لمس رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة من لقاءاته في باريس أمس، مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس حكومته فرانسوا فيون، ووزيرة الاقتصاد والمال كريستين لاغارد، ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، استمرار المجتمع الدولي في دعم لبنان "على كل الصعد من أجل تعزيز الاستقرار والأمن فيه والتزامه القرار 1701، وأن المجتمع الدولي لن يخضع كما لن يخضع لبنان واللبنانيون، للابتزاز الذي يمارس عليهم". وكان السنيورة استهل لقاءاته باجتماع عقده في مقر اقامته في"غراند أوتيل"مع رايس، وعرض معها مجمل الأوضاع اللبنانية والاقليمية والدولية، ثم انضم اليهما لاحقاً وزيرا الاتصالات مروان حمادة، والخارجية بالوكالة طارق متري والسفير محمد شطح. وبعد المحادثات جددت رايس"دعم المجتمع الدولي للبنان وحكومته الشرعية". وقالت:"إن المجتمع الدولي يدعم لبنان ويبدي إعجاباً كبيراً بقيادة الرئيس السنيورة وحكومته المنتخبة شرعياً"، موضحة أن"هذه الحكومة تعمل نيابة عن كل اللبنانيين من اجل الديموقراطية والحرية". وأكدت رايس أن"الولاياتالمتحدة ستواصل مع الدول، دعم هذه الحكومة". وأوضح السنيورة أن"هذا اللقاء المطول خصص للبحث في المسائل والقضايا كافة التي تهم اللبنانيين، كان ذلك على صعيد الأمن وما حدث من اعتداء على القوة الاسبانية التي أتت من اجل مساعدة اللبنانيين وضمان الاستقرار والأمن في منطقة الجنوب، أو استمرار الأوضاع غير المستقرة بسبب الهجوم الذي يتعرض له لبنان من مجموعة ارهابية في الشمال". وقال السنيورة ل"صوت لبنان":"تطرقنا الى هذه الأمور والى استمرار الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي والولاياتالمتحدة أيضاً الى لبنان، والتي تم التباحث في شأنها على مدى فترة طويلة ماضية، والآن يجري تنفيذ هذه الاتفاقات". وأشار الى أنه لمس من"السيدة رايس الالتزام بأن هذه المحاولات التي تجري على الأرض اللبنانية لتهديد القوات الدولية التي أتت بناء على طلب لبنان لمساعدته، لن تؤدي على الإطلاق الى ما يرغب به مَن خططوا له، وتالياً سيدفعهم ذلك الى تغيير وجهة نظرهم، خصوصاً أن لبنان وافق على القرار 1701 من دون أي تحفظ". وأضاف:"لمست من المجتمع الدولي استمرار الدعم للبنان على الصعد كافة من اجل تعزيز الاستقرار والأمن فيه والتزامه القرار 1701، والحادثة الأخيرة لن تؤدي على الاطلاق الى أي تغيير في موقف المجتمع الدولي وال29 دولة التي لديها قوات في لبنان، لذا ستفشل المحاولة التي رغب بها الذين يقومون بهذا العمل، فلن يخضع المجتمع الدولي كما لن يخضع لبنان واللبنانيون للابتزاز الذي يمارسه هؤلاء". وعن التقديمات والمساعدات للجيش اللبناني، قال السنيورة:"هذا الموضوع حتماً سيستمر وهو من ضمن الاتفاقات المعقودة، وستستمر الادارة الاميركية في تقديم المعونات التي يحتاج إليها الجيش اللبناني، وهو امر طبيعي يعزز قدرات الجيش في تصديه لتلك المحاولات". وأعلن المتحدث باسم الخارجية الاميركية شون ماكرماك ان"الوزيرة رايس امتدحت قدرة الرئيس السنيورة على التعامل مع مشكلات لبنان الكثيرة". وقال ان"رايس أكدت تأييد واشنطن جهود حكومة السنيورة