وأخيراً أجليت عائلات مسلحي "فتح الاسلام" من نهر البارد، بعد ثلاثة أيام على اعلان نية المسلحين السماح لنسائهم البالغ عددهن 22 امرأة وأطفالهم البالغ عددهم 41، وأكثر من ثلاث محاولات سابقة، من دون أن يكتب لها النجاح، وعشرات النداءات من الجيش اللبناني للسماح للأطفال والنساء بمغادرة المخيم ودعوة المسلحين الى تسليم أنفسهم الى القضاء. لكن المسألة على ما يبدو لن تنتهي إلا عسكرياً إذ ما كادت عملية خروج النساء والأطفال تتم حتى تجددت الاشتباكات بين المسلحين المتبقين الذين يقدر عددهم بنحو 40 مقاتلاً إضافة إلى نحو 20 جريحاً، والجيش اللبناني الذي طالما أعلن في بياناته إنه يراعي في عملياته العسكرية وجود المدنيين والنساء والأطفال. وبقدر ما كان الحشد الاعلامي الذي انتظر خروج عائلات المسلحين كبيراً، أحيطت العملية بما يشبه السرية، اذ أبعد المصورون والصحافيون عن المدخل الجنوبي الذي حدده الجيش وأحضرت سيارات الصليب الأحمر اللبناني والهلال الأحمر الفلسطيني إضافة الى عشرات الجنديات في الجيش اللواتي أحضرن لتفتيش النساء. وتردد أن المسلحين اشترطوا عدم وجود أي صحافي لاتمام العملية، فأبعدهم الجيش عن الموقع. ولم يتمكن الصحافيون من مشاهدة شيء من العملية التي أحاطها الجيش بتدابير أمنية كثيفة من البارد الى طرابلس، إلا بعدما انجزت إذ رأوا آليات عسكرية تقل نساء منقبات وأطفالاً خارج المخيم تردد أن وجهتها احدى ثكن الجيش في مدينة طرابلس، من دون أن يتمكنوا من معرفة إن كان بين الخارجات زوجات قياديي"فتح الاسلام"كشاكر العبسي وشاهين شاهين الذي أكدت مصادر أمنية قبل أيام ل"الحياة"مقتله، أو الناطق الاعلامي أبو سليم طه. وتضاربت المعلومات حول مصير زوجة العبسي، وفيما قالت مصادر أمنية ل"الحياة"أنها بين الخارجات، امتنعت مصادر أخرى عن التعليق على الأمر. لكن مصادر أمنية أكدت ل"الحياة"أن بين النساء الخارجات من المخيم ابنة العبسي وهي في ال 17 من العمر، وزوجة القائد العسكري السابق شهاب القدور الملقب ب"أبو هريرة"الذي قتل قبل نحو 3 أسابيع في اشتباك مع دورية لقوى الأمن الداخلي في طرابلس. وأوضحت المصادر الأمنية أن نساء المسلحين وأطفالهم تسلمتهم مديرية المخابرات في الجيش اللبناني التي تقوم حالياً بعملية فرز الأسماء والتأكد من صاحباتها اضافة الى أخذ افاداتهن ومعرفة من منهن كن مقاتلات خصوصاً أن ثمة معلومات ترددت أن زوجة العبسي كانت من المقاتلات وصدرت في حقها مذكرة توقيف غيابية. وكذلك تردد أن زوجة"أبو هريرة"هي التي حضت النساء على عدم المغادرة من قبل. أما عضو"رابطة علماء فلسطين"الشيخ محمد الحاج الذي كان"أبو سليم طه"يجري الاتصالات به، وكان آخرها قبل ظهر أمس وأبلغه موعد خروج النساء والأطفال بعد اتمام الجيش التدابير الأمنية واللوجستية، فرفض في اتصال مع"الحياة"اعطاء تفاصيل عن العملية. وقال:"خرجت 22 امرأة و41 طفلاً فقط ولم يخرج أي من المقاتلين، فالعملية تمت وفق ما اتفق عليه مع الجيش الذي تولى نقلهم الى مكان متفق عليه على أن يؤمن لهم السكن لاحقاً". ورفض الحاج الدخول في تفاصيل الاسماء، مكتفياً بالقول:"العملية تمت ونأمل بأن تكون بداية النهاية". وهل توجد بينهن زوجات قيادات"فتح الاسلام"؟ أجاب:"لن أدخل في التفاصيل، الأمر أصبح في عهدة الجيش اللبناني لكن العملية تمت بخير". وتردد أن بعض النساء والأطفال نقلوا الى أحد المستشفيات. وإذ لم يعرف السبب الحقيقي الذي دفع بالمسحلين الى الموافقة على خروج نسائهم وأطفالهم، تردد في الشمال أن أحد الملاجئ التي كانوا فيها أصيب بالقصف الجوي فجرح بعضهن ما دفع ب"أبو سليم طه"الى الاتصال بالشيخ الحاج طالباً منه التوسط لدى الجيش لاخراج النساء والأطفال. وكان الجيش اللبناني اتخذ اجراءات خاصة لهذه العملية إذ استحضر وسائل خاصة لتعقب المتفجرات وجنديات مهمتهن التفتيش والاشراف على اخراج النسوة والاطفال. وكان يوم أمس شهد اشتباكات متقطعة خفيفة قبل الظهر غاب عنها القصف الجوي والمدفعي. وأوضح مصدر أمني أن"الجيش التزم هدنة ريثما يخرج النساء والأطفال". لكن بعد انجاز عملية الاخلاء اندلعت اشتباكات. وكان الجيش واصل محاصرته لمن تبقى من المسلحين في المخيم في المخابئ والملاجئ في حي سعسع الفوقاني وأطراف حي الدامون، إضافة إلى ملجأ أبو عمار وبعض الجيوب في تلك البقعة. وأقيمت تعزيزات ضخمة للجيش في محيط التعاونية فيما كثفت الزوارق عملها بتمشيط الشاطئ لضبط حركة المسلحين ومنعهم من الهروب الذي يتم الحديث عنه بقوة في المخيم ومحيطه، وخصوصا بعد اعتقال عدد من الفارين في اليومين الماضيين. وعلم أن قيادة التنظيم أعطت أوامرها للعناصر بالفرار رافضة استسلامهم. وأكد شهود عيان أن عناصر الجيش تمكنوا أول من أمس من تحقيق اختراق مهم، محققين تقدماً بارزاً وسيطروا على أحد المواقع المهمة للمسلحين. وتقدمت وحدات من الفوج المجوقل أمس على المحور الشمالي الشرقي من التعاونية في اتجاه عمق المخيم ولاقت عناصر مغاوير البحر عند المحور الجنوبي. من جهة أخرى، حصل الجيش على معلومات قيّمة من العنصر في"فتح الاسلام"الفلسطيني محمود السعدي الذي أسر قبل يومين لدى محاولته الفرار من المخيم. وأفاد أن المسؤول العسكري شاهين شاهين قتل في إحدى الغارات الجوية للمروحيات التابعة للسلاح الجوي اللبناني في 14 آب أغسطس الجاري كما قتل معه عدد من عناصر"فتح الاسلام"، وان شاكر العبسي لا يزال يقود المسلحين من داخل ملجأ أبو عمار وهو كان يتولى شخصياً اطلاق صواريخ الكاتيوشا بمعاونة"أبو سليم طه". وأضافت المعلومات ان السعدي كشف عن وجود مبنيين لغمهما المسلحون بشكل كبير وتركا للحظة الأخيرة كي ينفجرا عندما تتقدم الوحدات العسكرية اللبنانية.