حدد الرئيس جورج بوش في خطاب "حال الاتحاد" السنوي امام الكونغرس في نهاية كانون الثاني يناير الماضي ثلاث أولويات، تتعلق بالطاقة في الولاياتالمتحدة لفك الارتباط بالنفط ونفوط الشرق الأوسط تحديداً. ويقضي أحد هذه الحلول الاستعمال الأوسع لتحويل زيت الذرة الصفراء الى وقود يضاف الى البنزين والديزل، كما هو حاصل بالفعل في شكل واسع ومنذ عقود في البرازيل، حيث يستعمل قصب السكر لإنتاج الوقود، وبامكان ثلاثة أرباع السيارات الجديدة العمل على الوقود التقليدي أو الإيثانول. وتُستعمل المحاصيل الزراعية لإنتاج الوقود أيضاً في كندا والسويد والهند واستراليا وتايلاند والصين وكولومبيا وبيرو وبارغواي. ولاقى اقتراح الرئيس بوش، كما هو متوقع، ترحيباً حاراً في وسط غرب الولاياتالمتحدة حيث مزارع الذرة الشاسعة. وتساند كذلك حملة إنتاج الوقود من المحاصيل الزراعية"مجموعات الوقود المتجدد"في الولاياتالمتحدة الهادفة الى تقليص الاعتماد الأميركي على النفط المستورد وتحسين البيئة. ويتوقع أن تزداد طاقة إنتاج الايثانول في الولاياتالمتحدة من 5 بلايين غالون سنوياً عام 2006 325 ألف برميل يومياً الى 10 بلايين غالون نهاية عام 2008. وهناك مشروع قانون أمام الكونغرس لإنتاج 25 بليون برميل من الايثانول في الولاياتالمتحدة عام 2012. وحدد اتحاد منتجي الذرة الأميركي هدفاً لإنتاج 15 بليون برميل من الايثانول عام 2015. ويشار الى أن الولاياتالمتحدة تنتج نحو 6.8 مليون برميل يومياً من النفط الخام، وتستهلك اكثر من 21 مليون برميل يومياً. لكن السؤال الرئيس المطروح في هذا المضمار هو: هل هذه هي الطريقة الاقتصادية والاجتماعية المثلى لإنتاج الوقود؟ إذ نعرف أن أسعار الذرة ارتفعت ومن ثم الخبز وأعلاف الدجاج وحيوانات أخرى نتيجة استعمال الذرة لإنتاج الوقود بدلاً من الطعام. وكما هو معروف تستعمل حقول الذرة وقصب السكر كميات كبيرة من المياه. ويعفي خيار إنتاج الوقود من المحاصيل الزراعية شركات النفط من تحقيق أهداف علمية قابلة للتنفيذ في العثور على احتياطات نفطية إضافية، او استغلال الحقول المكتشفة بطريقة أنجع. وتشير دراسات الى توافر احتياطات نفطية هائلة قابلة للاستخلاص تتراوح بين 3 و 4 تريليون برميل من خلال التقنيات المتطورة، والتي تكفي العالم اكثر من 100 سنة. وتشمل هذه الوسائل مواصلة البحث عن حقول نفطية جديدة او زيادة نسبة استخلاص النفط من الحقول الحالية، وتطوير موارد النفط غير التقليدي الثقيل والبتومين، واستغلال أسعار النفط العالية الحالية للإنتاج الأوسع من الحقول الصعبة او العميقة او من أعالي البحار ذات التكاليف المرتفعة. فهذه كلها تشكل بدائل متوافرة عالمياً، ويمكن استعمالها اقتصادياً وتقنياً من دون اللجوء الى غذاء الإنسان وتحويله الى وقود. ان التخوف الحقيقي في الولاياتالمتحدة اليوم يتمثل في استمرار ازدياد استهلاك البنزين 1.5 في المئة سنوياً، على رغم ارتفاع أسعاره. لكن المسألة تتعلق بالطلب ولا علاقة لها بنوعية الإنتاج. وما دام مستوى المعيشة يتغير ويرتفع بالطرق التي عهدناها في السنوات الأخيرة، فلا مفر من هذه الظاهرة الاجتماعية -الاقتصادية ومتطلباتها الطاقوية.