي جاء فيه:"روسيا أوقعت بين سورية وإسرائيل". وأضافت نقلاً عن أوساط أمنية وسياسية إسرائيلية أن"روسيا كادت تتسبب في حرب كان ممكناً أن تشعل الشرق الأوسط برمته، بعد أن سكبت الزيت على نار العلاقات المتعكرة بين إسرائيل وسورية". وتابعت الصحيفة أن إسرائيل لا تجد تفسيراً منطقياً لسلوك روسيا"لكن ثمة تقدير بأن قيام جهات سياسية واستخباراتية روسية بتسخين الأجواء مرتبط بكون روسيا مزود الأسلحة الرئيس لسورية". وزادت ان دمشق رغم تلقيها رسائل تهدئة من جهات دولية مختلفة بأن ليست لدى إسرائيل نية لشن حرب عليها، الا انها"أولت التقارير الروسية المغايرة ثقة كبيرة، ما بعث على قلقها". وتابعت ان الرسائل الروسية كانت، كما يبدو، بين العوامل التي دفعت بسورية للقيام بخطوات استعداداً لمواجهة احتمال نشوب حرب فوراً،"وهذه الخطوات قابَلها استنفار الجيش الإسرائيلي لقواته، وهو ما لمسه السوريون فتأجج التوتر أكثر فأكثر". وأضافت"معاريف"ان ثمة غضباً كبيراً في إسرائيل على روسيا"على تسخينها الحدود"، لكن تل أبيب لم تثر ضجة أكبر"باعتبار المسألة حساسة للغاية ديبلوماسياً". وتستدرك الأوساط الأمنية الإسرائيلية بالقول ان التوتر مع دمشق بدأ فور انتهاء الحرب الثانية على لبنان صيف العام الماضي، وما تبعها من تصريحات للرئيس بشار الأسد بأن سورية تعد العدة لاسترداد الجولان المحتل بطرق عسكرية في حال أصرت إسرائيل على عدم إعادته بطرق سلمية. وأضافت ان هذه التصريحات رفعت درجة الاستنفار في الجيشين السوري والإسرائيلي اللذين حددا تموز يوليو الماضي موعداً لاستكمال الاستعدادت العسكرية، فضلاً عن تزود سورية كميات كبيرة من الأسلحة روسية الصنع. كما لاحظت إسرائيل ان سورية نشرت في الجولان صواريخ قصيرة المدى وقامت بخطوات عسكرية أرادت منها أن تحتذي ب"حزب الله"من خلال الاعتماد على الصواريخ المضادة للمدرعات. وتابعت ان الأعمال الهندسية على طرفي الحدود في الجولان فُسرت على أنها في سياق الاستعداد للحرب. من جهته، ذكّر المعلق في"معاريف"غاد شيمرون بالادعاءات الإسرائيلية بأن الاتحاد السوفياتي السابق كان وراء اندلاع حرب حزيران يونيو عام 1967"عندما نقلت الاستخبارات السوفياتية في نيسان من العام ذاته معلومات لدمشق تفيد بأن إسرائيل حشدت قوات كبيرة على حدودها معها وأنها تعتزم شن حرب عليها... رغم ان هذه التقارير لم تكن صحيحة البتة". وأضاف أن مساعي إسرائيل لإقناع موسكو بأنها لا تخطط لأي حرب لم تلق آذاناً صاغية في الكرملين بل مهدت لحرب حزيران. واختتم المعلق ان المؤرخين في إسرائيل الذين تتباين آراؤهم في شأن الأسباب الدقيقة التي أدت الى اندلاع تلك الحرب"متفقون على أمر واحد: للتقارير الروسية المضللة لدمشق عن نية إسرائيل شن حرب، وزن حاسم في تدهور الأمور إلى مواجهة مسلحة بين إسرائيل والعرب".