جامعة الملك عبدالعزيز تُتوج ببطولة كاراتيه الجامعات للطلاب    القبض على شخص بمنطقة المدينة لترويجه 1.3 كيلوغرام من مادة الحشيش المخدر    ترقية م. بخاري في هيئة الإذاعة والتلفزيون    «الداخلية»: ضبط 21 ألف مخالف للأنظمة في مناطق المملكة خلال أسبوع    الدكتوراه ل«السهلي»    علاجات السمنة ومضاعفاتها تكلف المملكة سنوياً قرابة 100 مليار ريال    تنفيذ حُكم حد الحرابة بجانِيين في منطقة الرياض    سورية: اعتقال المتهم بارتكاب مجزرة كفر شمس    الجيش السوداني يطوق وسط الخرطوم    الصين تعلن اكتمال بناء أكثر من 30 ألف مصنع ذكي    المنتدى السعودي للإعلام يستقطب شخصيات عالمية في نسخته الرابعة    ماتياس: لهذا السبب استبعدت «فيرمينيو»    أكثر من 40 ألف مشارك من 100 دولة يجتمعون في ماراثون الرياض 2025    انخفاض درجات الحرارة ورياح نشطة مثيرة للأتربة على عدة مناطق في المملكة    تحويل منزل فيروز «القديم» متحفاً في لبنان    تراجع معدل الخصوبة في السعودية إلى 2.7    أمريكا: العثور على الطائرة المفقودة في ألاسكا ومقتل جميع ركابها    «فائق وشريفة»: رفع علم المملكة حلم لكل رياضي    «إيلون ماسك» يشارك تغريدة قائد فريق النصر    24 مليون مشاهدة تجسد تأثير كريستيانو رونالدو    ورشة التوعية برؤية واستراتيجية وزارة الموارد البشرية بالمدينة    انطلاق بطولة VEX IQ لصُنّاع المستقبل في تصميم وبرمجة الروبوتات    الهلال يُحافظ على سالم الدوسري    على كأس خادم الحرمين الشريفين سباقات القدرة والتحمل العالمي في العُلا    ترودو يدعو إلى أخذ تهديد ترامب بضم كندا على «محمل الجد»    إيمري يتطلع للتحدي الضخم بإعادة ماركوس راشفورد لمستواه    "الأونروا" تؤكد تعرض سكان غزة لعملية تهجير ممنهجة    جوجل تضيف علامات مائية خفية للصور للكشف عن التعديلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي    الوحدة يُعلن عن تعرض أنظمة الشركة المشغلة لمتجر النادي ل «الاختراق»    فعالية "حكاية شتاء" تجمع أكثر من 14,000 زائر في قاعة مكة الكبرى    جامعة أمِّ القُرى تستضيف الاجتماع التَّشاوري الثَّامن لرؤساء الجامعات    إنجاز أكثر من 80% من مشروع الطريق الدائري الأوسط في الطائف    ضبط شخص في جازان لتهريبه (60) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    «تعليم الرياض» يحصد 39 جائزة في «إبداع 2025»    تتويج السعودي آل جميان بلقب فارس المنكوس        فريق الوعي الصحي بجازان يشارك بمبادرة "سمعناكم" لذوي الإعاقة السمعية    وزير الصناعة يختتم زيارة رسمية إلى الهند    أمير القصيم يهنئ تجمع القصيم الصحي بفوزه بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية 2025    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    خطبة المسجد النبوي: من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار فقد رام محالًا    مفتي عام المملكة ونائبه يتسلمان التقرير السنوي لنشاط العلاقات العامة والإعلام لعام 2024    النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    ملامح الزمن في ريشة زيدان: رحلة فنية عبر الماضي والحاضر والمستقبل    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    كيف كنا وكيف أصبحنا    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا : فصل جديد من الخلافات بين الجيش والمؤسسة السياسية
نشر في الحياة يوم 10 - 06 - 2007

في تطور ذي صلة بتصاعد وتيرة الصراعات بين مؤسسة الجيش التركي والحكومة التي يقودها حزب"العدالة والتنمية"الإسلامي على خلفية أزمة الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، أقدمت الحكومة التركية على إقالة مبعوث بلادها الى اللجنة المشتركة مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب الجنرال المتقاعد أديب بشار. في الوقت ذاته، أعلنت الحكومة أنها قررت تعيين مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية التركية هو الديبلوماسي رفعت آق جوناي في اللجنة نفسها. يشار الى أن هذه اللجنة التي تختص بنشاطات"حزب العمال الكردستاني"خارج الحدود التركية، جرى تأسيسها بإقتراح أميركي قبل أكثر من عام.
