عرف نبات الهندباء منذ زمن بعيد، وكان قدامى المصريين يأكلون أوراقه كخضار، وقد صنفه أحد عباقرة الفراعنة المعروف باسم ايبرس أنه من أهم النباتات الطبية المفيدة للإنسان. وكان الأطباء في الزمن الغابر من يونان ورومان وعرب يوصون بالهندباء لمرضاهم، ويقال أن الأطباء العرب هم أول من استخدموا الهندباء كعلاج. ويحتل نبات الهندباء مكانة مرموقة في أيامنا هذه نظراً لصفاته الغذائية والصحية، ولهذا نرى مصانع كثيرة في أوروبا. شغلها الشاغل صنع مكملات غذائية مكونة أساساً من خلاصة الهندباء، أو تحتوي على مكونات تكون الهندباء الحاضر الأكبر فيها. إن الأجزاء المستعملة من الهندباء هي الأوراق والجذور، وقد كشفت الأبحاث المخبرية عليها، أن هذا النبات يحتوي على حوامض أمينية، ومواد سكرية، ومواد سمة، ومركبات الإنولين، وبعض الفيتامينات، وحزمة مكثفة من المعادن. والمعادن الموجودة في الهندبا لها أهمية خاصة للقلب والدورة الدموية، مثل معدن المغنيزيوم والبوتاسيوم والكالسيوم، التي تساهم في تنظيم كمية السوائل في الجسم. وبحسب بعض الباحثين، تحوي دماء معظم الناس على كمية مرتفعة من معدن الصوديوم بالمقارنة مع العناصر الثلاثة المذكورة آنفاً، ما يخلق أرضية صالحة للإصابة بواحد من أهم أمراض العصر أي ارتفاع ضغط الدم، من هنا فإن تناول الهندباء يساهم في تأمين التوازن الداخلي اللازم بين المعادن، وهذا له أطيب الأثر على حسن انسياب السوائل في الجسم وبالتالي في الإقلال من العبء الواقع على القلب. وتملك الهندباء خاصية منشطة لوظائف البدن، إذ تساعد على عبور مختلف المواد الكيماوية بين أوصال الجسم. كما أن الهندباء نبات مقوي يدب النشاط والحيوية لدى آكليه بسبب غناه بمعدن الحديد الضروري لصنع كريات الدم الحمراء. وتحتوي أوراق الهندباء على مركبات مدرّة للبول، ولهذا ينصح بها للأشخاص الذين يعانون من شح البول بسبب إصابتهم بقصور في عصارات الكبد، إذ بعد استعمالها تخرج السوائل الفائضة في الجسم حاملة معها السموم المتراكمة فيه. وتعتبر الهندباء نباتاً فاتحاً للشهية، إذ تشجع على تناول الطعام، وتشجع الكبد الكسول على دفق محتوياته، وتدفع بالمرارة على طرح مخزونها من مادة الصفراء اللازمة لهضم الدهون. وتفيد الهندباء في مكافحة الإمساك القبض لأنها تعمل على إثارة الحركات المعوية، فضلاً عن أنها تكافح عواقب التخمرات الهضمية وتخفف من آثارها المزعجة على الجسم. وتمنع الهندباء حدوث الإصابة بالدمامل الجلدية. كما أنها تؤثر في الجهاز العصبي بلطف ونعومة من دون ان تترك مضاعفات ثانوية مزعجة، وتفسير ذلك يعود إلى خلو الهندباء من المواد المخرشة. وإذا كانت أوراق الهندباء مفيدة كغذاء ودواء، فلا تغيب عن بالنا جذور هذا النبات، فمنها يستحضر علاج فعال لمنع تكوّن حصيات المرارة أو ربما لإذابتها. كما أثبتت بعض الدراسات فائدة الجذور في تخليص الكلى من المواد السامة، وفي التخفيف من حدة آلام النقرس. وفي النهاية علينا أن نتوقف عند بعض الملاحظات المتعلقة بنبات الهندباء واستعمالاته. * هناك هندباء برية وأخرى بستانية، والأولى أكثر فائدة من الناحية الغذائية والدوائية. * يصنع من جذور نبات الهندباء قهوة، تنافس القهوة المصنوعة من البن. * لا يجوز استخدام مستحضرات الهندباء عند تناول بعض الأدوية، مثل الأسبرين والملينات وغيرها، إلا بعد استشارة الطبيب. * على المرأة الحامل والمرضع أن تتحاشى استعمال مستحضرات الهندباء. * يجب العناية جيداً بتخزين مستحضرات الهندباء من أجل الحفاظ على المواد الفاعلة، فالحرارة العالية، والرطوبة الزائدة وشدة الضوء، والبرودة الشديدة، تلحق أضراراً بالغة بالمواد الفاعلة.