الاصلاحية السياسية والاقتصادية". ونقل عن رايس قولها:"من اللافت كيف يواجه السنيورة والشعب اللبناني بجرأة الكثير من التحديات في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة الخطر الذي يشكله التطرف المتسم بالعنف". بعد ذلك توجه السنيورة إلى مقر الرئاسة الفرنسية في قصر الإليزيه، حيث خصّه ساركوزي باستقبال"رئاسي"في الباحة الخارجية، وعزفت له ثلة من الحرس الجمهوري التحية، ونزل ساركوزي الدرج ليستقبل السنيورة عند باب سيارته. وعلى الفور توجه ساركوزي والسنيورة إلى قاعة الاجتماعات حيث عقد اجتماع حضره الوزيران طارق متري ومروان حمادة وسفير لبنان في فرنسا بطرس عساكر والمستشاران محمد شطح ورلى نور الدين، فيما حضر عن الجانب الفرنسي وزير الخارجية برنار كوشنر ووزير الدولة للشؤون الأوروبية جان بيار جوييه والمستشار السياسي للرئيس ساركوزي جان دافيد ليفيت. بعد ذلك أقام الرئيس الفرنسي مأدبة غداء على شرف الرئيس السنيورة في قصر الإليزيه حضرها الوفد المرافق وعدد من الوزراء الفرنسيين. ودعت السيدة الفرنسية الأولى سيسيليا ساركوزي السيدة هدى السنيورة إلى لقاء في قصر الإليزيه حيث استقبلتها في الباحة الخارجية، ثم صودف لدى دخولها القصر انتهاء الاجتماع بين ساركوزي والسنيورة فتم التعارف ثم انضموا جميعاً إلى الغداء. وعند خروجه من قصر الإليزيه، قال السنيورة:"بداية أود أن أعبر عن مدى تقديري لاستقبال الرئيس ساركوزي لنا وأنوه بالمحادثات المعمقة التي أجريناها والتي تداولنا فيها كثيراً من النقاط لا سيما أن فرنسا التي لها علاقات طويلة وعميقة الجذور مع لبنان، ما زالت مستمرة في دعم لبنان وفي دعم استقراره وسيادته وحريته واستقلاله وهي ما زالت على العهد نفسه الذي طالما كانت عليه في دعم حكومة لبنان المنتخبة دستورياً وهي مستمرة في تقديم كل العون في شتى المجالات السياسية والإنمائية والعسكرية لدعم جيش لبنان الذي يواجه تحديات كبيرة بسبب هذه المجموعة الإرهابية التي نواجهها الآن في شمال لبنان". وأضاف:"لمست من الرئيس ساركوزي مقدار حزمه على الاستمرار في دعم لبنان وهو لن يتخلى عن هذا الموقف. وأنا سعيد جداً بهذا اللقاء وبما سمعته من تأكيدات منه في هذا المجال". وعما إذا كان ساركوزي متخوفاً على مصير جنود القوات الدولية في جنوبلبنان؟ أجاب السنيورة:"الموقف الذي سمعته منه هو أنه لن يكون هناك تنازل أو أي نوع من التراجع عن الموقف الذي تقفه جميع الدول المشاركة في"يونيفيل"، هذا موقف حازم لن ينصاع أحد أمام الإرهاب أو عمليات التخويف التي يقصد منها إرسال رسالة إلى المشاركين في قوات الأممالمتحدة للتخلي عن الهدف الذي يعملون له، جاءت 29 دولة بأكثر من 12 ألف جندي لحماية الأمن والاستقرار في لبنان، وهم مستمرون مهما حاول الذين يسعون إلى التخويف أو تغيير الهدف الذي قاموا ويقومون به، موقف ساركوزي حازم في هذا الأمر". وعن"مؤتمر لبنان"الذي تنظمه فرنسا، قال:"نحن نؤيد كل المحاولات التي تقوم بها فرنسا من أجل الإسهام في جمع اللبنانيين وتعزيز فكرة التحاور والتلاقي والابتعاد عن التشنج وتبادل الأفكار بما يؤدي إلى التقريب بين اللبنانيين، ونحبذ ذلك، وسيصار خلال الأيام المقبلة الى تحديد الموقف