احتفى النواب العراقيون أمس بعودة كتلة "التوافق" السنية عن قرارها مقاطعة البرلمان، بعد يومين من عودة كتلة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عن قرار مماثل. وفيما تزامنت عودة"التوافق"مع تكريس توسيع صلاحيات مجلس الرئاسة، في التعديلات الدستورية المرتقبة، رجح مراقبون إبرام الحكومة صفقة سياسية، بضغط أميركي، مع الكتل المقاطعة لضمان إقرار قوانين أبرزها قانون النفط واجتثاث البعث لتثبيت نجاح بغداد في تطبيق أكبر نسبة من الشروط ال18 التي وضعها الكونغرس، في التقرير الذي سيرفعه قائد القوات الجنرال ديفيد بترايوس والسفير ريان كروكر في ايلول سبتمبر عن التقدم الذي حققته استراتيجية الرئيس جورج بوش الجديدة. وأعلنت"التوافق"استئناف مشاركتها في جلسات البرلمان بعد اسابيع من المقاطعة إثر تعليق عضوية رئيس البرلمان عضو الجبهة محمود المشهداني. وقال الناطق باسم الكتلة سليم عبدالله ل"الحياة"ان القرار اتخذ بعد محادثات صعبة مع اللجنة البرلمانية حول الملابسات التي دفعتها للانسحاب، فضلاً عن نقاشات داخل"التوافق"استمرت أكثر من ثلاثة أسابيع، تم الاتفاق خلالها على العودة الى البرلمان وإبقاء المشهداني رئيساً له"على ان يترك للجبهة خيار إيجاد بديل له". واكد زعيم الجبهة عدنان الدليمي"ضرورة اتفاق كل الاطراف السياسية وانقاذ العراق من الكارثة التي حلت به، شاكراً جميع النواب والكتل السياسية التي ساهمت في حل الازمة". وقال إن"هذه الخطوة هي الاولى لوقف نزيف الدم العراقي". واكد فاضل الشرع، مستشار رئيس الوزراء العراقي ل"الحياة"ان"عودة الكتلتين الصدرية و"التوافق"ستساهم في المصادقة على الاسماء التي رشحها المالكي لتولي سبع حقائب وزارية شاغرة في حكومته". وأكد مطلعون ان رئاسة المشهداني لجلسة مجلس النواب أمس تندرج ضمن صفقة سياسية حصلت بموجبها"التوافق"على اقرار الكتل الاخرى بتوسيع صلاحية مجلس الرئاسة الذي يضم رئيس الجمهورية جلال طالباني ونائبيه، ليصبح في استطاعة نائب الرئيس السني طارق الهاشمي المشاركة في قرارات الحكومة، ما يستدعي انسحاب المشهداني من رئاسة البرلمان في وقت لاحق. وكان مجلس الرئاسة انتقد بشدة في بيان أمس تصريحات جددت فيها مستشارة رئيس الوزراء مريم الريس اعتبار مناصب هيئة الرئاسة"شكلية وتشريفية"، ما دفع المالكي الى منحها اجازة! وأصدرت الرئاسة بياناً وزعه المكتب الاعلامي ان"التخرصات المتكررة تدل على أن الريس اما أنها لم تقرأ الدستور وهذه مصيبة، أو انها قرأته ولم تفهمه، وهذه مصيبة أعظم، أو أنها قرأت وفهمت وتصر على التجاهل وذلك بلاء عظيم". وينتظر قادة الكتل السياسية قدوم رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني للانخراط في محادثات، قالت مصادر انها ستركز على ايجاد تسوية سياسية نهائية، تفضي الى تحجيم صلاحيات رئيس الوزراء لمصلحة هيئة الرئاسة. وعطل انسحاب"التوافق"44 نائبا وكتلة"الحوار"بزعامة صالح المطلك 11 مقعدا التي لم تعلن عودتها الى البرلمان بعد، بالاضافة الى كتلة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر 30 نائبا قرارات تعدها ادارة الرئيس جورج بوش أساسية لقياس درجة تقدم الحكومة العراقية في تنفيذ تعهداتها. وسارع مجلس الوزراء العراقي برئاسة المالكي الى اقرار قانون توزيع الثروة النفطية الذي اثار جدلا واسعا تخلله اتهام الحكومة بالاذعان للرغبة الاميركية في تمريره سريعاً، ورأى معارضو الحرب انه يدفع باتجاه المزيد من العنف، ويضع البلاد على حافة التقسيم، في تزامن مع حزمة قوانين قال البيت الابيض انها ستشكل مفتاحا للحل السياسي في العراق، ابرزها تعديل اجراءات اجتثاث البعث والتعديلات الدستورية وخطوات المصالحة الوطنية. ولاحظ مراقبون تزامن عودة الكتل البرلمانية مع اجراءات اميركية على الارض تمثلت في شن هجمات واسعة بمشاركة آلاف الجنود، منهم 11 ألفاً في بعقوبة شرقا، و8 آلاف في مثلث الموت جنوباً، و9 آلاف في الانبار غرباً، لتأمين المحيط الجغرافي لبغداد الذي يعتبر مفتاحا لضبط الأمن فيها. لكن التحرك العسكري، تصاحبه خسائر اميركية، يدعم جبهة الاطراف المطالبة بسحب القوات في واشنطن. وسقط نحو سبعة جنود اميركيين خلال 24 ساعة في مناطق متفرقة من العراق. وأعلن الجيش الأميركي في بيان أمس، ان أربعة جنود ومترجمهم العراقي قتلوا بانفجار خلال عمليات عسكرية في شرق بغداد الأربعاء. وكان بيان مماثل، أقر بمقتل ثلاثة جنود في العاصمة الثلثاء بتفجير عبوات استهدفتهم.