سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اعتدت على صحافيين ومنعت المسيرات والاجتماعات وحفلات الزفاف إلا بإذن مسبق ... وفصائل فلسطينية . وحقوقية تندد "القوة التنفيذية" على خطى أجهزة الأمن في غزة : فض مسيرة بالقوة وانتهاك حرية الرأي والتعبير
خطت حركة "حماس" خطوات جديدة نحو استعداء المجتمع والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة امس عندما قمعت مسيرة نظمتها فصائل منظمة التحرير واعتدت على الصحافيين ومنعتهم من تغطية الاحداث وصادرت بعض آلات وأشرطة التصوير، قبل أن تعيدها بعد ساعات وتعتذر. وقال شهود وحقوقيون ل"الحياة"ان العشرات من عناصر"القوة التنفيذية"التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية المقالة برئاسة اسماعيل هنية، حاصروا المئات من انصار فصائل منظمة التحرير الذين تجمعوا سلمياً في حديقة الجندي المجهول في مدينة غزة صباح امس ومنعوهم من الخروج في مسيرة سلمية تجوب شوارع المدينة احتجاجا على ممارسات واعتداءات سابقة ل"القوة التنفيذية". واضافوا ان بعض عناصر"القوة التنفيذية"شتم عدداً من المشاركين واعتقل صبييْن على الاقل، وحاول اعتقال آخرين من دون جدوى. واشاروا الى ان عناصر من القوة منعوا عدداً من الصحافيين من تصوير الاحداث واحتجزوا عددا آخر واطلعوا على آلات التصوير الخاصة بهم. وفي وقت لاحق، اقتحم عنصران مسلحان من"القوة التنفيذية"مكتب قناة"العربية"الفضائية وصادرا تحت التهديد آلة تصوير وشريطا مصورا للاحداث التي وقعت في حديقة الجندي المجهول. وقالت مديرة مكتب مجموعة"ام بي سي"التلفزيونية في غزة ريهام عبدالكريم ل"الحياة"ان مسلحيْن حضرا الى المكتب وصادرا آلة التصوير والشريط. ونددت بهذا الاجراء الذي يعتبر انتهاكاً لحرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير. واضافت انه بعد ساعات، حضر وفد من القوة التنفيذية ووزارة الداخلية الى مكتب المجموعة وقدم اعتذارا عما حصل وأعاد آلة التصوير والشريط. والأمر نفسه حصل مع وكالة"رامتان"المستقلة للانباء، اذ قال مدير الانتاج في الوكالة عبدالسلام شحادة ل"الحياة"ان عناصر من القوة صادرت آلة تصوير وشريطا، مضيفا انه تمت إعادة آلة التصوير والشريط بعد ساعات عدة وتقديم اعتذار من القوة التنفيذية عما حصل. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية ايهاب الغصين ل"الحياة"ان الوزارة شكلت لجنة تحقيق في ما حصل، مضيفا ان الوزارة ستحاسب كل من يثبت تورطه في هذا الامر. على خطى الاجهزة الامنية ويشير سلوك القوة التنفيذية الى ان حركة"حماس"والحكومة المقالة مصممتان على اعادة انتاج اساليب وممارسات وانتهاكات كانت تمارسها في السابق اجهزة امنية تابعة للسلطة الفلسطينية. وتلعب القوة التنفيذية حالياً الدور نفسه الذي كانت تلعبه الشرطة واجهزة الامن التي كانت تهيمن عليها حركة"فتح"وتقودها قبل أن تهزمها"حماس"في 14 حزيران يونيو الماضي وتسيطر على القطاع. ويظهر من ممارسات القوة التنفيذية انها ماضية قدماً في احكام قبضتها على القطاع واخضاع المجتمع لقراراتها، بما فيه من فصائل وقوى مجتمعية ومنظمات أهلية وغيرها من الفعاليات. واستذكر كثير من الصحافيين والحقوقيين قراراً كان اصدره مدير الشرطة اللواء غازي الجبالي عام 1999 بمنع تنظيم أي اعتصامات او مسيرات او اجتماعات سلمية الا بعد الحصول على اذن مسبق منه وذلك خلافاً للقانون، وكان القرار يستهدف آنذاك"حماس"وفصائل منظمة التحرير المعارضة لاتفاق اوسلو. واصدرت القوة التنفيذية قرارا مساء اول من امس مشابهاً لقرار الجبالي وطالبت بعدم تنظيم أي مسيرات إلا بإذن مسبق منها. انتهاك للدستور ويعتبر القرار غير قانوني ومخالفاً للمادة 26 من القانون الاساسي المعدل لسنة 2003 الدستور الموقت الذي ينص على أن"للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية افراداً وجماعات، ولهم خصوصا الحقوق الآتية: عقد الاجتماعات الخاصة من دون حضور افراد الشرطة، وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات في حدود القانون". كما يخالف القرار القانون الرقم 12 لسنة 1998 في شأن الاجتماعات العامة، والذي الزم المنظمين بتوجيه اشعار الى المحافظ أو مدير الشرطة وليس الحصول على اذن مسبق. وتنص المادة الثانية من القانون المذكور على ان"للمواطنين الحق في عقد الاجتماعات العامة والندوات والمسيرات بحرية، ولا يجوز المس بها او وضع قيود عليها الا وفقا للضوابط المنصوص عليها في هذا القانون". اما المادة 3 منه فتنص على انه"يحق عقد الاجتماعات العامة على أن يوجه اشعار كتابي للمحافظ او مدير الشرطة بذلك قبل نحو 48 ساعة على الاقل من موعد عقد الاجتماع". حفلات الزفاف بإذن مسبق وزادت القوة التنفيذية الطين بلة عندما اظهرت اصراراً على الامعان في اجراءاتها وقراراتها المرفوضة من معظم الاحزاب والقوى ومنظمات المجتمع المدني، بعدما اصدرت قرارا جديدا عصر امس تمنع بموجبه تنظيم حفلات الزفاف او غيرها من الاحتفالات الا باذن مسبق من القوة التنفيذية. وتعقيباً على ذلك، قال الغصين ل"الحياة"ان الهدف من ذلك هو"منع اطلاق النار في الافراح والمناسبات، وضمان تنظيف المكان الذي تتم فيه الفعالية، وضمان عدم اغلاق الشوارع الرئيسة"، علماً ان من عادة كثير من الفلسطينيين تنظيم حفلات زفاف للشباب فقط في الشوارع نظراً الى ضيق منازلهم وعدم قدرتهم المالية على تنظيمها في صالات خاصة بذلك أو في الفنادق. وجاء القرار الجديد بعد سلسلة عمليات اقتحام لحفلات زفاف وافراح كان آخرها اقتحام عناصر من القوة التنفيذية حفلاً نظمه احد مبعدي كنيسة المهد زيد عطا الله. وقال شهود شاركوا في الاحتفال ل"الحياة"ان عناصر من القوة التنفيذية و"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة"حماس"حضروا الى الحفلة عند منتصف ليل الاحد - الاثنين بعدما سمعوا صوت اطلاق نار فيه احتفاء بالعريس المبعد منذ سنوات من الضفة الى القطاع. واضافوا ان احد العناصر وكان يرتدي قميصاً كتب على صدره"كتائب القسام"، وجه شتائم نابية للمشاركين في الحفلة قبل ان تقع مشادات كلامية واشتباكات بالأيدي بين الطرفين، ما حدا بعناصر القوة ان سحبوا هذا العنصر لانهاء المشكلة. واشار الى ان القوة اعتقلت لبعض الوقت سبعة من مبعدي الكنيسة الذين قالوا انهم اطلقوا النار في الهواء تعبيرا عن فرحتهم بزواج رفيقهم المبعد عطا الله. ونددت نقابة الصحافيين الفلسطينيين بما حصل، واعتبرته اعتداء على حرية الرأي والتعبير، وطالبت في بيان اصدرته امس الصحافيين بمقاطعة القوة التنفيذية وعدم تغطية أخبارها لمدة ثلاثة ايام اعتبارا من امس. واثار منع المسيرة الاحتجاجية لفصائل المنظمة والاعتداء على الصحافة، موجة من السخط العارم في صفوف منتسبي الفصائل وانصارها والصحافيين على حد سواء. ودانت"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"ما وصفته بقمع المسيرة والاعتداء على المعتصمين سلمياً. وعبرت في بيان عن رفضها بشدة قرار القوة التنفيذية منع المسيرات والاجتماعات الا باذن مسبق، وطالبتها وحركة"حماس"بالتراجع عن هذه الممارسات والقرارات، كما استنكرت الاعتداء على الصحافيين ومكتب"العربية". بدورها، نددت"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"بالقرار ووصفته بأنه مستهجن وغير مقبول. واعتبر عضو اللجنة المركزية للجبهة صالح ناصر ان فض الاعتصام ومنع المسيرة بقوة السلاح"أمر مدان ومرفوض وغير مسبوق". ورأى ان"من يتغنى بالديموقراطية، عليه ان يطبقها في مناحي الحياة كافة، لا ان تكون مجتزأة وتقتصر على نواح دون أخرى بما يصب في مصلحة طرف معين". ورأت مؤسسة"الضمير"لحقوق الانسان في قمع المسيرة"مساً خطيراً بحرية الرأي والتعبير ومصادرة الرأي الآخر". وطالبت في بيان لها امس"حماس بالتدخل من اجل وقف الانتهاكات المتعلقة بالحق في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير". واللافت ان كتلة"الصحافي"الفلسطيني، وهي اطار نقابي تابع لحركة"حماس"، استنكرت بشدة اقتحام مكتب قناة"العربية"، واعتبرت في بيان لها ان ذلك يمثل انتهاكا لحرية الرأي والتعبير.