في هذا الشأن". ونفى أن يكون لمس اختلافاً بين الموقفين الفرنسي والأميركي بالنسبة الى المؤتمر، وقال:"على عكس ذلك، لم أسمع من رايس أي كلام مناقض لهذا الشأن، وهذا المؤتمر الذي هو على مستوى الصف الثاني وفي حدود معينة كي لا يكون هناك مجال لإذكاء التوقعات التي لا داعي لها في شأنه، هذا المؤتمر يجب أن يؤخذ بحجمه". وقال الناطق باسم الرئاسة دافيد مارتينون ان ساركوزي"رغب في استقبال السنيورة بأسرع وقت ممكن لإعادة تأكيد تأييد فرنسا له، كونه يمثل المؤسسات اللبنانية الشرعية، وأنه بهذه الخطوة عاد وأكد صداقة فرنسا حيال لبنان وجميع اللبنانيين". وأضاف ان الفرنسيين"سيكونون اصدقاء صريحين بعيداً من أي شروط لمصلحة لبنان"، موضحاً ان المحادثات"تطرقت الى الوضع في الجنوب وأكد ساركوزي التزام فرنسا بقوات الأممالمتحدة التي تقوم بعمل ممتاز من اجل استقرار المنطقة بمواكبة الجيش". وأشار الى ان المحكمة الدولية"أصبحت واقعاً وهي ضرورية للمعاقبة والردع"، لأن"على المجرمين ان يعرفوا انهم سيحاسبون، ومن لديه نية القيام بعملية اغتيال يتوجب عليه التفكير"بالعواقب. وذكر انه تم التطرق الى موضوع مزارع شبعا الذي أثاره السنيورة، ونقل عن ساركوزي قوله انه تناول الأمر مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي قال ان هناك تقريراً في هذا الشأن سيقدم نهاية حزيران يونيو الجاري. وقال مارتينون:"ان التفكير جار حول الصيغة وتنظيم اجتماع الحوار اللبناني، الذي يتيح العودة الى التهدئة، والفكرة ما زالت مطروحة ومفتوحة ولكن تاريخ عقد الاجتماع غير محدد". وذكر ان السنيورة طلب من ساركوزي المزيد من المعدات للجيش اللبناني وهو ما وافق عليه الأخير، لافتاً الى انه جرى ايضاً تناول مسألة العلاقات مع سورية وأن ساركوزي أكد مجدداً ان الشروط ليست متوافرة لإعادة الحوار على مستوى رفيع معها. حمادة ومتري أوضح الوزير حمادة أن"لبنان احتل موقعاً أساسياً في المحادثات التي تمت في باريس، على رغم أن المؤتمر المنعقد هناك يتعلق بدارفور". وأوضح أن"المحادثات في باريس ستحدد آلية التعاطي مع هذه القضية". وقال:"أعتقد ان الرئيس السنيورة سيعود الى بيروت، وفي جعبته مجموعة من التعليقات على الأفكار اللبنانية، وهو زرع الأفكار اللبنانية، في ما يتعلق بتقوية الجيش اللبناني ودعمه ودعم السلطة الشرعية في لبنان، في مواجهة الحرب المفتوحة عليها سياسياً وأمنياً وعسكرياً". وكشف وزير الخارجية بالوكالة طارق متري، أن"لقاء الوفد اللبناني مع بان كي مون أول من أمس، تطرق الى وضع"يونيفيل"بالتفصيل". وأشار الى"أن بان أكد التزام الأممالمتحدة بقاء القوات الدولية في الجنوب، ووقوفها بحزم في وجه كل ما يهدد اللبنانيين ما يستدعي تعزيز التعاون والتكاتف بين الجيش ويونيفيل". ولفت الى"ان الرئيس السنيورة سلم بان رسالة تدعو الى تمديد مهمة القوات الدولية سنة جديدة من دون تعديل في مهمتها، وبحث الجانبان أيضاً سبل تسريع تشكيل المحكمة الدولية، إضافة الى التقرير المتوقع صدوره اليوم عن البعثة المستقلة لتقصي أوضاع الحدود اللبنانية ? السورية". وليلاً، أقام فيون عشاء على شرف السنيورة والوفد المرافق، فيما أولمت السيدة فيون للسيدة السنيورة.