"لم اعد قادراً على الاستمرار في دفاعي عن قناة ىالجزيرة" داخل أميركا"... هكذا يستهل مذيع قناة "الجزيرة" والمدير السابق لمكتب واشنطن حافظ الميرازي حواره مع "الحياة" حول أسباب تركه القناة القطرية وتوجهه الى مصر لتأسيس قناة"الحياة المصرية". ويضيف:"هذا القرار يراودني منذ ثلاث سنوات، وتحديداً منذ ان تولى وضاح خنفر إدارة القناة. منذ ذاك الحين و"الجزيرة"أخذت بالتغير، على رغم ان خنفر شخص مهذب إلا أنه تنقصه الخبرة الصحافية المطلوبة لإدارة هكذا محطة. فلا يكفي مثلاً أن تكون مراسلاً نشطاً، لتصبح مديراً لقناة بحجم"الجزيرة". "الشارع عاوز كده" ويوضح الميرازي أن منذ اليوم الأول لعهد خنفر تجلى التغيير في المحطة،"خصوصاً لجهة اختياره مساعدين ينتمون في غالبيتهم الى التيار الإسلامي المتشدد". ويضيف:"عبرت عن تحفظي مراراً للسياسات المترتبة على هكذا تغيير، لا سيما ان"الجزيرة"تخطت الخط الأحمر. وكنت حريصاً على ألا تتحول القناة الى تلفزيون"حماس"، مع تقديرنا لهذه الحركة المقاومة الشريفة التي تقوم بدور نضالي. ولكن هناك فارق بين تلفزيون ناطق باسم"حماس"وبين قناة"الجزيرة"التي يجب ألا تلعب على نغمة"الشارع عاوز كده"، لان من شأن ذلك أن ينسف كل المعايير المهنية. من هنا أتت قراراتي متدرجة، وقررت إن لم أفلح في تغيير سياسة القناة الجديدة ألا أكون مديراً لمكتبها، وأكتفي فقط بإعداد برنامجي. اما ان أشارك في الأجندات السياسية الجديدة للبعض، وإظهار أميركا بصورة سلبية على الدوام، فأمر لا أرضاه لنفسي، وهو بعيد عن المهنية". ويتحدث الميرازي عن الضغوطات التي مورست عليه في هذا الإطار، ويشير الى أن ابرزها"إحباط المراسلين من حولي وعدم اذاعة تقاريرهم. أضف الى ذلك أنه بينما كنت مسؤولاً في الماضي عن تحديد سياسة مكتب واشنطن، صارت قراراته تصدر من قطر، من أناس أصحاب أجندات تدعم تياراً دينياً محدداً، وتنقصهم الخبرة. فأحدهم لا يمكن أن يصافح سيدة من دون أن يشعر ان ذلك ينقض وضوءه... وآخر تخلصت منه فضائية عربية بسبب اتجاهاته المتطرفة وأصبح المفضل للقناة". ويصمت الميرازي قليلاً قبل أن يضيف:"يعز علي وأنا أتحدث عن ذلك الأمر للمرة الأولى. فعندما بدأ المسؤولون يشعرون بتململ ما تجاهي، عرضوا علي أن أكون في الدوحة بدلاً من واشنطن، ولكن ما الفارق، فالأكيد أن الحصار من حولي لن يفك. واللافت أنهم حتى الآن يتحدثون معي بأنني سأعود يوماً ما، ولكن ما يهمني الآن هو أن أخوض تجربة جديدة داخل مصر، بعدما نجحت في مهمتي السابقة وأسست مكتب واشنطن الذي غادرته وفيه 25 موظفاً بعد أن تسلمته بثلاثة موظفين فقط". ويشدد الميرازي على ما ردده في الكلمة التي ألقاها في احتفال"عشر سنوات على تأسيس الجزيرة"، حين اعتبر أن تجربة القناة القطرية عظيمة، ولكن لا يوجد أي ضمان على استمرارها كما هي الآن. ويسأل:"ماذا لو تغيرت القيادة السياسية في قطر وقررت إلغاء الحريات الممنوحة للقناة، ألا يقودنا ذلك إلى إشكالية موجودة بقوة في العالم العربي تتمحور حول أنك لا تستطيع تقديم إعلام حر في عالم غير حر؟". "الحياة المصرية" ويصل الميرازي في حديثه الى"الحياة"الى محطته الجديدة قناة"الحياة المصرية"المنتظر بدء بثها مطلع السنة المقبلة على"نايل سات"، ويترأس مجلس إدارتها الدكتور السيد البدوي شحاتة وتملكها شركة"سيغما"للإعلام، فيقول:"الاسم يدل على