في تلك الفترة، أوضحت واشنطن أن الهدف من تأسيس اللجنة هو مساعدة أنقرة على ملاحقة المجموعات الإرهابية التي تستهدف النيل منها. لكن مقربين من الدائرة السياسية في أنقرة أكدوا أن الهدف الحقيقي هو إقناع أنقرة بعدم اجتياح كردستان العراق لملاحقة مقاتلي"حزب العمال"الذين يتخذون من مناطق جبلية وعرة على الحدود العراقية الإيرانية ملاذاً لنشاطاتهم، والبحث عوضاً عن ذلك عن حلول غير عسكرية بالتعاون مع العراقيين والزعماء الأكراد في العراق. يذكر أن أنقرة أطلقت في تلك الفترة موجة تهديدات باجتياح كردستان العراق لملاحقة مقاتلي"حزب العمال". لكن القيادة الكردية في العراق ردّت بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي في وجه أي اجتياح عسكري تركي، بل ستعتبره عملاً احتلالياً وتدعو الأكراد الى مقاومته بالسلاح. وحيث أن كردستان العراق تشكل البقعة الآمنة الوحيدة في عراق مضطرب، سارعت الولايات المتحدة الى إقناع أنقرة بالتخلي عن التهديدات العسكرية واللجوء الى حلول سلمية تقوم على مبدأ التعاون مع أكراد العراق بغية إخراج المقاتلين من معاقلهم ووضع حد لعملياتهم المسلحة.
في هذا الإطار، توصل الطرفان، الأميركي والتركي، الى فكرة مفادها تأسيس لجنة مشتركة مهمتها مكافحة الإرهاب المتمثل بالمجموعات المقاتلة التابعة ل"حزب العمال الكردستاني"في كردستان العراق. من ناحيتها، عيّنت واشنطن جنرالها المتقاعد جوزيف رالستون لعضوية هذه اللجنة، فيما بادرت المؤسسة العسكرية التركية الى تعيين الجنرال المتقاعد أديب بشار لتمثيلها فيها. لكن اللجنة، رغم مضي أكثر من عام على تأسيسها، ظلت عاجزة عن إنجاز الكثير. فتركيا لم تتخل عن تهديداتها العسكرية، كما أن المقاتلين ظلوا في مواقعهم الحدودية. الى هذا لم يتم تطبيق الاقتراحات التي تم صوغها قبل نحو عام في خصوص العمل على إيجاد حل سلمي لمشكلة هؤلاء المقاتلين.
عدد من المراقبين لشؤون العلاقات التركية الكردية يرى أن السبب الاساس في فشل اللجنة عن أداء مهماتها هو تكوينها العسكري. ويضيف هؤلاء أن المبعوث التركي الى اللجنة ظل مرتبطاً في أعماله و نشاطاته ومواقفه بالمؤسسة العسكرية التركية التي يُعرف عنها تشددها في التعامل مع الموضوع الكردي. كما يُعرف عنها سعيها الدائم لحجب ملف التعامل مع الأكراد و"حزب العمال الكردستاني"الإرهابي في التعريف التركي عن الحكومة والمؤسسة السياسية. الواقع أن هذه الحالة دفعت بكثيرين في الأوساط السياسية التركية الى قناعة مؤداها أن الجيش لا يريد وضع حد لمشكلة"حزب العمال"لأن استمرارها يوفر له الذريعة للاحتفاظ بنفوذه الواسع ودوره الكبير في الحياة السياسية التركية.
