"الخصوصية" سلطة لا يستهان بها. باسمها "حُوربت" برامج تلفزيونية كثيرة. توقف بث بعض تلك البرامج، مثل"الأخ الأكبر"، على رغم أنه لم يجن ولا ربع كلفته! تعرضت حلقات من برنامج"امرأة وأكثر"، مثل"سفاح المحارم"، إلى الإيقاف. كما أن البرنامج قد يوقف عرضه كاملاً، قريباً، أو ربما أُوقف فعلاً. انتاج البرامج التلفزيونية، خصوصاً الجيدة - حتى على المستوى العربي - مكلف. التفكير في انتاج برنامج، خصمه أنصار"الخصوصية"، مغامرة تجارية. إذا لم تُعدّ خطة جيدة لتسويق برنامج"ينتهك""الخصوصية"، وإذا لم تضمن جمهوراً كبيراً، فالأفضل أن تصرف النظر عن الإنتاج. ربما تحتاج أيضاً إلى دعم إعلامي، في الصحف مثلاً. لائحة الإيقاف والحجب، تلفزيونياً، على المستوى العربي، تطول. مع هذا، هناك برامج صمدت أمام أنصار"خصوصيات"المجتمع، بل ودفعت منتجين آخرين إلى إعادة استنساخها. أبرزها"ستار أكاديمي". حوّل هذا البرنامج، على سبيل المثال، الصحافة إلى حليف، او متجاهل على الأقل، بعد أن كانت خصماً"عنيفاً"في عامه الأول، باسم"الخصوصية". الجمهور العربي الكبير لذلك البرنامج مقياس النجاح التلفزيوني حالياً وقف نداً أمام أنصار"الخصوصية". بسبب هذا الجمهور وذلك البرنامج، تتكاثر موسمياً برامج الواقع التي تزعم تصدير"النجوم". حتى"الشعر الشعبي"صارت له برامج وجمهور واسع وپ"نجوم"! هل"الخصوصية"منذ الآن"تابو"؟ لكن من يحدد مفهوم هذا"التابو"؟ وأي"خصوصية"ستؤخذ في الاعتبار: خصوصية المجتمع الخليجي أم المصري أم المغاربي أم الشامي؟ إذا عرفت المجتمع الذي يستهدفه المعلن الأهم، فلن يصعب عليك أن تدرك"الخصوصية"المعترف بها في عالم الفضائيات. حسناً... هناك برامج لا تحاكم بقوانين"الخصوصية"المعترف بها عربياً. فإذا مثّل عربٌ مسلسلاً مثل"فريندز"الأصدقاء بپ"الحرف"، من دون تحريف، ستقوم الدنيا ولن تقعد، فنحن لا نعاني عقداً عاطفية مثل المجتمع الأميركي! ماذا عن مسلسل"المطلقات"؟ تلك ليست فكرة طارئة، فهناك تجارب مماثلة بالاستنساخ:"لحظات حرجة"الذي يعرض على"تلفزيون دبي"المستنسخ من ER، لكن هذا المسلسل لا ينتهك"الخصوصية". منذ أكثر من عقد، وجدت الفضائيات والتلفزيونات العربية حلاً للاستفادة من عطش الجمهور تجاه مسلسلات عاطفية: دبلجة المسلسلات المكسيكية الطويلة. لكن، تلك المسلسلات باتت نموذجاً للتكرار والطول وقصص الحب المتشابهة. اليوم، لا يخفى على المنتجين ضرورة حضور قصص الحب على الشاشة باللغة العربية، فهناك شريحة لا يستهان بها لا تحبذ قراءة الترجمة. لكن الحب الجديد يصل اليوم عبر تركيا وكوريا، لا عبر المكسيك وأميركا أو حتى أوروبا! تعرض"ام بي سي"منذ أسابيع مسلسلاً تركياً اسمه"اكليل الورد"يحكي قصة عاطفية طويلة بين أمجد وسمر. ولإضافة التجديد لم يدبلجه القيمون على النسخة العربية، بالفصحى، بل اختاروا اللهجة السورية. ربما لن يحس من يعرف لهجة أهل إنطاكية، بالغربة بين الدبلجة ووجوه الممثلين، غربة كتلك التي يحسون بها عند مشاهدة مسلسلات مكسيكية مدبلجة. وتضاف إلى تلك التجربة الرائدة -"اكليل الورد"، تجربة أخرى على"تلفزيون دبي"تتمثل بمسلسل كوري، اسمه"قصة حب حزينة"، بطلاها جوا يونغ وبارك هايين، ويعكر صفو حبهما كالعادة طرف ثالث: يونغ يو. بعيداً من المستوى الفني للدبلجة والمسلسلين، فهاتان التجربتان تنذران باقتراب اطلاع محبي المسلسلات في الدول العربية، على عادات وتقاليد مجتمعات أخرى متنوعة، ربما لم يسمعوا عنها، باسم"الخصوصية".