هناك شعور بأن عبارتي "حشرة" و"أكل" لا يمكن أن تظهرا في الجملة نفسها. ولدينا كل الحق في فصل هذين"التناقضين"أحدهما عن الآخر. وقد لا تكون أكلت حشرة في شكل متعمّد، ولكنك من دون أن تدري تكون قد استهلكت أكثر من نصف كيلو من الحشرات في حياتك. فكّر فقط في الحشرات التي تعيش في دقيق القمح، وتلك التي تُطحن مع حبوب أخرى، وتنتهي بقعاً سوداً صغيرة تافهة في الخبز. وهناك حشرات صغيرة جداً تبقى لصيقة الفواكه والخضار، وأخرى تقبع في المأكولات المعلّبة والمشروبات. وقد أحصت"إدارة الأغذية والعقاقير"الأميركية المأكولات التي تحوي حشرات أو آثاراً منها لا يمكن تفادي وجودها، علماً أنها أي المأكولات غير مضرّة، وهي: الذرة الحلوة المعلّبة، وعصير الفواكه الحامضة، والدراقن المعلّب، الشوكولاته، وزبدة الفول السوداني، ودقيق القمح، والبروكولي المثلّج، والصعتر المطحون، والقرفة المطحونة... واليوم، قطع طبخ الحشرات أشواطاً بعيدة، وصارت له فنون... لكننا لن نتطرّق إلى هذه المسألة"المقزّزة"في هذه العجالة. يكفينا ما نشاهده في التلفزيونات... ويكفي أننا نأكلها من دون أن ندري! ويعود أكل الحشرات إلى عصور غابرة. فقبل أن يتوسّل البشر الأدوات للصيد والقنص أو يعملوا في الزراعة، لا بد من أن الحشرات كانت تشكّل جزءاً من غذائهم. ويمكن اعتبار هذا الأمر دحضاً لمزاعم الخوف المزمن منها. والدليل على أن البشر كانوا يستهلكون الحشرات، وُجد من خلال تحليل فضلات بشر من سكان الكهوف في الولاياتالمتحدة والمكسيك، إذ عُثر فيها على بقايا نمل وخنافس ويرقات، وقمل... وغير ذلك، كما ورد في موسوعة"ويكيبيديا"الشعبية على الإنترنت. وظهرت رسوم على جدران كهوف في إسبانيا، تصوّر أعشاشاً من النحل البري، وتعود إلى ما بين 10 آلاف و 30 ألف سنة. وفي ذلك الوقت، يُعتقد أن الناس كانوا يأكلون اليرقات مع العسل. ووُجدت أيضاً شرانق دود القزّ في آثار في الصين، تعود إلى ألفي سنة. وقد أُحدثت ثقوب كبيرة في الشرانق، ما دفع الباحثين إلى الاعتقاد بأن الناس هناك كانوا يأكلون ديدان الحرير. ويبدو أن كثيراً من تقاليد أكل الحشرات لا تزال قائمة حتى يومنا هذا. وتؤكل الحشرات بطريقتين: إما بدخولها كمركّب غذائي أو بأكلها في طور النمو كاليرقة أو كحشرة بالغة. وهناك 1200 نوع يأكلها البشر في مختلف أنحاء العالم، ومنها: الجراد، والنمل، ويرقات الخنافس، وديدان الفراشات، والعناكب على أنواعها...