طبيعتها، فهي تشمل كل ما يخص الحياة المصرية. ولن تكون قناة إخبارية كما ذكر بعضهم، إنما قناة عامة". ويشير إلى أن هذا المشروع انبثق من فكرة أتته عام 2005 حين قدم في القاهرة حلقة من برنامج"من واشنطن"بعنوان"سباق الرئاسة المصري"على وزن سباق الرئاسة الأميركي، إذ اتضح له حينها أن"تغييراً ما حدث في الإعلام المصري، وان هناك حياة جديدة في مصر". ويضيف:"لدي أمنية قديمة في تطوير الإعلام المحلي لأننا لم نطوره منذ زمن طويل". ولم يخف على الميرازي أن هذه التجربة لن تكون مكللة بالورود، فكما توقع واجه اعتراضاً لدخوله تجربة غير مأمونة ويقول:"على رغم كل شيء، دائماً أقول لنفسي لن يأتي احد ويدق بابك ويقول لك تعال مارس حريتك. من هنا عليك أن تسعى من أجل الحرية في ظل قراءتك لمجتمعك. وأنا حضرت الى القاهرة من دون أي ضمانات وسأجرب. أما من يريد ان يردني عن هدفي فليفعل، ولن استبق الأحداث، طالما انني لا أريد أن افتعل معارك، واعتقد ان من مصلحة مصر أن يكون لديها إعلام جيد، وسمعت أنه لا توجد مواقف ضدي، ولكن أضيف عبارة حتى الآن". ويحدد الميرازي سياسة المحطة، ويقول:"لن نستفز أحداً. فأنا ضد بعض عناوين صحف المعارضة، التي تشعر بأنها مكتوبة لتستفز شخصية بعينها، مثلاً رئيس الجمهورية أو عائلته. صحيح أن التعبير عن شعور الكبت لدى المواطنين أمر إيجابي، لكن المبالغة فيه أشبه بتصرفات مراهق يعلو صوته فجأة على والده. هنا قد يقول بعضهم بضرورة وجود صحف تقف في وجه الصحف القومية، وذلك خطأ برأيي لانك تصبح حينها الوجه الآخر للعملة ذاتها. أما المكسب فتلقاه فقط حين لا تخلط العمل الصحافي بالعمل السياسي وبأنك أحد نشطائه". بحثاً عن الخبر المحلي وحول قدرة"الحياة المصرية"على المنافسة يقول الميرازي:"هناك 75 مليون مصري لا يشاهدون غالبية ما يحدث داخل محافظات مصر، من هنا ستملأ القناة ثغرة، إذ سنحاول أن نكون أحد المصادر الرئيسية للخبر المحلي، من خلال شبكة مراسلينا الموجودة في الدول العربية". وعلى رغم شعور بعضهم بأنه اخطأ بترك برنامجه الشهير"من واشنطن"الا أن ميرازي ليس نادماً على هذا القرار، ويقول:"ما فائدة ان تكسب العالم وتخسر نفسك". ورداً على سؤال حول ابرز الشخصيات التي استضافها يقول:"كثيرة. وقد كنا على وشك استضافة جورج بوش. وبالفعل تحدثت معنا"سي أن أن"لتستفسر عن الموعد بعد تسرب الخبر، ولكن في آخر لحظة تغير الأمر، وحلت كونداليزا رايس بدلاً منه. علماً أنني قابلته سنة 1988 عندما كان يدير حملة والده الانتخابية وسجلت معه 10 دقائق لإذاعة صوت اميركا. واتذكر ان في كل اجاباته كان يكرر كلمة بابا سيفعل كذا وكذا. أما أسوأ المقابلات فكانت مع وزير العدل الاميركي جون آشكروفت الذي جاء على مضض، وكان عصبياً الى جانب عنصريته الواضحة، ما سبب توتراً داخل الاستوديو الى درجة أن أحد المصورين نسي أن يضغط على زر التسجيل، فلم نسجل الحلقة بعدما رفض إعادة التسجيل. ولا انكر أنني سعدت للأمر". ومن المنتظر ان يلقي الميرازي محاضرة حول"الرؤية العربية لسياسة الولاياتالمتحدة الخارجية"أمام مجلس العلاقات الخارجية الأميركي في 16 الشهر الجاري، إضافة الى ثلاثة متحدثين في المؤتمر السنوي الذي يقيمه المجلس، هم الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون ورئيسة ليبيريا آلين جنسون وسفيرة اولمبياد بكين 2008 شيري لياو.