بعد عام على تشكيل حكومته تحول ايهود أولمرت 61 عاماً، الذي يفتقر إلى الكاريزما، لكنه مناور من الطراز الأول ومعروف بأسلوبه المندفع والهجومي، إلى أحد أقل السياسيين شعبية في إسرائيل. وفي حين وصل أولمرت إلى السلطة في آذار مارس 2006 بناء على مشروع طموح يقضي برسم حدود إسرائيل، فهو اليوم يكافح من أجل البقاء على الساحة السياسية. وتشير استطلاعات الرأي الى تراجع شعبيته الى مستويات قياسية تصل إلى 2 في المئة. وكتب الصحافي غاد شمرون في افتتاحية في صحيفة"يديعوت أحرونوت":"ماذا يسعنا أن نفعل؟ لا يمكن تشبيه أولمرت بتشرشل". ورأت صحيفة"هآرتس"أن"أولمرت فشل، وعليه أن يرحل"، واعتبرت"معاريف"أن"ايهود أولمرت يخوض معركة حياته"، غير أن أولمرت يقول للمقربين منه إنه لا يعتزم اطلاقاً التنحي، مع أن معلقين عديدين يعتبرون أن ذلك سيشكل خططوة حكيمة، ويرون أن وضعه يراوح بين"الحرج"و"الاحتضار"، مستعيرين تعابير طبية لوصف وضع رئيس الوزراء. وتهدد قضايا الفساد مستقبل أولمرت السياسي، فقد أوصى مراقب الدولة بفتح تحقيق جنائي في حقه في قضية استغلال النفوذ، وسيقرر مدعي عام الدولة ما إذا كان سيتبنى هذه التوصيات في حق أولمرت التي تشمل ملفين آخرين، هما بيع شقة في القدس وتعيين مقربين في مؤسسات عامة، وأمر المدعي العام بفتح تحقيق بشأن تدخل لأولمرت في خصخصة مصرف. وبعد نشر التقرير الأولي للجنة فينوغراد وصدور دعوات من داخل حزب"كديما"وخارجه تطالب أولمرت بالاستقالى من منصبه، هناك تخوف إسرائيلي من أن يكون بنيامين نتانياهو خليفة أولمرت، وفي الوقت نفسه يشكل هذا التخوف الآن الدواء المنقذ لحياة أولمرت السياسية. وكان يعتقد أنه ليس هناك في هذه المرحلة من يرغب في تهديد الاستقرار والتسبب بانتخابات جديدة تأتي بنتانياهو رئيساً للحكومة. وحتى المرشحان البارزان على زعامة حزب"العمل"ايهود باراك وعامي ايلوم لا يريدان تحمل مثل هذه المسؤولية، وما دام أولمرت صامداً فسيبقون بجانبه، أو بجانب شمعون بيريز وتسيبي ليفني التي كانت قالت قبل نشر التقرير الأولي للجنة فينوغراد حول حرب لبنان الثانية بأشهر عدة، قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في مقابلة أجرتها معها صحيفة"هآرتس":"أنا أهل لأكون رئيسة حكومة"، وأعربت عن قلقها من عملية تحول النزاعات القومية الى نزاعات دينية. وعن اعتقادها بأن النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين"برميل من المواد المتفجرة تجلس عليه ويجب علينا أن نجد له حلاً". وان"من يعيش في الشرق الأوسط ورجلاه على الأرض فإنه لا يستطيع أن يسمح لنفسه بأن يكون متفائلاً". ليفني محامية حاملة شهادة البكالوريوس في موضوع الحقوق من جامعة بار ايلان، من مواليد إسرائيل عام 1958 متزوجة وأم لولدين. خلال الفترة 1996-1999 وانتخبت للكنيست للمرة الأولى في 1999 حيث كانت عضواً في لجنة الدستور والقانون والقضاء وفي لجنة النهوض بمكانة المرأة، وترأست كذلك اللجنة الفرعية المكلفة بالتشريع الخاص بمنع غسل الأموال. وفي 2001 عُينت وزيرة في الحكومة ال29، حيث تولت حقيبتي التعاون الاقليمي والزراعة. وفي الحكومة ال30 اسندت إليها حقائب الاستيعاب والبناء والاسكان والعدل والخارجية، كما تم تعيينها القائمة بأعمال رئيس الوزراء، وكانت ليفني عضواً في حزب ليكود حتى أواخر عام 2005 حيث انضمت الى شخصيات سياسية بارزة أخرى في تشكيل حزب كاديما. وقبل انتخابها للكنيست، كانت مديرة عامة لسلطة الشركات الحكومية، وفي إطار مهمات منصبها هذا كانت مسؤولة عن عملية تحويل شركات واحتكارات حكومية الى القطاع الخاص. وكانت ليفني ضابطة في الجيش، ثم عملت في جهاز"الموساد"في السنوات ما بين 1980-1984، وهي ثاني امرأة تتولى منصب وزير الخارجية في تاريخ إسرائيل. ويرجع صعود هذه القانونية الصارمة التي تحظى بالتقدير وتعمل في كتمان، الى الثقة التي منحها اياها ارييل شارون، وكان والدها نائباً ورفيق سلاح لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحيم بيغن حينما كان الأخير في القيادة،. وهو بولوني اسمه الحقيقي يروحام بزوزوفيتش، من مدينة غيرودنا، ولد هناك سنة 1919، وهاجر به ولده الى فلسطين سنة 1925. وكان رئيساً للعمليات الإرهابية في الارغون، وكان اسمه ايتان ليفني. كما كان رئيس مجموعة العمل الإرهابي الذي فجّر فندق الملك في القدس في 22 تموز يوليو 1946، وقد قتل في هذا العمل، الذي سماه البريطانيون"إرهابياً"، 28 بريطانياً من أعلى الرسميين مرتبة في فلسطين، و41 عربياً و17 يهودياً وخمسة آخرون. ويذكر أن ليفني دعمت خطة ارييل شارون للانسحاب من غزة، ومثل شارون تطالب ليفني بالانفصال عن الفلسطينيين بشروط تضعها إسرائيل وتصر على الاحتفاظ بالقدسالشرقية وبالكتل الاستيطانية في الضفة الغربيةالمحتلة. وخلال حرب لبنان الثانية قال عضو البرلمان الدانماركي فرانك أوين، أحد أعضاء حزب المعارضة عن"التحالف الأحمر - الأخضر":"إنه يجب اعتقال ليفني وهناك ضرورة في التحقق معها مما إذا كانت الوزيرة الإسرائيلية شريكة في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل باعتبارها عضواً في الحكومة الإسرائيلية". وقبل ليفني كانت المرأة الوحيدة التي تولت حقيبة الخارجية في إسرائيل هي غولدا مائية التي شغلت هذا المنصب ما بين عامي 1956 و1963 قبل ان تصبح رئيسة لوزراء بين 1969 و1974. وأعلت ليفني أخيراً أنها طلبت من أولمرت الاستقالة من منصبه. ونفت أنها تعمل من أجل تنحيته، وقالت إن"قرار التنحي هو قرار يجب أن يتخذه بنفسه، ولكنني اعتقد أنه من واجبي أن اعبر عن موقفي". وفي حال مسارعة أولمرت الى إقالتها من منصبها وتعيين شمعون بيريز أو شاؤول موفاز خلفاً لها، يبدو أن ليفني قد تصبح غولدا مائير الثانية أو ثاتشر الإسرائيلية في المستقبل القريب. * كاتب سوري.