نجحت الاتصالات بين السلطات اللبنانية السياسية والعسكرية وبين قيادة قوات الأممالمتحدة في الجنوب (يونيفيل)، وسفراء الدول الرئيسة المشاركة في هذه القوات، في تهدئة التأزم الذي نجم عن الإشكالات التي واجهتها هذه القوات في بعض القرى الجنوبية الأسبوع الماضي. وشهد يوم أمس تكثيفاً استثنائياً لهذه الاتصالات عشية عقد مجلس الأمن اليوم للبحث في طلب فرنسي بصدور بيان رئاسي يدين الإشكالات التي وقعت ويؤكد دعم مهمة هذه القوات لتنفيذ القرار الدولي الرقم 1701. وكان هذا التأزم على طاولة جلسة مجلس الوزراء الذي انعقد مساء برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أطلع المجلس على نتائج لقائه مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مساء أول من أمس، والذي تناول القلق الفرنسي من الحوادث المتكررة مع يونيفيل والوحدات الفرنسية فيها. كما أطلع الحريري المجلس على نتائج محادثاته مع الرئيس المصري حسني مبارك. وفيما أشارت مصادر وزارية الى أن الاتصالات التي جرت خلال اليومين الماضيين أفضت الى تهدئة الاستياء الأوروبي والفرنسي، فإن الجهود لاستيعاب ذيول الاشكالات تواصلت على خطوط عدة: اجتماع سفراء فرنسا دوني بييتون، إيطاليا غبريال كيكيا وإسبانيا خوان كارلوس غافو مع الحريري، بعدما التقوا سليمان وقائد الجيش العماد جان قهوجي واجتمع بعضهم مع الرئيس نبيه بري، ثم جولة قائد «يونيفيل» ألبرتو أسارتا على الرؤساء الثلاثة أمس، التي انتهت باجتماع في بلدة تبنين الجنوبية بين أسارتا وقائد الكتيبة الفرنسية الجنرال لافنو وممثلين عن فعاليات ورؤساء بلديات جنوبية ونائب مدير المخابرات في الجيش العميد عباس إبراهيم. وعقد الاجتماع في إطار روحية رسالة مفتوحة وجهها أسارتا أمس الى أهالي الجنوب أذيع نصها تحت عنوان: «أطلب تفهمكم ودعمكم». وأشار أسارتا الى الأحداث الأخيرة معتبراً أنها «ألقت بظلها على البيئة الإيجابية التي تعمل فيها يونيفيل بالتنسيق التام مع الجيش اللبناني من أجل سلامتكم وأمنكم». وإذ أقر أسارتا بوجود مشكلات على رغم الإجراءات التي تتخذ لتخفيف المضايقات على الناس نتيجة العمليات العسكرية، رأى أن «طريقة التعامل مع هذه المشكلات هي بمناقشتها مباشرة مع يونيفيل من أجل إيجاد حلول ودية وليس من خلال اعتراض عمل قوات حفظ السلام أو ضربها». وشرح قائد القوات الدولية أهدافها لتطبيق القرار 1701، مؤكداً أن أوامره لها هي «بوجوب الاحترام الكامل لثقافة وتقاليد الشعب الذي يستضيفهم». وأكد أن «هناك تنسيقاً كاملاً مع الجيش اللبناني لكن هذا لا يستوجب مواكبته ل350 دورية تجريها يونيفيل يومياً». وأنهى أسارتا رسالته بالقول: «بعض نشاطات يونيفيل قد يسبب إزعاجات، لكن، في كل الأحوال لن تكون هناك أي أجندة خفية وراء هذه النشاطات. وجودنا بعيداً عن بلداننا لا هدف له سوى مساعدتكم على العيش بسلام». وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز اجتمع مع مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» عمار الموسوي ونقل عنه أن الحزب مستمر في التزام القرار 1701 «وتوافقنا على أهمية حرية حركة يونيفيل». وقبيل عقد جلسة مجلس الوزراء قال نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع إلياس المر إن «الوضع هادئ في الجنوب وسيبقى هادئاً». وفي رده على قول رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكينازي عن ان التوتر سيزداد بين «يونيفيل» و «حزب الله» في أيلول (سبتمبر) بعد صدور القرار الظني من المحكمة الدولية، قال المر: «ما يهمنا هو الوضع الداخلي، ونحن مستعدون لتكثيف عديد الجيش في منطقة انتشار يونيفيل بحسب الحاجة، وهذا الأمر لا يحتاج الى قرار مجلس وزراء، ونحن نطرح هذا الأمر وليس قوات يونيفيل». وأوضح وزير الإعلام طارق متري «أن عناصر الموقف اللبناني في شأن اجتماع مجلس الأمن (اليوم) وما سيطرحه لبنان خلاله معروفة، وهي تأكيد التنسيق بين الجيش اللبناني و يونيفيل والتمسك بالقرار الدولي 1701، مع الحرص على القوات الدولية والعلاقة بين الأهالي ويونيفيل»، وقال: «إن السعي هو لتجاوز ما حصل، خصوصاً أن اتجاه مجلس الأمن هو لإصدار بيان صحافي وليس بياناً رئاسياً». ونفى الناطق باسم «يونيفيل» نيراج سينغ ما ورد في «تقارير إعلامية تحدثت عن أن الوحدة الفرنسية التابعة ليونيفيل تنفذ أجندتها الخاصة بعيداً عن مهمة القوات الدولية». واعتبر سينغ «أن مثل هذه التكهنات لا أساس لها على الإطلاق، بل إنها تلحق الضرر أيضاً في الجهود التي تبذلها يونيفيل والجيش اللبناني من أجل الحفاظ على المستوى غير المسبوق من الأمن الذي تحقق في جنوب لبنان على مدى السنوات الأربع الماضية». من جهة ثانية، قال الحريري بعد تقديم العزاء بوفاة المرجع العلامة السيد محمد حسين فضل الله، إنه «كان يجمع اللبنانيين، خصوصاً المسلمين وكان دائماً يرى أن لا مكان للبنان إلا في وحدته الوطنية وفي تكاتف اللبنانيين مع بعضهم بعضاً مسلمين ومسيحيين ليبقى البلد آمناً ونظل واقفين في وجه العدوان الذي يمكن أن يواجهه البلد». وزار بيروت امس لتقديم التعازي بالعلامة فضل الله واجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين مل من رئيس الحكومة العراقي الحالي نوري المالكي والسابق اياد علاوي.