استبعد مسؤولون إسرائيليون أن تصدر عن الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت مساء أمس مع قادة الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة في حضور وزيري الدفاع والخارجية لبحث سبل وقف سقوط قذائف"القسام"الفلسطينية على بلدة سديروت وغيرها من البلدات جنوب إسرائيل،"قرارات دراماتيكية"لجهة إقرار عملية عسكرية واسعة في القطاع. ورجح هؤلاء أن ترد إسرائيل على القصف الفلسطيني الكثيف في اليومين الأخيرين بتوغلات برية محدودة داخل المناطق المحاذية للسياج الحدودي المحيط بالقطاع فضلاً عن تكثيف القصف الجوي للقطاع على غرار ما فعل الطيران أمس، واستئناف محاولات اغتيال ناشطين فلسطينيين من خلايا إنتاج القذائف وإطلاقها. ورأى معلقون ان الرد الإسرائيلي لن يشهد تصعيداً جدياً وخطيراً طالما لا توقع قذائف القسام قتلى إسرائيليين. وقال معلق في الإذاعة العبرية ان"عدد المصابين والقتلى الإسرائيليين هو المقياس الأهم الذي يوجّه حكومة إسرائيل في قراراتها". غير ان مصادر إسرائيلية عزت عدم إقرار عملية برية واسعة في قطاع غزة في الوقت الراهن الى الرغبة في"تفويت الفرصة على حماس لحرف الصراع الفلسطيني الداخلي إلى مواجهات مع إسرائيل". ومقابل هذا التبرير وإعلان الناطقة باسم رئيس الحكومة ان إسرائيل سترد على القصف الذي تعرضت له"سديروت"، وهو الأعنف منذ أكثر من شهر،"لكنها ستتجنب الانجرار الى تصعيد في العنف من قبل حركة حماس لا يمكن السيطرة عليه"، أقر وزراء ومسؤولون كبار بأن ليست لدى إسرائيل حلول سحرية لمواجهة القذائف، مضيفين ان عملية برية واسعة النطاق قد تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في الأرواح فضلاً عن أنها لن تضمن وقفاً تاماً لسقوط القذائف. من جهته، قال وزير الدفاع عمير بيرتس الذي ترأس جلسات مشاورات مع أركان المؤسسة العسكرية إن الجيش الإسرائيلي قادر على الدخول إلى غزة"لكن إسرائيل تحتفظ لنفسها بحق الرد الملائم على الاعتداءات الصاروخية التي غدت لا تطاق. واضاف:"علينا اولاً درس مختلف أبعاد عملية كهذه". وتابع ان هدف"حماس"من التصعيد هو"محاولة للتغطية على عملياتهم الدموية التي نفذوها ضد عناصر فتح، لكننا لا ننوي التدخل في الصراعات الداخلية". واضاف مستدركاً:"لكن هذا الأمر لن يؤخذ في الاعتبار عندما يتم درس ضرورة حماية مواطني إسرائيل". وتبارى الوزراء والنواب في إطلاق الوعيد للفلسطينيين إلا أنهم تفادوا الدعوة إلى تنفيذ عملية عسكرية واسعة رأى وزير النقل، وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز أنها لن تحقق النتائج المرجوة وعزا الأمر إلى تضاريس القطاع الصعبة وحقيقة أن مليون ونصف مليون إنسان يعيشون على نحو 365 كيلومتراً مربعاً. وانتقد وزير الشؤون الاستراتيجية أفيغدور ليبرمان الحكومة على التردد في اتخاذ القرارات الملائمة"لمواجهة تنامي قوة حماس في القطاع وهذا أخطر من القسام". وقال للإذاعة الإسرائيلية العامة إن الفلسطينيين لا يهابون إسرائيل ويرون فيها"كلباً ينبح لكن لا يعض.. وأننا نمر من ورق". وقال إن الخطر المحدق من جنوب إسرائيل يكمن في أن عديد"قوة حماس"العسكرية سيكون بعد عامين ضعفي عديد"حزب الله". واعتبر بناء هذه القوة"بالإضافة إلى فقدان إسرائيل الردع تجاه الجهات المتطرفة"تهديداً استراتيجياً على إسرائيل. وكانت الإذاعة العامة نقلت عن ضابط كبير في قيادة"المنطقة الجنوبية"في الجيش قوله إن الوضع في قطاع غزة"قد يشكل تهديداً استراتيجياً بسبب الكميات الهائلة من الوسائل القتالية واطنان الأسلحة والمتفجرات والصواريخ المضادة للدروع وغيرها التي تم ويتواصل تهريبها من سيناء". وتابع الضابط ان لدى جيش الاحتلال خططاً جاهزة لخوض معركة في القطاع لا تستوجب فترة زمنية طويلة. من جهته، قال رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية القطب في"كديما"تساحي هنغبي ان لا حل عسكرياً سحرياً للقذائف ولا حل سياسياً أيضا ما دامت حركة"حماس"في الحكم. وأضاف ان الجيش سيقوم ب"عمليات موضعية"على غرار القصف الجوي أمس،"وفي كل الأحوال لن نجلس مكتوفي الأيدي من دون رد... لن نعض على النواجذ أو نتحلى بضبط النفس إنما سنجبي الثمن الباهظ المستوجب من الطرف الثاني". وأضاف ان عملية برية واسعة في هذه المرحلة ليست من مصلحة إسرائيل. وكان معلقون عسكريون بارزون توقعوا أن يتجنب اولمرت إقرار عملية عسكرية واسعة النطاق. وعزت"هآرتس"الأمر إلى سببين أولهما ان الجيش لا يمتلك خطة واضحة المعالم تضمن نتائج ملموسة وسريعة ضد سقوط القذائف والثاني ان"القصة الأهم"الآن هي الاقتتال الفلسطيني الداخلي"وإسرائيل ليست معنية بالتدخل فيه". من جهته، كتب اليكس فيشمان في"يديعوت احرونوت"ان أي رد عسكري إسرائيلي على القذائف،"وسيكون محدوداً"سيندرج في إطار رفع العتب ليس أكثر، أي بث الانطباع للجمهور بأن إسرائيل تعاقب الفلسطينيين. وأضاف ان المستوى السياسي بات في أعقاب توصيات"لجنة فينوغراد"على قناعة بأن الجبهة المركزية لإسرائيل هي جبهة ايران - سورية -"حزب الله"وليست جبهة غزة، لأن الجبهة الأولى هي التي تغذي"حماس". وتسبب قصف بلدة"سديروت"بعشرات القذائف منذ مساء الثلثاء وطوال يوم أمس في إصابة إسرائيلية وفي أضرار في الممتلكات. كما أدى حال من الهلع إلى تعطيل الدراسة في جميع المدارس ونزوح عدد كبير من سكان البلدة نحو وسط إسرائيل فيما لاذ من بقي بالملاجئ. ورد الطيران الحربي الإسرائيلي بقصف ثقيل بالصواريخ لمطعم يقع في المقر الرئيس التابع للقوة التنفيذية لحركة"حماس"بمدينة رفح جنوب قطاع غزة أدى إلى مقتل اربعة فلسطينيين وإصابة ثلاثين آخرين بجروح متوسطة.