عَلَم التوحيد    لا منتصر بحرب الرسوم    عسل جازان.. قيمة غذائية وجوائز عالمية    مبيعات كمبيوترات «الذكاء الاصطناعي» تقفز 51 مليار دولار    إنشاء وزارة كفاءة الحكومة.. الأمر التنفيذي الأهم لإدارة ترمب    النفوذ الصيني في أعالي البحار يهدد الأمن القومي الأميركي    رمضان والحنين..!    كرة القدم والغوغاء    لاعبو الشركات الأغلى بين لاعبي خط الوسط    مجندات الوطن    قوة دعم الحرم للدفاع المدني تواصل جهودها في الحرمين الشريفين    تصدع الأرض ..صمام الأمان    العلا.. تضاريس ساحرة ونخل باسق    الإذاعة السعودية.. ماضٍ عريق وإرثٌ خالد    في معنى التأمل    مكة في عهد يزيد بن عبدالملك بن مروان.. استقرار إداري رغم التحديات السياسية    طيبة الطيبة.. مأرز الإيمان    المشي في رمضان.. رياضة وصحة    نصائح لمرضى الكلى في رمضان.. يجب الالتزام بأساليب التغذية السليمة    بريد القراء    الفتح يتغلّب على الرائد بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    الاتحاد يتغلّب على الرياض بثنائية في دوري روشن للمحترفين    النائب العام يقر إدراج الشبو من ضمن قائمة الجرائم الموجبة للتوقيف    تزامنًا مع يوم العلم السعودي.. "بِر جازان" تطلق مبادرة "حراس الأمن في عيوننا"    أكاديمية مسلية تتوج بالبطولة الرمضانية بفئاتها الثلاث    الصين تتفوق عسكريا على أمريكا    خناقة بمسجد!    تسلا تحذر من أنها قد تصبح هدفا لرسوم جمركية مضادة    دارة الملك عبدالعزيز تستعرض أبرز إصداراتها في معرض لندن الدولي للكتاب 2025    النائب العام يُقر إدراج الشبو من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف الرئيسية    الرويلي ينظم حفلاً ليوم التأسيس ويكرم جمعية المحترفين للبحث والإنقاذ    «هيئة بشؤون الحرمين» تخصص 400 عربة قولف لكبار السن وذوي الإعاقة    تشكيل الاتحاد المتوقع أمام الرياض    الهلال في صدارة تصنيف أندية قرعة دوري أبطال آسيا    افضل تجربة تصوير هاتف في فئته بالعالم: سلسلة CAMON 40 من TECNO    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة نورة بنت بندر بن محمد آل عبدالرحمن آل سعود    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية.. دولة السودان    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    عناوينه وثّقت محطات مهمة في تاريخ المملكة.. الموت يغيب خوجه خطاط «البلاد» والعملة السعودية    بحضور عدد من قيادات التعليم.. انطلاق «قدرات» الرمضانية في جدة التاريخية    إدخال السرور على الأسر المتعففة.. «كسوة» تطلق سوقها الخيري الخامس    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    المفتي ونائبه يتسلمان تقرير فرع الإفتاء بالشرقية    ارتفاع الفائض التجاري للمملكة خليجياً    77 حالة اشتباه بتستر تجاري    صندوق الموارد يدعم 268 شهادة مهنية    ضغوط تجاه «مقترح ويتكوف».. وتباين حول موقف «حماس».. الضبابية تخيم على «مفاوضات الدوحة»    عَلَمُنا.. ملحمتنا الوطنية    أمير القصيم يزور شرطة المنطقة ويشارك رجال الأمن مأدبة الإفطار    سعوديات يدرن مركز الترميم بمكتبة المؤسس    الزواج من البعيدة أفضل!    52 خزانا تنقل وتوزع المياه المجددة    الشباب شغوفون بالطائرة والمشي يستهوي الفتيات    غُرفة عمليات أجاويد 3 بخميس مشيط تحتفل بيوم العلم    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لفرع الإدارة العامة للمجاهدين بالمنطقة    دلالات عظيمة ليوم العلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير فينوغراد نصر "حزب الله" وهزم لبنان
نشر في الحياة يوم 14 - 05 - 2007

كان من المتوقع ان يثير تقرير لجنة فينوغراد نقاشات صاخبة في لبنان واسرائيل على حد سواء. التقرير الذي حمَل رئيس وزراء اسرائيل ووزير دفاعها فضلاً عن رئيس الاركان المستقيل مسؤولية الدخول في حرب مرتجلة والفشل في تحقيق اهدافها اعطى الجانب اللبناني من هذه الحرب دفعة قوية في السجال الداخلي حولها. لكن هذا السجال لمن يريد التدقيق فيه ملياً يبدو مغلوط النتائج على نحو فادح.
في طبيعة الحال ثار جدال لبناني في مواجهة النشوة التي غمرت"حزب الله"وقادته بعيد الإعلان عن نتائج التقرير. كأن هذا السجال يعيد التذكير بأن التقرير أتى ليحاسب الحكومة والمسؤولين الإسرائيليين على اخطائهم في تلك الحرب، وهذه نقطة من نقاط قوة اسرائيل على عكس ما يدعي"حزب الله". لكن هذه الحجة التي بليت لفرط استعمالها، لم تفت"حزب الله"اصلاً، وكان امينه العام اول المبادرين إلى اخذها في اعتباره، حين ابدى احترامه للجنة ورئيسها وللنظام الذي يسمح بإنشاء مثل هذه اللجان.
