ودع الأميركيون أمس، القس الإنجيلي جيري فالويل والذي يعتبر الأب الروحي والسياسي لليمين المسيحي، وله الفضل في وصول ثلاثة رؤساء جمهوريين الى البيت الأبيض آخرهم الرئيس الحالي جورج بوش. وأنهى فالويل مسيرة تاريخية مثيرة للجدل بين الأميركيين، بالتهجم بشدة على شخصيات ديموقراطية وليبرالية، ولم يستثن في انتقاداته الدين الإسلامي، انما التزم بمفاخرته في صداقة اليمين الإسرائيلي. وبدأت التحضيرات لتشييع فالويل الذي رحل عن عمر 73 عاماً في مسقط رأسه في ولاية فيرجينيا التي تسابق اليها مرشحون جمهوريون للرئاسة الأميركية يتقدمهم السناتور جون ماكاين بعدما تراجع عن وصف الراحل ب"عميل رفض التعددية" في 2000، ويحاول ماكاين جاهداً استقطاب قاعدته اليمينية. ونقل فالويل هذه القاعدة من العزلة في بداية السبعينات الى عمق الحقل السياسي في 1979 مع تأسيسه حركة"غالبية الأخلاق"، والتي كان لناخبيها الفضل الأكبر في وصول الرئيس رونالد ريغان الى البيت الأبيض عام 1980 وبعده جورج بوش الأب في 1988 وبوش الابن في 2000. ولعب فالويل كثيراً على الانقسامات حول القضايا الاجتماعية في الوسط الأميركي، جاعلا من مسائل الإجهاض أو الأفلام الخلاعية أموراً سياسية تستوجب دعم تيار سياسي ضد آخر. وساهمت تعليقاته عبر برنامجه الإذاعي وعظاته الأسبوعية الى حد بعيد في توسيع الشرخ بين الأميركيين وفي الوقت ذاته تجييش الإنجيليين كقوة انتخابية ضخمة يسعى وراءها كل مرشح جمهوري. غير أنّه وجد نفسه في خضم انتقادات في شأن تصريحاته حول مسائل عدة من بينها تحميل مثيلي الجنس ومساندي الإجهاض جزءاً من المسؤولية عن هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001، والتي اعتبرها عقاباً من الله على هجر القيم الدينية. وسيترك فالويل فراغاً سياسياً في صفوف اليمين المسيحي الذي قد يتوجه اليوم نحو القس بات روبرتسون، كما سيفتقده مناصروه في الحملة الرئاسية للبيت الأبيض. وكان فالويل هاجم السناتور هيلاري كلينتون في مناسبات عدة. وأشار مرة الى أن ترشحها"يفعل بقاعدته اليمينية فعل الشيطان"، كما اعترض على ترشح عمدة نيويورك السابق رودي جولياني عن الجمهوريين نظراً الى مواقفه الليبرالية في القضايا الاجتماعية.