قالت مصادر مقربة من بكركي ان الأجواء التي سادت لقاء البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير ورئيس الجمهورية اميل لحود، بعد قطيعة بينهما استمرت لأكثر من سنة، لم تكن سلبية، وأن اللقاء أتاح لهما الفرصة للتشاور في شأن الخطوات الواجب اتخاذها لتأمين انتقال هادئ للسلطة، فور انتهاء ولاية لحود في 24 تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وأكدت انهما اتفقا على ضرورة مواصلة البحث في اجتماعات أخرى في ضوء التطورات المستجدة المتعلقة باستحقاق انتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان. راجع ص 7 وأوضحت المصادر المقربة من بكركي ل"الحياة"ان صفير ولحود كانا على تواصل قبل زيارة الأول الفاتيكان للقاء أركان الكنيسة الكاثوليكية في العالم، وأنهما اتفقا على الاجتماع فور عودة صفير من روما، مشيرة إلى انه من غير الجائز التعاطي مع عودة التواصل بين لحود وبكركي وكأنها انتهت إلى نتائج سلبية. ولفتت المصادر ذاتها إلى انه لم يكن هناك جدول أعمال للقاء صفير - لحود ليقال لاحقاً أنهما أخفقا في التوصل إلى اتفاق، وقالت ان اجتماعهما عقد تحت بند واحد يتعلق بتحضير المناخ أمام إنجاز الاستحقاق الرئاسي، من دون ان يترتب عليه مزيد من الانقسام السياسي الذي يدفع بلبنان إلى المجهول. ورداً على سؤال، أكدت المصادر ان اللقاء لم يكن لإنهاء القطيعة بين صفير ولحود في ظل استمرار التواصل غير المباشر بين بكركي وبعبدا، وإنما للتأسيس للمرحلة السياسية الجديدة، مع اقتراب انتهاء ولاية لحود، انطلاقاً من إصرار بكركي والفاتيكان على ضرورة تأمين أوسع مشاركة مسيحية في انتخابات رئاسة الجمهورية من ناحية، ولقطع الطريق على من يحاول إبقاء كرسي الرئاسة الأولى شاغرة، لما سيترتب على ذلك من تداعيات سياسية تفتح الباب أمام فراغ سياسي، سينعكس سلباً ليس على الواقع المسيحي فحسب بل كذلك على البلد ككل. وإذ نفت المصادر ان يكون صفير ولحود تطرقا إلى أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية، أكدت في المقابل أن الأول حرص على ضرورة تجنيب لبنان الدخول في مزيد من التأزم السياسي، ما يفسر تركيزه على عدم تحبيذ قيام حكومة جديدة في مواجهة الحكومة الحالية برئاسة فؤاد السنيورة. وقالت مصادر نيابية ان صفير ركز على أهمية التوافق حول رئيس الجمهورية الجديد، على أساس التفاهم على برنامج سياسي ينسجم وطبيعة المرحلة، ويأتي انتخابه على قياس التطورات في لبنان والمنطقة، لما لها من ارتدادات مباشرة على الوضع الداخلي. وأضافت ان لحود حذر من استمرار حكومة السنيورة على رأس السلطة التنفيذية، باعتبارها من وجهة نظره فاقدة للشرعية الدستورية، لكنه لم يستبعد قيام حكومة ثانية في حال لم تنته الجهود إلى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة انتقالية تواكب التحضيرات الخاصة بتأمين الانتقال الهادئ للسلطة. إلى ذلك، كرر رئيس المجلس النيابي نبيه بري قوله أمام زواره انه عندما يتحدث عن وجود نية لتشكيل حكومة ثانية باعتبار ان الحالية غير دستورية، فإنه يقصد من إنذاره التحذير من اللجوء إلى خطوة كهذه، خصوصاً انها من وجهة نظره ليست دستورية، على غرار حكومة السنيورة. وأكد بري ان"السجال السياسي الدائر بين جميع الأطراف لن يصل بنا إلى مكان، ومن شأنه ان يزيد تعقيد الوضع ما لم نعط فرصة للاتصالات الرامية إلى اعادة التواصل، إفساحاً في المجال امام التفاهم على رئيس توافقي". وأوضح، كما ينقل عنه زواره، ان دعوته إلى التوافق على اسم رئيس الجمهورية لا تعني انه في وارد ان يضع"فيتو"على مرشح معين لمصلحة مرشح آخر، مشيراً إلى عدم وجود مرشح له. وفيما يتردد في بعض أوساط المعارضة ان زعيم"تكتل التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون يأخذ على بري عدم تواصله معه، وأنه يطلق احياناً مواقف تتعارض ومواقفه، قالت مصادر نيابية ل"الحياة"ان تمايز رئيس المجلس باق، وأنه سيوفد اليوم إلى الرابية النائب في حركة"أمل"علي حسن خليل للقاء"الجنرال"والتداول في المستجدات، على خلفية مواقف بري. في غضون ذلك، واصل"حزب الله"حملته على السنيورة، بينما رد النائب خليل على وزير الاتصالات مروان حمادة لاتهامه بري بتعطيل المجلس النيابي. ورأى مصدر وزاري بارز ان حملة المعارضة على السنيورة التي أخذت تتصاعد في اليومين الأخيرين، تهدف إلى ضرب صدقيته لتجعل منه الرئيس غير القابل للحياة بالمعنى السياسي، وبالتالي غير القادر على تولي المسؤولية فيما لو استمرت الحكومة في حال تعذّر التفاهم على رئيس الجمهورية الجديد، في تولي إدارة شؤون البلد. وأكد المصدر الوزاري ان الحملة التي تستهدف السنيورة"منظمة ومخطط لها، تأتي في سياق التحضير للخطوات الانقلابية التي قد يلجأ إليها لحود الذي سيضطر إلى إخلاء سدة الرئاسة الأولى ولو لم يُنتخب البديل منه". لكن المصدر اعترف بوجود اشكالات من شأنها ان تؤخر معالجة آثار العدوان الإسرائيلي ونتائجه على لبنان، مؤكداً ان السنيورة يعمل لتذليلها لتأمين إيصال التعويضات والمساعدات إلى أصحابها من المتضررين، من دون أي وسيط. وفي شأن الرسالة التي تردد ان السنيورة سيبعث بها إلى مجلس الأمن باسم الحكومة، بعدما فوّضها مجلس الوزراء بذلك في جلسة سابقة، قال المصدر ان رئيس الحكومة يتريث في إرسال الرسالة إلى حين الانتهاء من رصد الأجواء في الأممالمتحدة، عندما ينصرف مجلس الأمن قريباً إلى مناقشة تقرير المستشار القانوني للأمين العام نيكولا ميشال في شأن المحادثات التي أجراها اخيراً في لبنان، لتسهيل إنشاء المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، من خلال المؤسسات الدستورية اللبنانية.