ها أنت في اسكندرية الاسكندر، وجهاً لوجه مع سعد زغلول في ميدانه الشهير، وفي ضيافة الملك فاروق في قصر المنتزه البهي، وفي حمى السلطان الأشرف قايتباي في قلعته الحصينة، وداخل سراديب مقابر"كوم الشقافة"الفرعونية تحت الأرض، وبصحبة ريّا وسكينة بحثاً عن ضحية جديدة في سوق"زنقة الستات"الشعبي الضيّق، وفي أروقة"مكتبة الاسكندرية"التاريخية المتجددة بأبهى حلة عصرية. خمسة أيام لا تكفي للارتواء من هذه المدينة المصرية الساحلية، لكنها كافية للوقوع في شِباكها... والتأثر ب"سحرها". سريعة مرت الأيام الخمسة للرحلة الاستطلاعية التي نظمتها"طيران الإمارات"لممثلي عدد من وسائل الإعلام العربية الى مدينة الاسكندرية المصرية، بالتعاون مع وزارة السياحة المصرية وشركة"ميدلاند"للسياحة، وكيل"الإمارات للعطلات"في أرض الفراعنة. كان اختيار"طيران الإمارات"لهذه المدينة موفقاً، بقدر ما كانت الرحلة الصحافية منظمة ومليئة بالتشويق والمعرفة... والدلال. وعلى رغم انها ليست المرة الأولى التي أزور فيها الاسكندرية، إلا أنني أعترف بأنها المرة الأولى التي أكتشف فيها بهاء هذه المدينة العريقة ومكامن السحر فيها، بفضل حسن اختيار"ميدلاند"لأهم المرافق السياحية فيها، وخبرتهم في توفير سبل الراحة والمتعة والترفيه لضيوفهم العرب. لكنه كرم المصريين وطيبة معشرهم في كل الأحوال. لا تشبه الاسكندريةالقاهرة، على رغم ان كل حجر فيها ينطق: أنا مصري. كما ان طباع السكندريين بعيدة من طباع أبناء قاهرة المعز."إنهم أكثر وضوحاً، يشبهون مدينتهم المفتوحة للضوء والريح"، بحسب تعبير ابن المدينة الروائي المصري ابراهيم عبدالمجيد. بعد الوصول الى مطار"برج العرب"شمال البلاد، قاصداً الاسكندرية، ليس هناك أجمل من قضاء يوم كامل في منتجع"بورتو مارينا". إنه لؤلؤة سياحية فريدة على الساحل الشمالي لمصر. تدخل إليه فتحسب انك في منتجع أوروبي ذي لمسات متوسطية يغلب عليها الطابع المغربي. وكأنك في أحد المنتجعات السياحية الفخمة في الدار البيضاء، لكنه مفعم بروحه المصرية المميزة. ولعل إحدى مميزات"بورتو مارينا"انه يقع في منطقة العلمين على بعد 120 كيلومتراً من الاسكندرية. وهي منطقة ساحلية بكر لم تعبث بها يد الإنسان من قبل، إضافة الى كونه يمتد على مساحة واسعة جداً من شاطئ لازوردي خلاب. ويتوافر فيه كل ما يخطر في بالك من وسائل الراحة والترفيه والخدمات... قلما تتوافر كلها مجتمعة في منتجع سياحي من فئة الخمس نجوم. إنه مكان مثالي لقضاء عطلة حالمة وممتعة مع أفراد العائلة. تغادر"بورتو مارينا"متوجهاً الى ثاني أكبر المدن في مصر، ومن أهم مراكز الاصطياف المتوسطية. إنها الاسكندرية التي تمتزج فيها الحضارتان الرومانية والقبطية، من دون ان تغيب عنها روح الحضارة الإسلامية السمحة. أما النقطة المثالية للإقامة في الاسكندرية، فهي فندق"شيراتون المنتزه"المطل على قصر المنتزه التاريخي وحدائقه الغنّاء التي تجعله من أهم أماكن الاستمتاع في المدينة. وقصر المنتزه عبارة عن مبنى تاريخي ضخم شيّد على طراز يمزج بين التركي والفلورنسي. وفي ربوع حدائق المنتزه يقع"الحرملك"الذي أصبح دار الضيافة الرسمي صيفاً، و"السلاملك"الذي تحول فندقاً رائعاً من فئة"بوتيك". ولعل سرّ جمال الاسكندرية يكمن في كورنيشها البحري الذي يصل طوله من رأس المنتزه شرقاً إلى رأس العجمي غرباً نحو 27 كيلومتراً. وتتفرع منه كل الطرق المؤدية الى أهم معالم المدينة، من الآثار الفرعونية والإغريقية والإسلامية الى القصور والحدائق والمتاحف، الى الأسواق التراثية والحديثة... الى