في هذه الأثناء، لم تألُ وزارة الخارجية التركية جهداً للتعامل المباشر مع ملف الأكراد. وكانت تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في ديار بكر قبل أكثر من عام، دليلاً على رغبة السياسيين في تسلم الملف الكردي. لكن مؤسسة الجيش ظلت تؤكد معارضتها لهذه الرغبة. ولا أدل على هذا من التصريحات النارية التي صدرت عن مسؤولين عسكريين كبار هددوا فيها باللجوء الى الحديد والنار في التعامل مع كردستان العراق. وحينما رد رئيس إقليم كردستان العراق على هذه التصريحات بالقول إنه مستعد للتدخل في الشأن التركي في حال واصلت تركيا تدخلاتها العسكرية في الشأن الكردي العراقي، عادت مؤسسة الجيش الى حشد الجيوش في المناطق الحدودية مع كردستان العراق، كما أطلق مسؤولوها سلسلة جديدة من التهديدات تضمنت، مجدداً، الإشارة الى استعداد تركي لاجتياح المناطق الكردية العراقية.
إقالة الجنرال المتقاعد بشار أعادت موضوع الخلافات بين مؤسستي الحكومة والجيش في هذا الخصوص الى الواجهة. إذ بعد أقل من يوم على قرار حكومة أردوغان إقالة بشار وتعيين آق جوناي في اللجنة المشتركة، بادر العسكر الى استغلال التفجير الإرهابي الذي استهدف وسط العاصمة التركية في اتجاه اتهام"حزب العمال الكردستاني"بالمسؤولية عن التفجير. ثم ألقت قوات الأمن التركية القبض في مدينة أضنة على فتاة كردية تحمل متفجرات في حقيبتها، ما دفع الجيش الى اتهام الفتاة بالانتماء الى"حزب العمال"والعودة الى كيل الاتهامات لحكومة إقليم كردستان العراق والتهديد باجتياحه. أكثر من مراقب سياسي يرى أن تصريحات المسؤولين العسكريين بعد الحادثين، تشير الى درجة الاستياء في أوساط الجيش من قرار الحكومة فك ارتباط اللجنة المشتركة الخاصة بمكافحة الإرهاب عن المؤسسة العسكرية وإعادة ربطها بالحكومة. ومعروف أن الحكومة التركية لم تتحدث في إقالتها للجنرال المتقاعد من عضوية اللجنة عن الجيش أو الملف الكردي أو إرهاب"حزب العمال"، إنما بررت القرار بتصريحات أدلى بها الجنرال المتقاعد الى وسائل إعلامية ألمانية انتقد فيها تبوؤ وزير الخارجية التركي عبدالله غل منصب رئيس الجمهورية، معتبراً أن هذا الأمر في حال حدوثه سيصيب الطبيعة العلمانية للدولة التركية بشروخ وأضرار. لكن الجيش التركي فسرّ القرار الحكومي بأنه محاولة أخرى للحد من نفوذه في البلاد.
أين يقف الأميركيون إزاء تطور من هذا القبيل؟ في الواقع، لم تبد واشنطن أي رد فعل سلبي أو إيجابي على القرار التركي، معتبرة إياه شأناً داخلياً بحتاً. لكنها أوضحت أنها مستعدة للتعامل مع أي مبعوث تعينه أنقرة محل الجنرال المتقاعد أديب بشار. ولا تستبعد أوساط بين المراقبين للعلاقات الأميركية - التركية، تفاؤلاً أميركياً بتحويل التمثيل التركي في اللجنة المشتركة الى يد الحكومة في أنقرة. فهذا التطور، في رأي الأميركيين، سيفتح آفاقاً جديدة أمام إيجاد حل سلمي لمشكلة المقاتلين التابعين ل"حزب العمال"في كردستان العراق. كما أنه سيهيئ أرضية ملائمة لتعاون كردي عراقي أقوى مع اللجنة المشتركة. الى ذلك، يمكن لخروج الجيش التركي من اللجنة أن يفضي، من جهة، الى إضعاف آخر لسلطة الجيش في تركيا، ومن جهة ثانية، الى تزايد الاستعدادات في أنقرة لإيجاد حل سلمي أشمل لعموم الموضوع الكردي في تركيا على الأقل في مستوياته الثقافية والاقتصادية والتعليمية.
* كاتب عراقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.