ألقت الدعوات الى ضبط النفس التي أطلقها رئيس كتلة "المستقبل" النيابية سعد الحريري ورموز من قوى 14 آذار مارس قبل ساعات من حسم مجلس الأمن الدولي قراره في شأن المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بظلالها على الشارع في بيروت أمس. وظهر التوتر جلياً في المناطق ذات الانتماءات المختلفة. ففي حين تضاعفت أعداد صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله سعد والأعلام اللبنانية على شرفات بعض المناطق الموالية لقوى 14 آذار، وتحديداً منطقة الطريق الجديدة، كثفت مناطق أخرى موالية للمعارضة من نشر صور رئيس المجلس النيابي نبيه بري والأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله. كما ألصقت على الحيطان المشرفة على وسط بيروت حيث اعتصام المعارضة المفتوح صور لرئيس الجمهورية اميل لحود وعبارات:"وطنية الوطن وحفظ المواطن"، وصور أخرى له يشرب من مياه الوزاني بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب عام 2000. ولم تسهم خطابات التهدئة في تخفيف حدة التوتر بين أنصار الفريقين، ومخاوفهم من أعمال استفزازية يقوم بها فريق منهم أو يستغلها فريق ثالث لإثارة الفتنة. ولقيت دعوة النائب الحريري تأييداً من جانب كثر من أنصار فريقه السياسي الذين أكدوا التزامهم المنازل ليلاً، وعدم التعبير عن ابتهاجهم، بالطريقة التي قد تشكل استفزازاً لبقية القوى. لكن العشرات نزلوا ليلاً الى ضريح الحريري في وسط بيروت حيث أضاؤوا شموعاً ووضعوا وروداً. كما عزز انتشار القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي على الطرق ارتياح المواطنين بإمكان تطويق أي حادث قد يقع.ودعت وزارة الداخلية في بيان لها"لمناسبة إقرار المحكمة واحتمال قيام بعض المواطنين بإطلاق الأسهم والمفرقعات النارية والنار، ونظراً الى حساسية الظروف والمرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، اللبنانيين كافة على اعتبار هذه المناسبة فرصة للتوحد حول هذه القضية المحقة والنبيلة"، ودعتهم إلى"عدم القيام بمثل هذه الأعمال إضافة إلى عدم السير بالدراجات النارية حفاظاً على السلامة العامة". وعلى صعيد المواقف، أكد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني"ضرورة التعامل مع قرار المحكمة ذات الطابع الدولي الخاص على أنه انتصار للبنان كله وللعدالة في المطلق"، معتبراً أن المهم من المحكمة"ليس الانتقام من المتهمين الذين تثبت عليهم الإدانة بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وإنما وضع حد لمثل هذه الجرائم التي تتنافى مع سائر القيم الدينية والوطنية والإنسانية". ووصف رئيس"اللقاء الديموقراطي"النائب وليد جنبلاط يوم أمس، بال"تاريخي"، مشيراً إلى أنه"أخيراً ستعتمد المحكمة". وقال بعد لقائه سفيرة بريطانيا فرانسيس ماري غاي في كليمنصو:"كنا نتمنى أن تعتمد المحكمة محلياً، لكن هناك القوى التي اعترضت وتذرّعت بكل الذرائع الممكنة، وخربت الاقتصاد، وعطلت الصيف الماضي وهذا الصيف، لكن المهم أن نعتبر أن إنشاء المحكمة هو بداية لطريق طويل". وأضاف:"الشيء المهم في هذه الليلة عندما تعلن المحكمة في نيويورك ألا تكون في الشارع عوامل ابتهاج أو تحد. المحكمة لإقرار العدالة من أجل حماية لبنان، كل لبنان، المحكمة ليست موجهة ضد طائفة أو حزب، ربما ضد فئة مرتبطة، فئة معينة ارتبطت بالإجرام أيام، وصاية النظام السوري". وزاد جنبلاط:"لكن فلنترك القضاء الدولي مع اللبناني، لأنها محكمة ذات طابع دولي لتعطي النتيجة، والنتيجة قد تأخذ بعض الوقت، لكن لا نريد اليوم أن تكون هناك مظاهر تحد أو إطلاق نار، فلنفكر جلياً بشهدائنا، شهداء مسيرة الاستقلال الطويلة، فلنفكر أيضاً بالمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، الذين ينتظرون الفرج مع المعتقلين السوريين. هناك 6000 معتقل سياسي، ومفقودون، إضافة إلى معتقلي الرأي. فلنفكر أيضاً ولنحيي شهداء الجيش اللبناني الذي يضحي من أجل الاستقرار والوحدة الوطنية وحماية الأمن". وتمنى وزير الإعلام غازي العريضي أن"يكون هناك تضامن بيننا كلبنانيين على قاعدة أن المحكمة لم تكن، ولا نريدها اليوم محطة أو محكمة للانتقام من أحد أو للثأر أو التشفي من أحد، خصوصاً في الداخل". ودعا العريضي إلى"الهدوء والتزام الانضباط، لأننا في بداية الطريق، وإذا كان ثمة أحد يخطط لاستغلال شيء ما أو افتعال شيء ما فقد يؤدي إلى اهتزاز الأوضاع الداخلية". وأشار عضو كتلة"القوات اللبنانية"النيابية جورج عدوان بعد لقائه البطريرك الماروني نصر الله صفير الى ان"إقرار المحكمة سيدخل لبنان في مرحلة جديدة لأن الفاعلين سيساقون إلى المحكمة". "يونيفيل" وأكد الناطق العسكري باسم القوات الدولية"يونيفيل"في الجنوب الكابتن دييغو فولكو ان"اقرار المحكمة لن يضيف جديداً الى مهمات قوات يونيفيل المحددة أساساً في القرار الدولي 1701"، موضحاً"ان لا صلة بين مهمات يونيفيل في جنوبلبنان وبين انشاء المحكمة الدولية".