على رغم أن 53 في المئة من السعوديين لم يتبرعوا بدمائهم مطلقاً، بحسب استفتاء حديث أجرته وزارة الصحة على 2000 شخص، نفض شابان سعوديان غبار الكسل عنهما، وأنشآ موقعاً على شبكة الإنترنت باسم"بنك الدم"، متخصصاً في نجدة"فقراء الدم"ومحتاجي"الفصائل النادرة". ويضم الموقع قاعدة بيانات كبيرة لأسماء أشخاص وفصائل دمهم من كل دول العالم، ووضعوها في متناول أيدي من هم بحاجة ماسة الى الدم من مستشفيات وبنوك دم محلية وعالمية. ومن خلال موقع"بنك الدم"، الذي أسسه الشابان، خلف حسن الجودي، وفيصل غازي الجودي، أصبح في إمكان أي محتاج في العالم، الحصول على فصيلته واسم المتبرع بمجرد ضغط زر واحد، من قائمة تتضمن أسماء المتبرعين وأرقام هواتفهم وفصائل دمائهم، بحسب المكان الذي يطلبونه. والشخص المسجل ليس مجبراً على التبرع بالدم"لأن هذا العمل متروك له إذا رغب في ذلك". ويعيش الموقع الخيري، الذي تأسس عام 2003، هذه الأيام نشوة التجديد والتطوير، إذ قام المشرفون عليه بتطوير عمليات البحث التي أوجدوا لها خريطة تسهل عملية التنقل بين أسماء القارات، والدول، والمدن والمحافظات، ومن ثم الاطلاع على أسماء الأشخاص المتبرعين الذين وصل عددهم الى 10000 شخص مستعد للتبرع عبر الموقع الذي يحمل عنوان"www.freeblood.com". وجاءت الفكرة نتيجة موقف عصيب مر به المشرف العام على البنك خلف حسن الجودي، وهو من محافظة الطائف غرب المملكة، إذ تلقى اتصالاً في الليل، من صديق يطلب شخصاً فصيلة دمه ب سلبي لأن هناك قريباً في المستشفى يعاني حالاً طارئة. ونظراً إلى عدم توافر تلك الفصيلة في المستشفى، وعدم العثور على شخص قريب يحملها، بدأ البحث عمن يستطيع تلبية المريض، إلى أن تبرع شخص وأنقذ الموقف. ولم تمر الحادثة على خلف مرور الكرام،"إذ شعرت بعدها أن الله ألهمني، وفكرت بإنشاء موقع بنك الدم، من أجل مساعدة العشرات من الذين يعانون فقر الدم أو بحاجة الى فصيلة نادرة خلال خضوعهم للعلاج". وأول ما فكر به هو انشاء منتدى مبسط على الإنترنت يختص بسكان الطائف الذين لا يتجاوز عددهم 530 ألف نسمة، يضعون فيه أسماءهم وبياناتهم لمساعدة المحتاجين في المنطقة نفسها. إلا أن المنتدى توسع محلياً واشترك أشخاص من جدة ومكة، ومن ثم من الرياض والدمام وغيرهما. وانشق المنتدى عن يرقته فتحول إلى موقع، الأمر الذي زاد من شهرته وتوافدت إليه المشاركات من بعض الدول العربية، والغربية"وبات عدد المتبرعين من أميركا يفوق عدد المتبرعين المحليين"، كما يقول المشرف. وحينما يأتي ذكر أميركا، وغيرها من الدول الأوروبية حيث يعتنق الناس ديانات مختلفة، يقول الجودي انه يعتبر التبرع بالدم لشخص من غير ديانته أمراً غير مرفوض:"نحن نقدر الحياة ونتمناها أيضاً للآخرين. ولا نريد لأي شخص كان أن يموت بسبب حاجته الى الدم". ويضيف:"ذلك تبرع من الإنسان وإليه". وانضم إلى الشابين مؤسسي الموقع ثلاثة آخرون هم المشرف على تطوير الموقع عبدالرحمن هزاع الجودي، ومبرمج الموقع المهندس يوسف منصور، إضافة إلى المشرف على موقع التبرع للأطفال، ياسر محمد غفوري. ويسعى القائمون على الموقع مستقبلاً إلى ترجمته إلى لغات عدة، وتفعيل صفحة التبرع للأطفال الذين يحتاجون إلى الدم طوال حياتهم. الموقع الخيري، يعتبر، بحسب الشابين،"حلقة وصل فاعلة بين المريض والمتبرع". واستطاع في وقت قصير إنقاذ حياة عشرات المرضى الذين يصابون بنزف حاد جراء الحوادث المختلفة وينتمون إلى فصائل دم نادرة، تكون قد نفدت من بنوك الدم في المستشفيات. ويشير خلف الجودي إلى إن الموقع نجح كذلك في توفير الفصائل النادرة للكثير من المرضى في الدول العربية، فمنهم سيدة مصرية طلبت النجدة من احد مستشفيات القاهرة، وقام الموقع بتأمين الدم النادر لها من طريق تحديد اسم المتبرع وعنوانه ورقم هاتفه.