كان لاحتلال العراق من قبل قوات التحالف الأثر الكبير في تدمير بناه التحتية وقدراته البشرية وحتى ثرواته المعدنية والنفطية، فلم يبقَ بيت في العراق إلا وطاوله شيء من الخراب والدمار، في الأموال أو في الأنفس أو في المعيشة، عدا المحافظات الثلاث والتي تسمى جزافاً "اقليم كردستان" والذين يتمتعون منذ حقبة من الزمن وما زالوا بخصوصية لا مثيل لها في بلد أصبح فيه قتل الأبرياء قانوناًَ وتشريدهم منهاجاً من دون أن يكون للأكراد فيها نصيب، علماً أنهم استطاعوا، بوسائل شتى، الحصول على حصة الأسد في الحكومة المركزية من شغل المناصب الحساسة فيها من دون تقديم أدنى تضحيات، بسبب اعتمادهم على الأميركيين في تصفية من يقف حائلاً بينهم وبين أطماعهم من جهة، وتخاذل رؤساء الأحزاب والكيانات المشاركة في الحكومة الحالية من جهة أخرى ما جعل الأكراد يتغطرسون ويتمادون في غيّهم حتى وصل الحال بهم الى تطبيق قوانين خاصة على العراقيين من غير الأكراد وعلى وجه الخصوص العرب الذين يريدون الدخول الى أراضي"اقليم كردستان"عن طريق المعابر الرسمية حيث ترى طوابير من العراقيين العرب يقفون وبحالة مأسوية يرثى لها من ذل وهوان حتى يسمح لهم بالدخول، ويا ليتها كانت تأشيرة دخول فيزا وإنما على العراقي الزائر لشمال الوطن الحبيب أن يحصل على شخص من أبناء تلك المحافظات ليضمنه وبأوراق ومستمسكات رسمية تخص"الاقليم"وهذا ما يعرفه القاصي والداني، وما خفي كان أعظم، فالخطر الأكبر الذي أود أن ألفت انتباه ساسة العراق الذين هم في الحكم حالياً وقادة سورية وتركيا اليه، هو المعابر الحدودية، خصوصاً معبر اليعربية الحدودي الذي شاهدت فيه طوابير من الشباب وبالمئات يدخلون العراق يومياً ومن ثم يتوجهون الى اقليم كردستان ولأسباب غير معروفة. وحين استفسرت عن هؤلاء الشباب قيل لي أنهم من أكراد سورية. وهنا سؤال يطرح نفسه وهو، ماذا يفعل الشباب من أكراد سورية في شمال العراق؟ على المسؤولين السوريين والعراقيين والأتراك أن يعالجوا هذا الوضع قبل وقوع الفأس في الرأس وعدم الركون الى مبررات أنهم أيدٍ عاملة لاعمار الشمال ففي العراق من البطالة ما يزيد على 50 في المئة وأكثر من 40 في المئة من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر بحسب تقارير الأممالمتحدة، ولهم الأولوية في ايجاد فرص العمل في وطنهم وإن كان ذلك في أقصى شمال العراق. نقول أمام هذا الوضع ومن مبدأ الحس الأمني، لربما جاء هؤلاء الشباب من أكراد سورية ليتدربوا على السلاح وفنون القتال ليشكلوا خطراً في المستقبل القريب على سورية أو ليكونوا قوة مساندة لحزب العمال الكردستاني ضد تركيا أو حتى ليشكلوا قوة اضافية ضد العراق في حال استدعى الأمر تنفيذ مخططاتهم الانفصالية وتأسيس دول كردية مترامية الأطراف تبدأ من العراق ولا تنتهي إلا بمنفذ على بحر. أحمد المرسومي - بريد الكتروني