الفنادق المطلة في غالبيتها على شاطئ المدينة الرملي الرائع. حياة بكاملها، بوجوهها المختلفة، تجدها على كورنيش الاسكندرية الذي لا يغمض عينيه إلا قبيل ساعات الفجر الأولى. وتكفي نزهة واحدة لبضعة كيلومترات مشياً على الأقدام، لتحتك بأبناء البلد الطيبين من السكندريين والقادمين إليها من الريف المصري المجاور، والذين افترشوا زوايا كثيرة من رصيف الكورنيش المطل على البحر، عارضين بضاعتهم المختلفة من الآيس كريم جيلاتي والذرة المشوية والفستق السوداني عبيد واللب البذر المحمّص وغزل البنات... إضافة الى مروحة واسعة جداً من الهدايا الصغيرة والخفيفة المعروضة على مساحة لا تزيد على متر واحد مربع فقط. تمشي في شوارع الاسكندرية فتشعر بعبق التاريخ مخيماً بقوة في كل زاوية ووراء كل عمود. كان المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي 1889 - 1975 يقول كلما وقف أمام حجر يحكي له قصة حضارة قديمة:"أبكي عندما أرى الحضارات تموت والإنسان من حولي يفنى". الروايات الغريبة التي تسمعها في الاسكندرية كثيرة. فهل أتاك نبأ الزبّال عامل التنظيفات الذي كان يمشي وحماره وسط"كوم الشقافة"ذات يوم من العام 1901، ليرمي حمله اليومي من النفايات هناك فوق تلة واسعة من قطع الأواني الفخارية المكسرة، فغارت الأرض من تحتهما لتبتلع الحمار المسكين. فراح الزبال المنكوب يحفر الأرض وسط"كوم الشقافة"بحثاً عن صاحبه، ليعثر عليه نافقاً داخل مقبرة للفراعنة القدماء مكوّنة من ثلاثة طوابق منحوتة في الصخر الرملي حتى عمق 30 متراً تحت الأرض. فنسي الزبال فقيده، مبهوراً بما رآه من كنوز مدفونة، وراح يسرق كل ما تقع عيناه عليه من مومياءات وحلي وآثار يسهل حملها... مخلفاً وراءه مقبرة فريدة من نوعها في مصر والعالم. ويطلق عليها اليوم اسم مقابر"كوم الشقافة"، نسبة الى المكان الذي اكتشفت فيه. ويرجع تاريخها الى القرن الثاني الميلادي، وتجمع بين الفنون المصرية واليونانية والرومانية في آن واحد. ويقول المؤرخون ان المقبرة نحتت في الأصل لأسرة واحدة ثرية، وهي اليوم أحد أهم المعالم السياحية في الاسكندرية حيث يتقاطر إلى سراديبها مئات السياح العرب والأجانب يومياً، ليشهدوا على عظمة أسلافهم من البشر صانعي الحضارت. ومن المعالم البارزة للاسكندرية التي تستحق الزيارة أيضاً، قلعتها الشهيرة التي بناها السلطان الأشرف قايتباي قبل 530 سنة، للدفاع عن الميناء القديم، في الموقع الأصلي الذي كانت تقوم فيه منارة الاسكندرية، إحدى عجائب الدنيا السبع. وإبان العصرين التركي والمملوكي، كانت قلعة قايتباي تستخدم كسجن ومنفى للخصوم، وهي تضم اليوم مسجداً ومتحفاً بحرياً، ومنها يتسنى رؤية مناظر رائعة للمدينة والبحر معاً. عندما تحتك بأهالي الاسكندرية وأنت تمشي في شوارعها وتتبضع من محالها التجارية، تلاحظ بقوة سماحة أهلها وتهذيبهم، فيما الابتسامة ترتسم بوضوح على وجوههم. ويقال ان السكندريين كانت لهم تاريخياً حرفة رئيسية واحدة، وهي السخرية من حكامهم بقول الشعر والانشغال بمصارعة الديكة. لذلك لم يكن هناك صفاء أبداً بين أهالي الاسكندرية وأي من الحكام على مدى التاريخ، فلم يتوقف هؤلاء عن اضطهادهم... حتى كاد السكندريون يُبادون عن بكرة أبيهم، خصوصاً إبان حكم الرومان للبلاد. ومع ذلك، يحفظ أهالي المدينة لبعض زعماء مصر التاريخيين الكثير من الوفاء، مثل زعيم"ثورة 1919"ضد الاستعمار الانكليزي سعد زغلول 1859 - 1927 الذي يقف تمثاله شامخاً وسط الميدان الذي يحمل اسمه، وهو يدير وجهه صوب البحر، وكأنه ينظر الى آخر