هذا كله بدا مفهوماً في السجال اللبناني الداخلي. لكن الثابت ايضاً ان هزيمة اسرائيل لا تنفي واقع ان لبنان تكبد خسائر هائلة في تلك الحرب ويجدر باللبنانيين ان يأخذوها في اعتبارهم بصرف النظر عن اهمية وضرورة الاحتفال بالنصر الذي تحقق.
على اي حال، يبدو انكار الفشل الإسرائيلي في هذه الحرب من قبيل المكابرة التي تقع في غير محلها وسياقها التاريخيين والسياسيين على حد سواء. بل ان الفشل الإسرائيلي في تلك الحرب، بدا معبراً في هذين السياقين على نحو يدعونا، نحن اللبنانيين خصوصاً، والعرب عموماً، إلى التفكير ملياً وجدياً في معنى هذا الانتصار على المستويين التاريخي والسياسي.
من نافل القول ان حكومة اسرائيلية بقيادة برلماني لامع، على ما يصف المعلقون الإسرائيليون ايهود اولمرت، ليست من الأمور المألوفة في اسرائيل. فالغالب على رؤساء حكومات هذه الدولة التي ولدت وترعرعت في المعارك وصقلتها الحروب المتتابعة، تحدرهم من اركان الجيش الإسرائيلي، مما يجعلهم اقدر على التعامل مع التهديدات العسكرية والامنية التي يمكن ان تتعرض لها الدولة العبرية. ونادراً ما ضمت حكومة يرأسها برلماني كأولمرت وزيراً للدفاع لا يملك تاريخاً عسكرياً حافلاً. وغني عن القول ان اجتماع هاتين المصادفتين في حكومة اولمرت كان سبباً اساسياً من اسباب فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق اهدافه. لكن الهزيمة الإسرائيلية لم تكن اكثر من فشل في تحقيق الأهداف العسكرية. ومرد هذا الفشل، ان الجيش الإسرائيلي لم يكن يملك وسيلة ناجعة لجعل مقاتلي"حزب الله"ينهزمون ويتراجعون. فهؤلاء لا تلوي الخسائر الكبيرة التي تعرض لها لبنان سواعدهم. فالحفاظ على لبنان دولة ونظاماً لم يكن اصلاً من اولويات قادة"حزب الله"في هذه الحرب وفي ما سبقها وتلاها. والحق ان قدرة اسرائيل على تدمير بنية الدولة اللبنانية او الدولة السورية او اي دولة عربية اخرى تكاد تكون شاملة وليس ثمة ما يعوقها اصلاً. وليس ثمة من يناقش في لبنان والعالم العربي في هذه القدرة الإسرائيلية. مما يعني ان الدولة الإسرائيلية لا تزال منتصرة على الدولة العربية من المحيط إلى الخليج. لكن ما لم تنجح الدولة الإسرائيلية في تحقيق نصر عليه هو بالضبط هذه الحركات العسكرية التي لا تقيم لبنية الدولة المحلية وزناً او حساباً على غرار"حزب الله". على نحو ما كانت الحال معاكسة تماماً في اربعينات القرن الماضي. إذ لم يكن لدى عصابات الصهاينة المسلحة ما تخسره على مستوى بنية الدولة الإسرائيلية التي كانت قيد التشكل يومذاك، في حين كانت الدول العربية تملك الكثير مما تخسره في اي حرب مع تلك العصابات.
لكن وقائع هذه العقود الطويلة من الحروب العربية - الإسرائيلية اوصلت المنطقة إلى نتائج مغايرة تماماً عما كانت عليه في اربعينات القرن الماضي وثلاثيناته. حيث تدمرت بنى الدول العربية في اكثر من موقع ومكان، وتأصلت بنية الدولة العبرية، وباتت تملك حضوراً لافتاً. وعشية مؤتمر مدريد كان هذا التباين واضحاً بين الخصمين. فمن جهة اولى ثمة دول عربية عاجزة عن الدخول في حروب مع اسرائيل وتجر هزائمها نحو مدريد جراً، وثمة دولة اسرائيلية راسخة ولها حضورها الاقتصادي والثقافي والسياحي والسياسي في العالم اجمع.
مقاومة"حزب الله"ضد اسرائيل انطلقت اصلاً وأساساً من خارج بنية الدولة اللبنانية في كافة مستوياتها ومجالاتها كافة. لذا لم تكن الخسائر اللبنانية الصافية في اي حرب بين الجانبين تفت في عضد المقاومين وتدفعهم إلى التراجع. والحال كان"حزب الله"يربح حروبه على حساب طرفين متعارضين: الدولة اللبنانية نفسها، والدولة العبرية. لكن الفارق بين الخسارتين لم يكن ابداً في مصلحة الدولة اللبنانية على اي وجه من الوجوه. فبين القدرة الإسرائيلية على تدمير الدولة اللبنانية تدميراً كاملاً مثلما اقترح دان حالوتس في تلك الحرب وعارضه عمير بيريتس، وقدرة"حزب الله"على ايذاء الدولة العبرية ثمة فارق مستقبلي لا يمكن تجاهله ابداً.
في هذا الصراع، تفشل إسرائيل إذا لم يكن بقاء الدولة اللبنانية على رمق جزءاً من حسابات المقاومين. اي ان اسرائيل تفشل حين يكون لبنان دولة وكياناً ونظاماً غير ذي اهمية لمن يدافع عنه، وتنتصر فعلاً حين يكون لبنان الدولة، القوية والعادلة على ما يريد"حزب الله"، محل اجماع وطني من المقاومين وغير المقاومين على الدفاع عنها.
ثمة الكثير من الملاحظات التي يمكن سوقها على اداء الدولة اللبنانية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. لكنها المرة الأولى، ربما، في تاريخ المقاومات التي تكون فيها المقاومة بالغة الخطورة على الوطن وعلى احتمال بقائه.
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.