أخيراً أصبح للسيدات في مصر مكان خاص بهن يستطعن الجلوس فيه بحرية، بعيداً من مراقبة الرجال ونظراتهم، لقضاء أوقات ترفيهية تخفف من وطأة الحياة اليومية وضغوطها. هذه الفكرة تعد الأولى من نوعها في مصر، وابتكرتها مروة اسماعيل مالكة المقهى ومديرته، بعد أن"لمست مدى المعاناة التي تواجهها المرأة في ظلّ التحرشات الجسدية والجنسية التي شاعت أخيراً في القاهرة، عدا عن النظرات الذكورية التي لا تفرّق بين المرأة المحترمة وغيرها". واتخذت اسماعيل للمقهى القابع في ضاحية مدينة نصر، شعاراً حاسماً ربما يعتبره بعضهم عنصرياً:"معذرة... لا نستقبل الرجال". وتشير اسماعيل إلى أن أفكاراً كثيرة راودتها لإقامة مشروع مفيد ومربح في الوقت نفسه، فما كان منها وهي المتحمسة لقضايا حقوق المرأة والتحرّر من ذكورية المجتمع العربي، إلا أن أنشأت مقهى يجمع السيدات من كل الأعمار. وتعتبر أن"المقهى يمثّل مساحة حرّة للنساء، خصوصاً المحجبات والمنقبات منهن اللاتي يأتين إليه باستمرار، إذ يمكن لروّاده ارتداء ما يشأن والتحدّث بالنبرة التي يردن، والضحك بصوت عال، كما يمكنهنّ أن يفعلن ما يشأن بعيداً من عيون الرجال الذكية التلصّص والنظرات المغرضة". والى التقديمات الاعتيادية، يقدم مقهى النساء خدمات على غرار الإنترنت، وتنظيم الحفلات واللقاءات الثقافية والاجتماعية. ولأن معظم المصريات ينشغلن أثناء الخروج من المنزل، على أطفالهن من ناحية نظافة المكان الذي سيأكلون فيه... خصّصت مروة اسماعيل في مقهاها جناحاً آمناً للأطفال، فيه كل ما يحتاجونه وأمهاتهم من وسائل ترفيهية. و"تلفت اسماعيل الى أنها لجأت الى وضع قاعدة بيانات للزبائن"ليكون المكان ليس فقط بمثابة مقهى، بل أشبه بنادٍ اجتماعي تقام فيه نشاطات متنوعة". وهي خصّصت يوماً مفتوحاً من كل شهر، تعرض خلاله من ترغب من السيدات او الفتيات اي شيء ليست في حاجة إليه من ملابس وتحف واكسسوارات وما شابه... لبيعه. كما تنوي تخصيص ركن للحرف اليدوية، وتشدد على إن كل ذلك مجاني. وحول ردود أفعال الناس على فكرة تخصيص مقهى للسيدات فقط، تقول اسماعيل:"واجهت ردود افعال كثيرة معظم اصحابها من الذين يعملون بالمثل القائل"مالقوش في الورد عيب... قالوا له أحمر الخدين". وحكموا على المكان بأنه غير آمن لمجرد أن لافتته مكتوب عليها عبارة"للسيدات فقط"توحي بالأمان لكل السيدات الراغبات في الدخول". وتتحدث اسماعيل عن طرائف صادفتها اثر إنشاء المقهى:"سمعت احدى الفتيات عن وجود المقهى وتحدثت معي عبر الهاتف عن الفكرة وأسعار المشروبات والمأكولات والمواعيد وفي النهاية سألتني كيف اضمن عندما ادخل الكافيه، واجلس فيه انك لا تضعين كاميرات لمراقبة زبائن المحل من السيدات والفتيات؟. فأجبتها بأن هذا الأمر مجرد شكوك ويمكنك ان تتأكدي بنفسك من صحة ذلك". في النهاية لفتت اسماعيل إلى أن هناك رجالاً كثيرين يحاولون اقتحام المقهى، عندما يقرؤون اللافتة، للتعرف الى هذا العالم من منطلق حب الفضول، لأن الممنوع مرغوب ولذا استعانت بحارس رجل لحماية المكان.