سفينة للمستعمرين الانكليز تغادر البلاد من ميناء الاسكندرية، بعدما كَسَر شوكتهم. وليس بعيداً من ميدان سعد زغلول، تقع محطة الرمل، إحدى أهم المناطق في الاسكندرية، والتي تتفرع منها شوارع كثيرة تزخر بكل أنواع التجارات. ويعتبر"شارع فرنسا"حيث محال الذهب والفضة واحداً من تلك الشوارع الشبيهة الى حد ما بالشوارع التجارية في مدينة حلب السورية. أما أشهر أسواق الاسكندرية إطلاقاً، فهو"زنقة الستات"المتفرّع من"شارع فرنسا". وهو عبارة عن متاهات ضيقة جداً من المحال التجارية المتلاصقة التي تعرض البضائع النسائية من كل صنف ولون. وسوق"زنقة الستات"اسم على مسمى، إذ يصعب السير فيه من شدة الزحام، ما يسهّل على النشّالين ممارسة"حرفتهم"بإتقان، خصوصاً قبيل الأعياد والمناسبات وعند تدفق السياح إليه من كل الجنسيات. ولعل سبب شهرة هذا السوق التي تخطت الحدود المصرية، هو ارتباطه بأشهر ثنائي نسائي إجرامي عرفته مصر والبلاد العربية، وهما ريا وسكينة اللتان اتخذتا من هذا السوق عام 1920، مسرحاً لاصطياد ضحاياهما واستدراجهم وقتلهم بعد سرقة ما في حوزتهم من أموال... أو حليّ، قبل انكشاف أمرهما... لينفذ حكم الإعدام بهما في 20 و21 كانون الأول ديسمبر 1921. تحاول الخروج سريعاً من"زنقة الستات"، قبل أن يعيد التاريخ نفسه على أيدي أحفاد"ريا وسكينة"، لتتجه أخيراً الى مكتبة الاسكندرية التي أعاد المصريون بناءها قبل نحو 5 سنوات بعد أكثر من ألفي سنة على إحراقها على يد الامبراطور الروماني يوليوس قيصر. إذ باتت هذه المكتبة اليوم، بصرحها المعماري - المعرفي العظيم، معلماً سياحياً رئيسياً في المدينة، حتى ان البعض يصفها ب"هرم مصر الرابع"بعد أهرامات الجيزة الثلاثة. تغادر الاسكندرية،"لؤلؤة المتوسط"، من دون أن ترتوي من"سحر"هذه المدينة الوادعة وعوالمها الحضارية المدهشة. بيتك ... طائر هل حلمتَ يوماً ان لبيتك جناحين؟ وانك تطل من نافذته لترى تحتك بحراً من الغيوم البيضاء الناصعة، كغزل بنات من دون أصباغ؟ لا تستيقظ. إنك لستَ نائماً! منذ لحظة دخولك إحدى طائرات"طيران الإمارات"تشعر بأنك تدخل عتبة منزلك أو مكتبك. الجميع في خدمتك، وغايتهم رضاك. وكل شيء مصمم لتوفير معايير رائدة للراحة، بما فيها أنظمة ترفيه شخصية في الدرجات كافة. تريد الاسترخاء والابتعاد عن صخب الحياة على الأرض البعيدة منك آلاف الأميال؟ أنت في المكان المناسب. كل مقعد على الطائرة مزوّد بنظام فيديو شخصي مجهّز بشاشة عالية الوضوح، وآلية تحكّم تعمل بلمس الشاشة وسماعات"ستيريو". إختر ما تريد من بين 18 قناة تلفزيونية عربية وعالمية و26 قناة إذاعية، إضافة الى عدد من الألعاب الالكترونية التفاعلية. وإذا كنت من ركاب درجة رجال الأعمال، يمكنك اختيار ما يحلو لك من أحدث الأفلام من مكتبة أفلام الفيديو التي تضم نحو 50 فيلماً. أما إذا أردت متابعة أعمالك على الأرض من مقعدك الطائر على علو شاهق، فالأمر في غاية السهولة. إذ يتوافر على كل مقعد في الطائرة هاتف شخصي للاتصال عبر الأقمار الاصطناعية، وكذلك فاكس مركزي ومقابس لشحن كومبيوترك المحمول، بحيث تصل إلى وجهتك وأنت في قمة النشاط، ليتاح لك مباشرة أعمالك فوراً. المروحة الواسعة من الخدمات والترفيه التي توفرها"طيران الإمارات"لركابها، بأعلى درجات الجودة، جعلها تستحق الفوز فعلاً بأكثر من 300 جائزة مرموقة، كانت الأخيرة جائزة أفضل ناقلة الى الشرق الأوسط وأفريقيا من"بيزنس ترافيللر"، وأفضل ناقلة عالمية للدرجة الأولى من"غلوبال ترافيللر"... وأفضل نظام ترفيه جوي من"سكاي تراكس للبحوث".