لم يمض وقت طويل على الانقلاب الذي نفذته حركة "حماس" في قطاع غزة والتجاوزات التي ارتكبتها "القوة التنفيذية" التابعة لها والتي انطبعت في اذهان المواطنين وتناقلتها وسائل الاعلام في حينه، حتى خطت"القوة التنفيذية"خطوات جديدة في استعداء المجتمع وفصائله، اذ فضّت هذه"القوة"أمس مسيرة نظمتها فصائل"منظمة التحرير الفلسطينية"في غزة واعتدت على صحافيين، في خطوة وُصفت بأنها انتهاك للحريات الاساسية التي كفلها الدستور مثل حرية الرأي والتعبير. راجع ص 3 و4 وحسب مصادر حقوقية وشهود، فإن العشرات من عناصر"القوة التنفيذية"حاصروا المئات من انصار فصائل منظمة التحرير الذين تجمعوا سلمياً في حديقة"الجندي المجهول"في غزة ومنعوهم من الخروج في مسيرة سلمية تجوب شوارع المدينة احتجاجا على ممارسات واعتداءات سابقة ل"القوة التنفيذية"، كما منعوا عدداً من الصحافيين من تصوير الاحداث واحتجزوا عدداً آخر واقتحموا مكاتب كل من قناة"العربية"الفضائية وتلفزيون"ام بي سي"ووكالة"رامتان"، وصادروا آلات تصوير وأشرطة مصورة، قبل اعادتها بعد ساعات مع الاعتذار. ورغم الاعتذارات وتأكيد الناطق باسم وزارة الداخلية ايهاب الغصين ل"الحياة"ان الوزارة شكلت لجنة تحقيق في ما حصل، وستحاسب كل من يثبت تورطه في هذا الأمر، الا ان الحكومة لم تتراجع عن قرارها الذي كانت اصدرته مساء اول من امس بمنع التجمعات والمسيرات التي تنظم من دون اذن مسبق، بل ذهبت الى أبعد من ذلك لتصدر قراراً بعد ظهر امس يحظر حفلات الزفاف التي تنظم من دون إذن. وفي قرار ثالث اتخذته خلال 48 ساعة، اعتقلت"القوة التنفيذية"نائب مدير البنك الاسلامي الفلسطيني في قطاع غزة صائب سمور. وعلمت"الحياة"ان السبب يعود الى ان ادارة البنك الاقليمية في الضفة قررت تجميد حسابات وأرصدة اعضاء القوة التنفيذية وعائلاتهم من زبائن البنك بناء على طلب من وزارة المال في حكومة تسيير الاعمال برئاسة سلام فياض، علما ان طلب وزارة المال يشكل ايضا انتهاكا للقانون الذي ينص على انه لا يحق لأحد التصرف بهذه الحسابات سوى صاحب الحساب البنكي او سلطة النقد الفلسطينية بمثابة بنك مركزي. واثارت ممارسات"القوة التنفيذية"تنديداً واسعاً في قطاع غزة، خصوصا من نقابة الصحافيين والاعلاميين وفصائل منظمة التحرير والحقوقيين، باعتبار انها انتهاك لحرية الرأي والتعبير كما كفلها القانون الاساسي الدستور الموقت الذي يشير الى حق الفلسطينيين في"عقد الاجتماعات الخاصة من دون حضور افراد الشرطة، وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات في حدود القانون". ورغم ان القانون الرقم 12 للسنة 1998 في شأن الاجتماعات العامة يلزم المنظمين توجيه اشعار الى المحافظ أو مدير الشرطة، الا انه لا يلزمهم الحصول على اذن مسبق. في الوقت نفسه، رأى مراقبون ان"القوة التنفيذية"في تصرفاتها وممارساتها الاخيرة انما تسير على خطى اجهزة الامن التي كانت تهيمن عليها حركة"فتح"قبل سيطرة"حماس"على قطاع غزة، وانها تسعى الى إحكام قبضتها على القطاع وإخضاع المجتمع والفصائل والقوى المجتمعية والمنظمات الأهلية. وفي هذا الصدد، يُذكر قرار كان اصدره مدير الشرطة اللواء غازي الجبالي عام 1999 بمنع تنظيم أي اعتصامات او مسيرات او اجتماعات سلمية الا بعد الحصول على اذن مسبق منه، وذلك خلافاً للقانون، وكان القرار يستهدف آنذاك"حماس"وفصائل منظمة التحرير المعارضة لاتفاق أوسلو.