أكد رجل الأعمال السوري إبراهيم سليمان خلال محاضرة ألقاها مع شريكه في المفاوضات المدير العام السابق لوزارة الخارجية الاسرائيلي ألون ليال، أن سورية واسرائيل يمكنهما العمل سوياً لحل"المشكلتين اللبنانية والفلسطينية". وهذا الحل، وفقاً لهذين المفاوضين"غير الرسميين"رغم تعريفهما عن نفسيهما بأنهما"مفاوضان من المسار الثاني"قبل الرسمي أو العلني، يكمن في تحويل ثلث الجولان الى"حديقة عامة"يستطيع الاسرائيليون زيارتها نهاراً بلا تأشيرة، واعادة كامل المرتفعات ومن ضمنها مزارع شبعا الى سورية التي قد تتولى لاحقاً اعادة المزارع الى لبنان في اطار حل"مشكلة"هذا البلد مع الجانب الاسرائيلي. وقال سليمان في المحاضرة التي ألقاها قرب مبنى البرلمان في لندن وحضرها عدد من أبناء الجالية العربية وإعلاميون عرب وأجانب وشخصيات يهودية، إن المسار السوري - الاسرائيلي لم يكن له وجود منذ عام 2000. وسليمان الذي لم يحل نصف قرن أمضاه في وطنه الثاني الولاياتالمتحدة دون تمتين صلاته بوطنه الأم، أضاف أن المسار السوري أسهل من المسار الفلسطيني - الاسرائيلي لأن الأخير مشوب بالمشاعر الكثيرة، فيما اسرائيليو الجولان غير مرتبطين عاطفياً بالأرض هناك."زرت الجولان من الجانب الاسرائيلي، والتقيت عدداً من المستوطنين هناك. كثيرون أبدوا استعداداً للرحيل ثمناً للسلام مع سورية، إلا أن آخرين قالوا إن أبناءنا ولدوا هنا وهذه أرضهم. وعندما سألتهم: لو دُفع لكم نصف مليون دولار لكل منزل في الجولان، هل سترحلون؟ فكان الجواب: نعم"، وفقاً لسليمان. وأكد رجل الأعمال السوري الذي لم تعترف دمشق رسمياً بمهمته، أنه نقل انطباعاته عن زيارته الجولان المحتل الى سورية، على رغم رفضه تحديد من التقى في القيادة السورية. وفيما شدد على أن دمشق"لا تقبل بأي شيء أقل من السيادة الكاملة على الجولان"، كشف عن قبول سوري بتحويل حوالي ثلث الجولان المحتل، وتحديداً المنطقة المحاذية للجليل وبحيرة طبرية الى حديقة عامة دولية يمكن للاسرائيليين زيارتها"من الفجر الى المغرب من دون تأشيرة". وهذه الموافقة السورية شكلت"مفاجأة"المفاوضات غير الرسمية، وفقاً لألون ليال المدير العام السابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية المكلف التفاوض مع سليمان. وأشار ليال الى أن هذه"المفاوضات"بدأت في تشرين الأول اكتوبر عام 2004، وعُقدت كل جلساتها في مدينة جنيف السويسرية. وكان للسوريين"خطوط حمر"ينبغي للاسرائيليين في تل أبيب الاطلاع عليها، وفقاً لليال. وبالفعل، وصلت الرسالة ومفادها أن السيادة تعتبر الهم السوري الأساس، فيما مشكلة اسرائيل سورياً تتعلق بعلاقات دمشق مع طهران و"حزب الله"و"حماس"، وبالتنازل عن كامل الجولان ومياهه. إلا أن حل الجولان جاء على شكل"الحديقة"التي تتيح للسوريين"صيد السمك"في طبرية حيث تستثمر الدولة العبرية المياه كاملة بلا شريك، بحسب هذا المفاوض الاسرائيلي. أما العقبات التي واجهت وتواجه أي اتفاق سلام سوري - اسرائيلي، فهي من وجهة نظر ليال اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط فبراير عام 2005، ما دفع الإسرائيليين إلى الاعتقاد وقتها بأن دمشق"في ورطة"و"لن يكون علينا التنازل عن مرتفعات الجولان"، ثم حرب تموز يوليو الماضي التي أظهرت صلات سورية ب"حزب الله"وايران. ودمشق، وفقاً لهذا المسؤول الاسرائيلي السابق، ردت على سؤال اسرائيلي عن العلاقات السورية - الايرانية ومن ضمنها العلاقة المتينة مع"حزب الله"،"لستم شركاءنا في هذه الملفات، فهذا الأمر يُبحث مع الولاياتالمتحدة"."فعندما يدخل السوريون علناً الى غرفة التفاوض مع اسرائيل، سيدفعون ثمناً. عليهم الأميركيين التعويض على السوريين... نجاد سيتصل بالأسد ويسأله: ماذا تفعل يا بشار؟"، بحسب ليال الذي شدد على أن"الرئيس المصري الراحل أنور السادات كان حليفاً للاتحاد السوفياتي. وكي يزور اسرائيل عام 1977، كان يحتاج الى رزمة أميركية لاخراج المصريين من حلفهم. والأمر ذاته ينطبق على السوريين". وفي خصوص المفاوضات ذاتها، تبين أن هناك دوراً لعبته شخصيات يهودية من أصول عربية، ولا سيما رجل الأعمال ديفيد ساسون الذي كان حاضراً في غرفة المحاضرة. وخلال السنتين الماضيتين، حقق سليمان وليال تقدماً جيداً في وضع الخطوط العريضة لأي اتفاق، وزار سليمان خلالها دمشق ثماني مرات برفقة الناشط نيكولاس لانغ، إلا أن ما تبقى هو وضع خطة"أكثر تفصيلاً"للحديقة العامة سيتولاها على الأرجح"مهندسون من الجانبين". ولهذا تعتبر مهمة سليمان وليال شبه منتهية، وهو ما يفسر زيارة الأول اسرائيل أخيراً واجتماعه ساعات مع الكنيست الاسرائيلي، إلا أن ابرام مثل هذا الاتفاق يتطلب ظروفاً اقليمية ودولية ربما تكون غير متوافرة في الوقت الراهن.