تختلط مشاعر الطلاب السوريين لدى اجتيازهم الأسلاك الشائكة عائدين من "الوطن ألام" إلى قراهم في "القسم المحتل"، فتتداخل الدموع على فراق الأصدقاء بفرح العودة للقاء الأهل. وكان 460 طالباً جامعياً اجتازوا"معبر العرائس"في محافظة القنيطرة النقطة الفاصلة بين اسرائيل وسورية على مدى ثلاثة أيام بإشراف الصليب الأحمر الدولي والقوات الدولية اندوف. منظر الأسلاك الشائكة عند نقطة العبور لم يكن مريحاً للطالب زكي الخطيب الذي تمنى ان تزول هذه الأسلاك ويعم السلام"كي نستطيع العبور إلى قرانا في شكل طبيعي"كما يقول. رحلة العودة لهؤلاء الطلاب الذين يتطلعون إلى رؤية أهلهم وأقاربهم ليست سهلة بسبب الإجراءات التي يخضعون لها وانتظارهم ساعات طويلة تحت أشعة الشمس عند نقاط التفتيش الفاصلة بين سورية وإسرائيل. علماً ان سورية أزالت خلال العامين الماضيين العديد من نقاط التفتيش على الطريق الواصلة بين دمشق ومدينة القنيطرة التي دمرها الإسرائيليون في العام 1973 قبل انسحابهم منها. وتفرض سورية على الطلاب القادمين من الجولان والراغبين في متابعة تحصيلهم العلمي في جامعاتها شرطين عبر"الصليب الأحمر"، الأول قضاء العطلة الصيفية مع الأهل بهدف"التواصل". والثاني العودة إلى الجولان والعمل فيه بعد التخرج. وقالت الطالبة راوية عواد 22 سنة:"كنا نحلم بالوطن والعودة إليه وحققنا حلمنا من خلال دراستنا في جامعاته"، لافتة إلى أنها تستغل عطلتها الصيفية لرؤية الأهل والأقارب والعمل لدى أختها التي تملك مكتبة لبيع القرطاسية من اجل توفير بعض النقود التي تحتاجها في دراستها. وأضافت:"اعمل من اجل تخفيف الأعباء عن أسرتي المتواضعة مادياً حيث تكلفني السنة الدراسية الواحدة نحو أربعة آلاف دولار أميركي على رغم انني اقطن في المدينة الجامعية وأتقاضى منحة شهرية من الحكومة". ورسمت راوية الوضع في قريتها من مختلف النواحي بالقول:"الوضع السياسي غير صحي والاقتصادي سيئ والعلاقات الاجتماعية معدومة لأن اغلب الناس تلهث وراء لقمة العيش". وتمنى زميلها حسين مرهج 23 سنة الذي يدرس في كلية طب الأسنان ان تزول الحواجز نهائياً"لأنها توثر في نفسيتي وتسبب لي المتاعب، ولكن هذا التعب يزول عندما التقي بأهلي بعد غياب عام كامل". وقال:"في فصل الصيف اعمل في البناء واجمع في شهرين نحو ألفي دولار تساعدني كثيراً لدى عودتي الى الدراسة". وتمنح السلطات السورية هؤلاء الطلاب تسهيلات كبيرة للدراسة في جامعاتها منها الدراسة في أي اختصاص يرغبون فيه من دون النظر إلى علاماتهم في الثانوية العامة إضافة إلى تأمين المسكن لهم وإعطائهم منحة شهرية تقدر بنحو 25 دولاراً أميركياً. ويفرض على طلاب الجولان دراسة أربع مواد هي اللغة العربية والثقافة القومية والجغرافيا والتاريخ لمعادلة شهادة الدراسة الثانوية. ولا يستطيع الطالب التخرج من الجامعة إلا بعد نجاحه في هذه المواد التي يتقدم إلى امتحاناتها أثناء دراسته الجامعية. واللافت أن أكثر من 70 في المئة من الطلاب يدرسون في الاختصاصات العليا مثل الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة ويفضل جميعهم الدراسة في جامعة دمشق لقربها من الجولان. وتقع هضبة الجولان في الزاوية الجنوبية الغربية على الحدود اللبنانية - الفلسطينية - الأردنية وتبلغ مساحتها 1860 كيلو متراً مربعاً. ولا تزال خمس قرى مأهولة بالسكان تحت الاحتلال هي مجدل شمس وبقعاتا وعين قنية ومسعدة والغجر ويبلغ عدد سكان هذه القرى نحو 30 الف نسمة. وقال عضو البرلمان السوري عن الجولان إسماعيل مرعي:"ان السلطات الإسرائيلية لا تسمح للطلاب بالعودة إلى أهلهم إلا في العطلة الصيفية، لكن خلال إقامتهم في دمشق يذهبون إلى موقع عين التينة مقابل مجدل شمس المحتلة للتواصل مع ذويهم عبر مكبرات الصوت". وأضاف:"نحن لا نعترف بالشريط الحدودي المصطنع، والسكان في الجولان ما زالوا صامدين في أرضهم ومتمسكين بهويتهم".