أعلنت الخرطوم أمس أنها تسلمت نسخة معدّلة من مشروع قرار بريطاني - فرنسي أمام مجلس الامن لتمويل نشر قوات مختلطة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، ووعدت بدراسته والرد عليه. لكن مندوب السودان لدى الأممالمتحدة وصف النسخة المعدلة بأنها"قبيحة وأسوأ"من الأولى، متهماً لندن وباريس بمحاولة تصدير السيناريو العراقي إلى بلاده. ووزعت الدول الغربية في الأممالمتحدة مشروع قرار معدلاً في شأن نشر قوة دولية - أفريقية مشتركة لحفظ السلام في دارفور. وفي حين أعرب مندوبو بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة عن تفاؤلهم بإمكان حصوله على تأييد واسع، قال المندوب السوداني إن صيغته مازالت غير مرضية. ولم يتحدد موعد التصويت على المشروع، غير أن مقدميه أشاروا إلى موعد قد لا يتعدى نهاية الشهر الجاري. ويدعو مشروع القرار إلى نشر قوة مشتركة يصل عددها إلى 26 ألف عسكري وشرطي مدني في دارفور، لوقف القتال في الإقليم، لفترة أساسية 12 شهراً، ويطلق على هذه القوة اسم"يوناميد". ويحدد النص الجديد 31 من كانون الأول ديسمبر المقبل موعداً لنقل مهمات القوة الأفريقية المنتشرة حالياً إلى القوة المشتركة مع الأممالمتحدة، لكن من المتوقع أن يستغرق نشر القوة عاماً كاملاً. لكن المسودة الجديدة تترك من دون تغيير تفويضاً صارماً يمثل أكبر مآخذ السودان، يسمح باستخدام القوة لضمان أمن أفراد البعثة وعمال المساعدات الإنسانية"ولحماية المدنيين المهددين بالعنف"، إضافة إلى"مصادرة أو جمع الأسلحة". وسيصدر القرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة ما يجعله ملزماً، وسيسمح للبعثة"باستخدام كل الوسائل الضرورية وهي صياغة مخففة لاستخدام القوة حسبما ترى في إطار قدراتها". وبين التعديلات، يُسقط القرار الجديد الإدانة المحددة للسودان لعدم تمكنه من تأمين المساعدات الإنسانية للاجئين في المنطقة الصحراوية الشاسعة، كما يسقط التهديد باتخاذ إجراءات أخرى مثل فرض العقوبات في حال رفض الخرطوم الاستجابة له. لكن المندوب السوداني لدى الأممالمتحدة السفير عبد المحمود عبدالحليم رفض نسخة القرار المعدلة، ووصفها بأنها"قبيحة وأسوأ"من الأولى، وما زالت"تحمل لغة معادية"، مؤكداً أن بلاده لم تتراجع عن التزاماتها بالسماح بنشر القوة المختلطة في دارفور، لكنها تتحفظ عن تفويض هذه القوة، لا سيما من سيتولى الإشراف على جنودها وإلى متى ستبقى في السودان. وفي المقابل، رأى المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان أندرو ناتسيوس أن الخرطوم"يجب أن لا تكون لها سلطة الاعتراض على القرار"، مشددا على ضرورة تنفيذها التزامات تعهدت بها، ومساءلة الحكومة فور صدور القرار. واعتبر السفير البريطاني أمير جونز بري أن النص الجديد أكثر تصالحاً و"تعابيره أقل تهديداً"، وأن لغة القرار أكثر ميلا للمصالحة نحو السودان. وقال إن الأعضاء الأفارقة في مجلس الأمن، وهم جنوب أفريقيا وغانا والكونغو، أيدوا مشروع القرار. وذكر أنه سيجلس ونظيره الفرنسي جان مارك دو لاسابلير مع عبدالحليم للبحث في مخاوف الخرطوم حيال القرار، مضيفاً أن لا رغبة لديهما سوى في التعاون مع الاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية. وفي الخرطوم، أعلنت الخارجية السودانية أنها تسلمت أمس مشروع القرار، موضحة أن فريقاً من الجهات المختصة سيدرس المشروع قبل الرد عليه رسمياً. وقالت في بيان:"لم يصدر أي رأي رسمي حول المشروع الجديد حتى الآن، وسيصدر الموقف الرسمي في حينه". وأكد مسؤول حكومي ل"الحياة"أن موقف الخرطوم سيصدر خلال يومين، موضحاً أن اتصالات تجرى حالياً بين حكومته ولندن وباريس لإقناعهما بتعديل بعض فقراته، خصوصاً ما يتعلق بصدور القرار تحت الفصل السابع وما يتصل بحماية المدنيين. ولفت إلى أن"المسودة الجديدة أفضل من سابقتها، ولكنها لا تلبي كل تحفظات السودان ومطالبه". فى غضون ذلك، كشف مدير"مركز الدراسات الاستراتيجية"الحكومي في الخرطوم سيد الخطيب، أن بلاده طلبت من جنوب أفريقيا بصورة غير رسمية استضافة محادثات مرتقبة في أيلول سبتمبر المقبل بين الحكومة السودانية والمجموعات المتمردة التي لم توقع اتفاق أبوجا للسلام في دارفور. وأشار الخطيب إلى أن نيجريا التي اقترحت استضافة المفاوضات"ليست المكان السليم لمفاوضات السلام، فقادة دول غرب أفريقيا لا ينظرون إلى قضية دارفور بتجرد". على صعيد آخر، أ ب ألزم قاض فيديرالي أميركي الحكومة السودانية أمس بدفع ثمانية ملايين دولار لعائلات 17 بحاراً قتلوا في تفجير المدمرة الأميركية"كول"قبالة سواحل اليمن في العام 2000. وقال القاضي روبرت دومار في نص الحكم:"إنه لأمر محبط أن يوظف بلد يقوم على أساس ديني وتحكمه الشريعة، قدراته لأغراض تعتبرها غالبية البلدان أموراً كريهة لا تسامح معها". وكانت العائلات طلبت تعويضاً قدره 105 ملايين دولار من السودان الذي تتهمه بتقديم دعم وأموال وتدريب سمح لتنظيم"القاعدة"بتنفيذ الهجوم على المدمرة التي كانت متوقفة في ميناء عدن اليمني.