آخر ما كتب رياض الهمشري ولحن كانت أغنية عن الغربة سجلها برفقة العود بصوته، وأرسلها الى المطربة شيرين وجدي، ورحل... ويبدو أن قدر كل من عشق مصر من الملحنين المميّزين أن يموتوا بعيداً عنها. ففي آخر أيامه وقبل الرحيل قال رياض الهمشري لصديق عمره الفنان هشام عباس أن"مصر وحشتني"، وبما أنه لا يستطيع الحضور على عباس أن يأتيه إلى بيروت.وما كان على الصديق الحميم إلا أن يُلبي الطلب، لكن ليتسلم جثمانه مع العديد من أصدقائه من الوسط الفني المصري، وكأنه السيناريو نفسه الذي تكرر مع الراحل بليغ حمدي الذي غادر مصر أثر حكم قضائي، وفرّ الهمشري من مصر بسبب حكم قضائي أيضاً. كان الهمشري أستاذاً في مدرسة بليغ حمدي والمفارقة الدرامية التي جمعت بينهما هي تشابه النهايات، إذ تشيع اليوم جنازة الأول من مسجد السيدة نفيسة في القاهرة القديمة بعد أن وصل جثمانه من بيروت، أمس. وكان الهمشري توفي عن 48 سنة، في بيروت صباح أول من أمس، إثر أزمة قلبية مفاجئة. وترددت أنباء في القاهرة أنه أوصى بدفن جثمانه في بيروت، إلا أن زوجته غادة أكدت أنه أوصاها بدفنه في القاهرة، مضيفة أن زوجها كان يردّد منذ صباح الاثنين"حاسس إني هموت النهار دة". وبمجرد وصول خبر وفاته إلى أصدقائه المقربين في القاهرة سافر الكثير من الفنانين المصريين إلى بيروت مساء الاثنين، للوقوف إلى جانب زوجته واصطحاب جثمانه إلى القاهرة ومن هؤلاء الفنانين هشام عباس ومحمد حماقي والمنتج نصر محروس وإيهاب توفيق وعصام كاريكا. وكان الهمشري غادر مصر نهائياً، منذ فترة بسبب حكم قضائي يتعلق بشأن عائلي رفض تنفيذه. وعلى رغم أن الموسيقار الراحل من عائلة فنية واحترف الغناء منذ الطفولة، إلا أن شهرته بدأت في التسعينات حيث كان ينتمي إلى"جيل الأغنية الشبابية"كما أطلقت عليهم الصحافة المصرية. ومن ضمن هذا الجيل حميد الشاعري ومصطفى قمر وهشام عباس وآخرون. وتعاون الهمشري مع العشرات من الفنانين العرب كان آخرهم المطربة مادلين مطر في أغنية"لو ده يريحك"التي لم يسمعها الجمهور بعد. ترعرع رياض في كنف عائلة فنية، فعمّه المطرب صلاح الهمشري كان من أول المشجعين للطفل الصغير على الغناء، وأشركه في عدد من الحفلات الغنائية. في السادسة من عمره، غنى الهمشري الطفل للمرة الأولى"الورد جميل"للموسيقار زكريا أحمد ضمن برنامج إذاعي قدّمه طاهر أبو زيد، كما بدأ العزف على آلة العود وهو لم يكمل سنواته السبع، والتحق بكورال الأطفال تحت إشراف السيدة رتيبة الحفني، وشارك بالغناء في حفلات في دار الأوبرا المصرية باللغات الإنكليزية والفرنسية والروسية. وشارك في حفل"أضواء المدينة"عندما كان في الثامنة من العمر، وغنى لزكريا أحمد وابراهيم القباني وآخرين، ثم كان حفله الثاني مع المطرب الراحل فريد الأطرش الذي شجعه وقدمه في حفلاته كلها بعد لقائهما الأول. نال الهمشري شهادة الماجستير في العود من معهد الموسيقى العربية في مصر. وأنتج ثلاثة ألبومات غنائية فقط، الأول بعنوان"هاتي"1990، والثاني"قرّبيني"1992، والثالث"حبيبتي"1993. كما قام بتأليف الموسيقى التصويرية لأفلام سينمائية عدّة هي"حرب الفراولة"،"خلطبيطة"،"صعيدي في الجامعة الأميركية"،"همام في آمستردام"،"ليه خلتني أحبك"، و"اسماعيلية رايح جاي". ولم يكتف بهذا القدر من العطاء الفني، فلحّن أوبريت"القدس هاترجع لنا"في العام 2000. وكان للهمشري فضل كبير على جيل واسع من الفنانين العرب وخصوصاً المصريين منهم، مثل عمرو دياب ومحمد فؤاد وهشام عباس وسميرة سعيد وشيرين عبدالوهاب وبهاء سلطان وجوانا ملاح ونوال الكويتية وريدا بطرس وديانا كرزون. يذكر أن دار مناسبات الشرطة في صلاح سالم، ستفتح أبوابها غداً لاستقبال المعزّين والمحبين.