لم تمر حادثة اغتيال الشيخ عبدالله فلك، مسؤول الحقوق الشرعية المالية في مكتب المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني، كحادثة أمنية على غرار سلسلة الاغتيالات التي شهدتها النجف. بل إن ظروف الحادث الغامضة نشرت الارتباك وسط المقربين من المرجعية في المدينة، وأثارت قلقاً من إمكان وصول المجرمين إلى المراجع الأربعة الكبار، وتعاظم الشك بالمقربين وأجهزة الحماية والسلطة المحلية. وكانت الشرطة عثرت مساء الجمعة على فلك مطعوناً بآلات حادة داخل منزله، على بعد نحو 50 متراً فقط من مقر اقامة السيستاني، في شارع الرسول المحاط باجراءات أمنية مشددة. ونفذ الجناة، بحسب المحققين، عمليتهم بالسلاح الأبيض، لأن المنطقة التي يقطنها الشيخ المذكور والمراجع الأربعة محمية ويطلق عليها النجفيون"المنطقة الخضراء"، لما يحيط بها من اجراءات أمنية، وتعتبر مغلقة بالكامل ولا يدخلها أحد إلا بعد تفتيش دقيق. وعلى رغم تأكيد السلطة المحلية في النجف اعتقال الجاني والتوصل الى خطوط عريضة حول الحادث، لكن مصادر مقربة من المرجعية أكدت أنها فقدت الثقة بالحكومة المركزية والأجهزة الأمنية في النجف. وقال مصدر في شرطة النجف ل"الحياة"إن الأجهزة الأمنية"ألقت القبض على منفذ عملية اغتيال وكيل السيستاني الشيخ عبدالله فلك"، وأضاف:"بعد التحقيق تبين انه من الحرس الخاص بمكتب المرجع، وتلقى أموالاً من جهات معينة لم يسمها مقابل عمله". حماية المراجع والنجف القديمة محاطة بدرجة عالية من الحراسة لوقوع منازل ومكاتب معظم المرجعيات الدينية فيها، وتتعزز الحمايات بشكل كبير قرب مكتب السيستاني ومنزله، باعتباره المرجع الأعلى، حيث لا يدخل أي شخص الى مكتبه أو يمر به إلا بعد تفتيش دقيق. والمكتب مسؤول عن اختيار الحراس. وهناك خط ثان من الحماية يتمثل في فوج حماية المرجعية الذي تشكل بعد احداث منطقة الزركة حين تم القضاء على عناصر تنظيم"جند السماء"مطلع العام الجاري، بعد كشف مخطط كان يتبناه التنظيم يدعو الى قتل المراجع ومبايعة زعيم التنظيم الذي يدعي انه المهدي المنتظر. وتشهد النجف، خصوصاً الحوزة العلمية، ظهور أفكار جديدة لم تكن مألوفة من قبل. ويقول العميد عبدالكريم مصطفى، قائد شرطة النجف، ل"الحياة"إن اعتقال"مجموعة من العناصر التي تحمل أفكاراً منحرفة مؤلفة من تسعة قياديين يعملون ضمن خط فكري يكفر الجميع ويعتقد اعضاؤه الذين تم القبض عليهم بأنهم خط رواة حديث". ويضيف:"القينا القبض على هذا الخط الفكري الذين لم نتوصل الى ارتباطاته بعد، ما وفر لنا فرصة لتجاوز خطأ ما حصل في مزرعة الزركة حيث تم اكتشاف نيات هؤلاء قبل الشروع بعملية نقل الأسلحة والقيام بعمل عسكري". يذكر أن الأجهزة الأمنية في النجف كانت أعلنت في 7 الشهر الجاري القبض على تسعة قياديين في تنظيم عقائدي يدعى"جند المولى"، شبيه بتنظيم"جند السماء"الذي شنت القوات العراقية والأميركية حملة عسكرية ضارية عليه في كانون الثاني يناير الماضي في النجف ومناطق أخرى. ويرى رئيس مجلس محافظة النجف عبد الحسين الموسوي ان"جماعة جند المولى لا تختلف عن الحركات التي تدعي صلتها بالإمام المهدي، وهي من الجماعات المدعومة من جهات وأجهزة استخبارات أجنبية". وتشير المصادر الى ان منفذ عملية اغتيال الشيخ عبدالله فلك ينتمي الى هذه الجماعة.