ربما يكون مراسل "هيئة الاذاعة البريطانية" بي. بي. سي الاسكتلندي آلان جونستون مديناً بنيله حريته، وحتى خروجه حياً من حجزه الذي استمر 115 يوماً الى شيخ سلفي متشدد من مدينة غزة. فبعد مفاوضات عسيرة وطويلة بين"جيش الاسلام"وحركة"حماس"توصل الطرفان إلى اتفاق يقضي باللجوء إلى أحد العلماء الفلسطينيين للفصل في قضية جونستون. وأفيد في دمشق ان سورية وقيادة"حماس"في الخارج لعبتا دوراً اساسياً في تأمين الافراج عن جونستون بطلب من الحكومة البريطانية. راجع ص 5 ولجأ قياديون من تنظيم"جيش الاسلام"الذي يحتجز جونستون ونائب القائد العام ل"كتائب القسام"الذراع العسكرية لحركة"حماس"أحمد الجعبري إلى الشيخ سليمان الداية أحد كبار مشايخ التيار السلفي في القطاع المعروف باسم"جماعة التبليغ والدعوة". وأفتى الداية باطلاق جونستون، فما كان من زعيم"جيش الاسلام"ممتاز دغمش إلا أن أمر طاقمه باطلاقه فورا من مكان ما في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، وذلك عند الثالثة والنصف من فجر أمس. وذلك بحسب رواية مصادر مطلعة ل"الحياة"، بينها مصدر قريب الى دغمش. لكن بدا واضحاً ان"حماس"لم تكتف بالمفاوضات مع"جيش الاسلام"لاطلاق سراح جونستون، وانما قرنتها بالتلويح باستخدام القوة. اذ صرح رئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"خالد مشعل ل"الحياة"امس بان حركته ارادت بعد احداث غزة الاخيرة"انهاء دور امراء الحرب الذين كانوا يشكلون غطاء للفوضى الامنية". وقالت مصادر متطابقة ان مشعل ابلغ وزير الخارجية السوري وليد المعلم ليل اول من امس ان"مفاوضات اطلاق جونستون اثمرت"، فاتصل المعلم في حدود الواحدة فجرا بالقائم بالاعمال البريطاني في دمشق رودي درموند وابلغه ان الصحافي سيطلق في غضون الساعات المقبلة. وفي غزة قال المصدر القريب الى دغمش أن جونستون لم يعلم أنه سيتم الافراج عنه الا عندما أخذه خاطفوه لتسليمه الى الجعبري ومساعديه الذين نقلوه على الفور الى مكتب رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية الذي كان في انتظاره مع عدد من الوزراء وقيادات حركة"حماس". جونستون وهنية وظهر جونستون في مؤتمر صحافي إلى جانب هنية وقد فقد من وزنه الكثير وبدا شاحب الوجه مرهقاً وقد نما شعره، فيما حلق ذقنه. وعزا المصدر القريب الى دغمش نقص وزن جونستون وشحوبه الى انه"أحياناً لم يكن يمد يده اطلاقاً إلى الطعام الذي يُقدم له، وهو الطعام نفسه الذي يتناوله حراسه. واحياناً كان يتناول بضع لقيمات قليلة". واشار الى المعاملة الحسنة التي كان يلقاها جونستون من خاطفيه، وانه كان يسمح له بالاستحمام يومياً. وقبل اطلاق جونستون بنحو ساعة اطلقت حركة"حماس"المساعد الأيمن لدغمش خطاب المقدسي الذي خطفته عناصر من القوة التنفيذية ليل الأحد - الاثنين. وقال المصدر ان الاتفاق قضى بان تطلق"حماس"المقدسي و16 عنصرا آخر من"جيش الاسلام"وابناء عائلة دغمش، فيما يطلق التنظيم سراح 21 عنصراً من"حماس". ورفض المصدر تأكيد ان كانت صفقة ما اسفرت عن اطلاق جونستون، مؤكدا ان ثمة قضايا لا تزال عالقة بين التنظيم والعائلة من جهة وحركة"حماس"وعائلات أخرى من جهة ثانية. لكن اطلاق جونستون جاء بعد أقل من 24 ساعة على نشر"حماس"و"القوة التنفيذية"التابعة لها العشرات من عناصرهما حول حي الصبرة وسط مدينة غزة، وهو معقل دغمش و"جيش الاسلام". وجاء اطلاق جونستون بعد نحو ثلاثة أسابيع على احكام حركة"حماس"قبضتها على قطاع غزة في الرابع عشر من الشهر الماضي. وغداة سيطرة"حماس"على القطاع بالقوة ساد اعتقاد في الشارع الغزي بان مأساة جونستون ازفت على الانتهاء. وتعثرت صفقة اطلاقه مطلع الشهر الماضي، لكن المفاوضات المباشرة وبواسطة الامين العام ل"لجان المقاومة الشعبية"كمال النيرب ابو عوض استؤنفت خلال الايام الاخيرة. وتعتبر"حماس"ان دورها في اطلاق الصحافي البريطاني دليل على قدرتها على فرض الأمن والنظام في القطاع، فيما تؤكد مصادرها انها ستضرب بيد من حديد كل من سيحاول تعكير صفو الهدوء والنظام العام. ويمهد اطلاق جونستون الطريق امام ابرام صفقة لاطلاق الجندي الاسرائيلي الاسير غلعاد شاليت المحتجز لدى حركة"حماس"و"لجان المقاومة الشعبية"و"جيش الاسلام"، قد تزيل الكثير من العقبات لرفع الحصار عن الحركة المصنفة على أنها"ارهابية"، بحسب اللوائح الاميركية والاوروبية.